لماذا وإلى أين ؟

الشرقاوي يشكك في دوافع الاتفاق المغربي الأمريكي.. وصبري يرافع بالعكس

اعتبر محمد الشرقاوي، الباحث المغربي وأستاذ تسوية النزاعات الدولية بواشنطن، أن الإعلان الرئاسي الذي وقعه دونالد ترامب للاعتراف بمغربية الصحراء له دلالة ضعيفة من الناحية القانونية والسياسية في السياق الأمريكي، وذلك لسهولة إلغائه، معتبرا إياه مجرد “أداة عملية” في السياسة العامة، وأنه ولا يرقى إلى مستوى معاهدة أو صيغة قانونية ملزمة يقرها مجلس الشيوخ في الكونغرس.

الشرقاوي قال إن هناك ما سماها منطقة رمادية تنتابها الضبابية في تأويل الموقف المغربي”، لافتا إلى أن “ما يقدمه الرئيس ترمب بمثابة ملعقة تجتمع فيها جرعتان مختلفتان، جرعة حلوة التذوق بعزمه فتح قنصلية أمريكية في الداخلة، قد يروّج لها مسؤولو الخارجية والجهات المركزية بأنها فتح مبين في استمالة الموقف الأمريكي، وجرعة علقمية المذاق تحشر مشروع التطبيع مع إسرائيل في حلق المغرب عنوة، فيما يثير ترمب لعابهم السياسي بتقديم “اعتراف” أمريكي بمغربية الصحراء في هذه المرحلة، ومما يزيد في تحلية الصفقة قبول واشنطن بدء المحادثات بشأن تزويد المغرب أربع طائرات من دون طيار”.

وأبرز الشرقاوي أنه لا يكمن قياس ما يعد به ترمب المغاربة بقنصلية في الداخلة، بل فيما إذا كانت واشنطن ستضع ثقلها لاستصدار قرار في مجلس الأمن في نيويورك، وينبغي أن يستحضر المرء أن هذا الغزل السياسي مع الرباط لصالح نتنياهو يأتي قبل أربعين يوما من موعد تسلم بايدن الرئاسة، وتولي ليندا توماس غرينفيلد منصبها على رأس البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة.

قبل أن يخلص إلى أن “المسؤولين في الرباط ربما فكروا مليّا فيما كانوا سيقدمون عليه مع ترمب ونتنياهو خلال العامين الأخيرين بمنطق الصفقات والمكاسب مقابل التنازلات، لكن ما لم يمر في خلدهم على ما يبدو أن يذهب الخطاب الإسرائيلي إلى حد اعتبار الوجود المغربي في الصحراء مساويا للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، فلا تدعوا لُعابكم يسيل بانتظار القنصلية، فينسيكم سموما أخرى في “هدية” ترمب”.

تشكيك الشرقاوي في مرسوم الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء اعتبره صبري لحو، المحامي والخبير الدولي في ملف الصحراء، حاملا لـ”دوافع سياسية” وليست قانونية، مشددا على أن الشرقاوي “ارتكب أخطاء قانونية، أرجو أن تكون من باب المخطئ وليس بقصد المغالطة والتضليل”.

واعتبر صبري أن “الشرقاوي وضع أثقالا وشروطا لصحة الاعلانات الرئاسية لرئيس الولايات الأمريكية، وهي قيود غير واردة في الدستور الأمريكي، ولا تحتملها طبيعة المرسوم الرئاسي الأمريكي كاحدى وسائل تصريف الرئيس الأمريكي لصلاحياته الدستورية”.

وعكس ما ذهب إليه البعض، يرى صبري أن “ربط صحة المرسوم بصدور قانون من الكونجرس الأمريكي هو علاقة غير موجودة في الدستور الأمريكي، الذي هو رئاسي، فسلطات الرئيس محددة فيه، ومنها اتخاذ المراسيم ذات الأثر الفوري، وتنفذها مباشرة بتوقيعها على الأصل”، مبرزا أن “الربط الذي يقيمه الأستاذ الشرقاوي يجعل الرئيس خاضع لرقابة الكنجريس بضرورة المصادقة على مراسيمه، وهو الشيء غير القائم في الدستور الأمريكي. بدليل فورية التنفيذ، ولكون الأخير هو الذي يضعه الدستور تحت رقبة الرئيس من خلال تعليق تنفيذ قوانينه على توقيعه، وامكانيات الرئيس طلب اجراء قراءة أولى وثانية على نفس القانون قبل منحه توقيعه”.

ورغم أن للكنغريس الحق في إلغاء الاعلان الرئاسي، لكن ذلك مرتبط بشرط حصول أغلبية الثلثين، وهو أمر ليس مستحيلا لكنه صعب التحقق، لأن توفر هذا النصاب لا يسمح فقط بالالغاء بل بمحاسبة الرئيس وعزله، كما يشرح الخبير ذاته، قبل أن يوضح أن مسطرة المحاسبة والعزل لم يفلح فيه الكونغريس خلال محاولات عزل ومحاسبة الرئيس ترامب بعد فضيحة تدخل روسيا في انتخابات فوزه وفضيحة الفساد المسرب من قنصلية اوكرانيا، كما أنه طوال حياة الدستور الأمريكي نجح فقط ثلاث مرات في اثنتين، والثالث استقال الرئيس قبل تمام مسطرة العزل.

ويتابع صبري قراءته القانونية قائلا: “مجمل القول أن الكونجريس لا يملك حق توقيف تنفيذ مراسيم الرئيس، كما أن أمر تنفيذها لا يخضع لمصادقة الكنجريس. والقراءات في هذا الباب لا تستند على أساس قانوني دستوري أمريكي”. مشيرا إلى أن القضاء الأمريكي لا يتدخل لوقف تنفيذ المراسيم الرئاسية إلا في حالة مساسها بالحقوق والحريات الأساسية للمواطنين الأمريكيين أفرادا وجماعات، مع شرط وجود مدع يلجأ إليه بذلك الطلب مدعيا تضرر حقوقه الدستورية مباشرة من المرسوم. ويطلب توقيفها في مواجهته، بشرط توفر الطالب على ركني الصفة والمصلحة لقبول دعواه أمام القضاء. وفي نهاية مسار الدعوى ونقلها أمام المحكمة العليا فهي المؤهلة في نهاية مطاف ودرجات التقاضي لفحص دستورية المرسوم الرئاسي، بحيث أن المحاكم الدنيا لا تملك ذلك الحق”.

وفي حالة استجابة القضاء لطلب التوقيف فإن أثره ينسحب فقط على الطالب ولا يطال المرسوم تنفيذ المرسوم الرئاسي على باقي امريكا ولايات وأشخاصا وادارات ومؤسسات، يشرح صبري الذي شدد على أن القرار الأمريكي سيادي و تأثيراته الخارجية لا تمس بصدقيته وحجيته.

ويرفض المتحدث نفسه ربط علاقة بين صحة الإعلان وتأثيراته المحتملة خارج أطرافه المعنية، لافتا إلى أن “سلامة وقانونية المرسوم الرئاسي الأمريكي ليست مرتبطة بتحقيق الاعلان لوقع ايجابي من داخل مجلس الأمن الأممي، بحشد قناعة بقية الدول الأعضاء بمغربية الصحراء”، وخلص إلى أن “الدستور الأمريكي لا علاقة له بمجلس الأمن وبأعضائه، بصحة المرسوم الرئاسي الأمريكي بمغربية الصحراء او جديته”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x