لماذا وإلى أين ؟

القنيطرة .. مدينة على هامش العاصمة

محمد الراشيدي

منذ أن سجلت الحالات الأولى لجائحة covid 19، سارعت المملكة المغربية إلى القيام بعدة إجراءات، للحد من انتشار الوباء والتقليص من رقعته. ولكي تكون هذه الإجراءات والقرارات ذات جدوة وفعالة منحت صلاحيات اتخاذ القرار للسلطات المحلية، متجسدة في الولاة والعمال والقياد ورجال الامن، بكافة رتبهم، وذلك بغية تسهيل التدبير وملائمته مع حاجيات السكان ومتطلبات كل منطقة على حدة. حيث حددت لجان وطنية جهوية ومحلية، أطلق عليها لجان اليقظة، لتتبع تطور الوباء واتخاذ القرارات الملائمة.

في نفس السياق عرفت القنيطرة مثلها مثل باقي المدن المغربية إجراءات كان الغرض منها محاولة تطويق المرض، والحيلولة دون انتشاره. غير أن المتأمل لحال القنيطرة والقنيطريين هذه الأيام، سيلاحظ لا محال كمية الغيض والحنق الذي يستشعرها هؤلاء نتيجة مشاعر “الحكرة” النابعة من القرارات والإجراءات الصارمة التي واكبت عملية الحد من انتشار وباء كورونا في المنطقة. إذ لا يخفى على أحد أن القنيطرة قد عاشت ردحا من الزمن تحت طائلة احكام وقرارات وقوانين خانقة بل ومدمرة للاقتصاد المحلى. ونحن في هذا المقام لا نسعى إلى اتهام أي طرف من الأطراف، ولا تقييم الإجراءات، وإنما نتغيا من خلال هذه الورقة فهم هذا الواقع السريالي الذي باتت تعيشه المدينة.

لقد عرفت المدينة منذ الشهور الأولى للحجر الصحي، خصوصا بعد بؤرة لالة ميمونة، مجموعة من الإجراءات التي قيدت الحركة في المدينة تجلت على سبيل المثال في إغلاق الشواطئ والمنتزهات مثل “سيدي بوغابة”، واقفال النوادي الرياضية، وفرض توقيت مبكر لإغلاق المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية… هذا ناهيك عن وضع حواجز وسدود قضائية على مداخل ومخارج مدينة القنيطرة. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم الاجهاز على العاب الأطفال الموجودة داخل الأحياء السكنية وتفكيكها… هذه القرارات جعل الصغير قبل الكبير يتساءل عن جدوها في الحد من الوباء؟ وهل المقاربة الأمنية هي الحل الوحيد للقضاء عليه؟

أسئلة ما تلبت تتزايد وتتضخم، خاصة حينما يقارن المواطن القنيطري الحالة الوبائية في المدينة، مع نظيراتها في المدن المجاورة، فيكتشف أن سكان هذه المدن، التي تفوق أعداد المصابين فيها ما يتم إعلانه في مدينته، يكتشف أن هؤلاء يعيشون في حالة رخاء بعيدا عن القلق الذي يعتري القنيطريين كلما حل ميعاد إغلاق المحلات والمقاهي، فتنقلب الشوارع إلى جحيم يصير الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.

لقد تضررت الكثير من القطاعات في هذه المدينة الواعدة، جراء هذه القوانين والقرارات، التي أرغمت الكثيرين إلى اقفال مشاريعهم التزاما بالقانون، حتى بلغ بعضهم حد الإفلاس. وصار أغلبهم بعاني الأمرين للحصول على لقمة العيش، خصوصا أولئك الذين يمتهنون حرفا مرتبطة بالمجالات التي طالها الإغلاق لأكثر من ثلاثة أشهر مثل مؤطري النوادي الرياضية، ندل المقاهي والمطاعم، والمشتغلون والمشتغلات في صالونات التجميل والحلاقة والحمامات. وعلى ذكر هذه الأخيرة وجب التذكير أنها تعتبر بالنسبة للكثير من السكان في المدينة الملجأ الوحيد للاغتسال والتطهر، خصوصا عندما تنخفض دراجات الحرارة كما هو الحال في أيام الناس هذه. ألا يعلم المسؤولون في هذه المدينة أن هناك أسر لا تمتلك حمامات خاصة، بل وبعضها يتقاسم المرحاض مع الجيران؟ فكيف لهؤلاء أن يعانقوا النظافة هم وأبناؤهم والمكان الوحيد الذي سيمكننهم من ذلك مغلق لشهور، حتى صار بعضهم يشد الرحال إلى المدن المجاورة لكي ينظف جسده ويتطهر. إذا كان الدافع وراء الاغلاق هو الازدحام، فالأحرى إيقاف عربات النقل التي تجوب المدينة، لأنها الأكثر عرضة للتحول لبؤرة لنقل المرض اللعين، لما تعرفه من ازدحام طوال اليوم.

نعلم أن بلدنا الحبيب يمر بأزمة صحية صعبة، شأنه في ذلك شأن كل دول المعمور، وان هذه الأزمة تستوجب القيام بالكثير من الإجراءات التي ما اعتادها المواطن، لكن ما لا نفهمه هو لماذا توجد انتقائية في التذبير؟ ولماذا التساهل مع قطاعات دون أخرى؟

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
فاعل خير
المعلق(ة)
10 يناير 2021 14:04

راك غاية بلا مراية و كلشي ديال مولانا

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x