لماذا وإلى أين ؟

عصيد يكتب: من أجل إعدام ظاهرة اغتصاب الأطفال في المغرب

أكدت الأحداث والوقائع ما ذهبنا إليه خلال النقاش الذي أثارته الجريمة الشنعاء التي أودت بحياة الطفل عدنان بطنجة، وقلنا آنذاك إن المطالبين بإعدام المجرم يريدون التخلص من الوجه القبيح للمجتمع، بالهروب من مناقشة ومعالجة المشكل الحقيقي وما يرتبط به من محرّمات عائلية واجتماعية، كما أكدنا على أن قتل المجرم لا يؤدي إلى إنهاء الجرائم، وأن الأولى إلغاء عقوبة الإعدام والمعاقبة على الجرائم الشنيعة بالسجن المؤبد مدى الحياة، بدون أية إمكانية للعفو أو تخفيض العقوبة، مع اعتماد مقاربة سوسيوـ تربوية تضع حدا للمشاكل الحقيقية التي تكرس وضعية اختطاف واغتصاب الأطفال بالمغرب. وأكدنا أكثر من مرة على أن المجتمع الذي لا يتحرك ضميره إلا عند قتل الأطفال، ولا يعير أي اهتمام لاغتصابهم والاعتداء الجنسي عليهم هو مجتمع يعاني من مشكل حقيقي في فهم معنى الطفولة وقيمتها.

وها قد أظهرت الأحداث المتوالية صحّة ما ذهبنا إليه، فخلال الحملة نفسها التي شنها المجتمع من أجل الدعاية للإعدام والقتل حدث اختطاف العديد من الأطفال والاعتداء عليهم جنسيا في مختلف مناطق المغرب، كما أنّ صدور حكم الإعدام لم ينه الظاهرة الشنيعة التي ما زالت تبعث الهلع في صفوف العائلات المغربية حتى الآن.

ونُذكر ها هنا بالخطوات العملية الضرورية التي على المغرب انتهاجها إذا أراد إعدام ظاهرة اختطاف الأطفال واغتصابهم، والتي تتسبب أحيانا في قتلهم:

ـ ضرورة العمل على تغيير مفهوم الطفولة في وعي المجتمع المغربي، ومحاربة النظرة الأداتية التي تجعل الطفل في منظور الكثيرين مجرد وسيلة لقضاء أغراض مختلفة ومنها السخرة العائلية، واعتباره عكس ذلك شخصا مقدسا ومحور اهتمام العائلة ورعايتها وعطفها، وذلك بترسيخ ثقافة حقوق الطفل كما هي متعارف عليها عالميا.

ـ تأطير العائلات المغربية عبر وسائل الإعلام والمدرسة وقنوات الإرشاد اليومي بضرورة عدم التراخي في ترك أبنائهم وبناتهم لساعات طوال في الشارع، والحفاظ على علاقة حوار داخلي يومي معهم، وتشجيعهم على البوح والتعبير الحرّن والتخلي بصفة نهائية على ثقافة “الحشومة” وصنع الطابوهات غير الضرورية.

ـ تغيير المنهج التربوي المعتمد في المدرسة المغربية، والذي يعتبر أن الطفل أشبه بصندوق أو جرّة نملأها بالمعلومات والقيم والأجوبة الجاهزة، وإرساء نظامنا التربوي على الحرية والمبادرة واستقلال الشخصية ونسبية الحقيقة، وذلك من أجل إفساح المجال أمام نمو المهارات والقدرات الذاتية للطفل وخاصة ملكات الملاحظة والنقد والتقييم.

ـ إدراج مادة التربية الجنسية ضمن البرامج التعليمية منذ سنوات الابتدائي، وذلك لجعل الطفل يقظا وعلى وعي تام بجسده وبضرورة التمييز في سلوكات الغير في محيطه العائلي والمدرسي بين المعاملات الطبيعية والمشبوهة.

ـ إنشاء لجينات جهوية لليقظة وحماية الطفولة بشراكة مع المجتمع المدني، تكون مهمتها رصد الظواهر المشبوهة وتقييم أداء المؤسسات وكذا توعية آباء وأمهات الأطفال بالمخاطر المختلفة المحدقة بأطفالهم.

ـ توفير قنوات التبليغ اللحظي عن الجرائم والسلوكات المشبوهة، والاستجابة العاجلة والجدّية لنداءات المواطنين وتحذيراتهم. وقد أظهرت الأحداث الكثيرة التي تلت اغتيال الطفل عدنان بان يقظة المواطنين واهتمامهم بالأطفال وملاحظتهم للسلوكات المشبوهة تؤدي إلى إنقاذ الكثير من أطفال من براثن مغتصبيه.

ـ إحداث قطيعة نهائية مع معجم ومضامين ومفاهيم الفقه الإسلامي التراثي الذي لا يعترف بالطفولة، ويتحدث عن “نكاح الصغيرة” وعن “المردان” المثيرين لشهوات الكبار وعن تحجيب الطفلات لإخفاء “مفاتنهن”، ما جعل الكثير من الفضاءات الدينية تشكل خطرا حقيقيا على الأطفال ذكورا وإناثا.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Mohand
المعلق(ة)
22 يناير 2021 21:07

في الوقت الراهن الحكم بالاعدام وتنفيذه هو الحل إلى غاية ابتكار ثورة ثقافية وفلسفية ل النهوض بالمجتمع وغرس تلكم التعليمات التي جاءت في المقال الحل هو الاعدام الى تكون هناك ارضية قابلة ل التغيير فكرت ونجمت كثيرا وجدت ان السياسة والسياسيين في المغرب غير مهتمين

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x