لماذا وإلى أين ؟

البكاري: حملة التلقيح كشفت أرقاما مخيفة لنسبة المقاطعين للانتخابات (حوار)

يبدو أن تفشي جائحة كورونا بالمغرب بقد ما هي نقم على المملكة فهي نعمة كذلك، لكونها عرت على العديد من مكامن الخلل، سواء تلك المتعلق بقطاع الصحة أو التعليم أو التشغيل، بل وكشفت عن حقيقة المشاركة السياسية ونسبة المقاطعة الحقيقية للاستحقاقات الانتخابية.

فمن خلال الحملة الوطنية للتلقيح، تم الكشف عن نسبة من يحق لهم التصويت، ذلك لكون الحملة ستشمل من هم فوق 18 ستة، وعددهم 30 مليون نسمة، أي نفس العدد الذي يحق له التصويت، فيما عدد المسجلين باللوائح الانتخابية بعيد كل البعد عن هذا الرقم.

“لقد كشفت هذه العملية بالنظر إلى أنها تستهدف الأشخاص الذين تجاوزوا 18 سنة، أن الأرقام المتداولة حول العزوف عن التصويت يجب إعادة النظر فيها، فإذا كان من يتوجهون نحو صناديق الاقتراع لا يتجاوزون في أحسن الأحوال 7 ملايين”، يقول المحلل السياسي خالد البكاري في حوار أجرته معه “آشكاين” حول الرسائل السياسية للحملة الوطنية للتلقيح.

نص الحوار كاملا:

كيف ترى إطلاق المغرب لحملة وطنية للتلقيح؟
أعتقد أنه لا يمكن إلا الإشادة بانطلاق هذه الحملة، خصوصا حين نقارنها بما يقع عالميا من صعوبات في الحصول على اللقاحات، أو من مشاكل في سلاسل التوريد، صحيح أنه حصل تأخير عن الموعد الذي تم التصريح به أول الأمر كتوقيت لانطلاق العملية، وهو توقيت لم يكن منطقيا بالنظر لما كان معروفا وقتها على الصعيد العالمي، وهذا التأخير مع تضارب التصريحات سواء الصادرة عن وزارة الصحة أو رئاسة الحكومة أو اللجنة العلمية ، يبين ضعف الالتقائية، وعدم تحديد المسؤوليات بدقة، إضافة إلى غياب الصراحة والوضوح، فقد عمدت كل هذه الجهات في مرحلة ما إلى إنتاج خطابات التطمين ولو بناء على “اختراع” معطيات سرعان ما سيتم التصريح بنقيضها، من مثل مثلا التشكيك في فعالية لقاح سينوفارم حين تأخر وصوله، للإيحاء بأن الجهات المغربية هي التي لم ترخص له، ثم بعد يومين يتم الترخيص له والإشادة به.

ولكن عموما نتمنى النجاح لهذه لهذه العملية، فقط نتمنى أن يكون الوضوح هو سيد المرحلة، خصوصا من طرف اللجنة العلمية التي بدأت تمارس وظائف سياسية أحيانا قد تخل بمصداقية أعضائها.

هل تعتقد أنه قد تم تسيس هذه الحملة؟
حتى نكون موضوعيين، كل ماهو مرتبط بالسياسات العامة هو قابل للتوظيف السياسي، بما فيه السياسات الصحية، ليس في المغرب فقط، بل في العالم كله،
في المغرب يمكن أن نتحدث عن أشكال متعددة من التوظيف، من مثل استغلال التوقيع الأول على التفاهمات مع شركة سينوفارم الصينية في وقت مبكر لتضخيم أدوار الملكية وتقزيم أدوار الحكومة، مما ورط الملكية نفسها في ضمانات لم يتم الإيفاء بها، وكذلك تم تصوير تلك التفاهمات باعتبارها تندرج في السياسة الخارجية الجديدة المنبنية على تنويع الشركاء، قبل أن يتم الحديث بعدها وفي تناقض كبير أن الإعلان الرئاسي لترامب بشأن سيادة المغرب على الصحراء هو بسبب دور المغرب في محاصرة التغلغل الصيني بإفريقيا، ثم تم توظيف ذلك الاتفاق الأولي للحديث عن السياسة الإفريقية للمغرب، وأن المغرب سيصبح منصة لإنتاج ذلك اللقاح وتصديره للدول الإفريقية ، وهذا هو سبب مشاركته في التجارب السريرية، ليتبين لاحقا أنه حتى لقاح سينوفارم الذي تم استيراده هو ذاك الذي تم إنتاجه في مختبرات بيكين، وليس الذي تم إنتاجه في مختبرات ووهان الذي أجريت به التجارب السريرية بالمغرب، دون أي توضيح من الجهات المسؤولة لمآلات الاتفاق الأول .
والغريب في الأمر هو أنه في كل هذه المحطات كان يتم تضخيم أدوار الخارجية رغم أن كل وعودها لم تتحقق تقريبا، فيما كان يتم تحميل الفشل لوزارة الصحة.

ما هي أهم الرسائل الضمنية لهذه الحملة الوطنية؟
قبل الحديث عن الرسائل الضمنية، هناك رسالة واضحة، وهو أن الدولة رغم انتقاداتنا لها ظهرت أكثر جاهزية مقارنة بدول تشبهنا في الإمكانيات، وأحيانا أفضل من دول تفوقنا إمكانيات، ولذلك فعاد جدا أن يتم توظيف هذه العملية في تجديد مصادر الشرعية، وتبقى الرسالة الضمنية هي أن المؤسسة الملكية والمخزن باعتباره الدولة العميقة هما المؤسستان الأكثر قوة وتنظيما وتحكما، وهي حقيقة، فقط يجب الحذر من المبالغات والوعود التي لا توجد ضمانات على إمكان تحققها، نحن في البداية والمنافسة على اللقاحات على أشدها مما يتطلب العمل الكثير والإحجام عن خطابات المباهاة، وتأجيلها إلى ما بعد النجاح النهائي لعملية التلقيح، وهو ما نتمناه جميعا.

هل تعتقد أن جائحة كورونا وحملة التلقيح سيكون لهما دور في نسبة المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟
لقد كشفت هذه العملية بالنظر إلى أنها تستهدف الأشخاص الذين تجاوزوا 18 سنة، أن الأرقام المتداولة حول العزوف عن التصويت يجب إعادة النظر فيها، فإذا كان من يتوجهون نحو صناديق الاقتراع لا يتجاوزون في أحسن الأحوال 7 ملايين ، فإن 8 ملايين من المسجلين في اللوائح الانتخابية، وأكثر من 15 مليون غير مسجل، كلهم يعبرون عن عدم اقتناعهم بجدوى المشاركة السياسية، وهذه أرقام مخيفة، تعني أن مؤسسات الوساطة من أحزاب ومجالس منتخبة  فاقدة للثقة، وبالتالي فاقدة للشرعية الشعبية، ومن ثم للشرعية التمثيلية، لكن من جهة أخرى فوزارة الداخلية القادرة على الوصول لكل المواطنين وتحديد الأماكن التي سيلقحون فيها انطلاقا من أرقام بطائقهم الوطنية، قادرة على تحيين اللوائح الانتخابية، بما يجعل التصويت بالبطاقة الوطنية فقط ممكنا، دون اللجوء للتسجيل الطوعي للمواطنين في اللوائح، وامتناعها عن هذا الأمر رغم قدرتها عليه، يعني تواطئ ضمني بين الداخلية والأحزاب على أن تبقى الحال على ما هي عليه، فمن شأن حذف إجبارية التسجيل في اللوائح من أجل التصويت، إما أن تتوسع دائرة المصوتين ، وقد تكون النتائج على غير ما يشتهيه صناع الخرائط، أو أن لا يقع تغيير كبير في عدد المصوتين ، ولكن سنكون أمام نسبة لا تتجاوز في أفضل الأحوالي 20%،،

على العموم لا أعتقد أن ما يمكن أن يعتبر نجاحات في تدبير اقتناء اللقاحات أو مجمل التعامل مع جائحة كورونا يمكن أن يؤدي إلى رفع نسبة التصويت، لأنه ببساطة كل النجاحات تمت نسبتها للمؤسسة الملكية أو الداخلية وأحيانا حتى للخارجية، فيما كل الإخفاقات تمت نيبتها للحكومة والوزراء الحزبيين والمجالس المنتخبة،

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
اليزيدي
المعلق(ة)
6 فبراير 2021 20:23

تلعب “أم الوزارات” الدور المحوري والاساسي في غالبية التدبير المرتبط بتنمية المغرب،كما تلعب نفس الدور في الانتخابات(تسجيل وتنظيم وتتبع واخراج النتائج بعد “هندستها”) ،كما أن الاحزاب السياسية خاضعة لها،
لذلك ،نستنتج أن التسجيل والتصويت من عدمهما،سيان،وتحبذ” أم الوزارات” النمط الثاني،لانه أسهل ،ويبقي على الوضع على ماهو عليه…
انها بحق لمهزلة …

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x