2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ما هي دلالات الحكم بالحبس الموقوف التنفيذ على نشطاء الفنيدق؟

قضت المحكمة الابتدائية بتطوان، يوم أمس الثلاثاء 17 فبراير الجاري، الحكم على المعتقلين الأربعة في قضية احتجاجات الفنيدق بستة أشهر حبسا مع وقف التنفيذ، وهو ما فتح نقاشا واسعا لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين من اعتبره بادرة لانفراج سياسي مرتقب في عدد من الملفات الاحتجاجية، وبين من مضى يعدد في باقي الاحتجاجات المتتالية في الأيام الأخيرة، وعدة سعي الدولة لاحتوائها.
وفي هذا الصدد، قال الطيب استاتي، أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي، بجامعة عبد المالك السعدي، إن “أجهزة الأمن المغربية أصبحت لها الخبرة الكافية للتصرف مع الحركات الاحتجاجية، جراء التراكمات السابقة، فالملاحظ أن السلطات عملت على ضبط النفس خاصة في الأيام الأولى بهدف الحفاظ على الأمن العام، لتفادي أي سوء فهم أو تقدير، ومن جهة ثانية إخفاء حدة هذه المسيرات”.
“المؤشر الأمني يحيلنا لما نعتبره يُحسب للتجربة المغربية”، يضيف استاتي، مردفا “أنه عندما قررت المحكمة الابتدائية بتطوان الحكم على المعتقلين الأربعة، استحضرت التحول الديمقراطي، وما راكمته التجربة المغربية من ملفات سابقة، ومستشرفة ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع مستقبلا، الشيء الذي اعتبره الكثير من الحقوقيين والمهتمين خطوة أولى إيجابية لتهدئة الأوضاع، ثم بداية انفراج سياسي بعد أكثر من أسبوع على المدينة”.
وزاد استاتي في حديثه مع “آشكاين” أن “مسار الإصلاحات في المغرب لا يمكن القول إنه وصل إلى مداه ولكن هناك مضي نحو التطور كيفما كان الحال”، مؤكدا ” أن ما يشير لذلك هو “مضاعفة السلطات جهودها لاحتواء الوضع، انطلاقا من عقد اجتماعات مع منتخبي المنطقة، ونأمل أن تكون هذه الواقعة القانونية ليوم أمس، بداية لحل وطي هذا الملف”.
وعن معاناة ساكنة المدينة منذ أن قرر المغرب إغلاق معبر مدينة سبتة، في ديسمبر 2019، ختم أستاذ الفكر السياسي، أن “الاحتجاجات أتت لإنقاذ المدينة من هشاشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الخانقة، جراء استمرار إغلاق معبر سبتة وعدم إيجاد بدائل اقتصادية للسكان، ويمكن فهم ذلك بشكل جلي بالرجوع إلى الشعارات التي رُفعت أثناء الاحتجاجات، من طرف الساكنة المتذمرة من الإغلاق”، مبرزا أن “عدم التدخل وضبط النفس، والحوار مع المشاركين والحيلة دون الدخول في انزلاقات أمنية، يحيل إلى تجربة المغرب نحو البحث عن حل للانفراج”.
لا يمكن تأويل هذا الحكم القضائي
من جهته، قال أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، إنه “لا يمكن التوسع في تأويل هذا الحكم القضائي في ظل عدم تدخل السلطة التنفيذية المتمثلة في المؤسسة الملكية أو إثارة هذا الملف بشكل قوي من لدن الجهات الأخرى سواء البرلمان أو المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، ميرا “غير أن الدولة فتحت ملف معتقلي الريف من خلال العفو على بعض المعتقلين في أفق بدل مجهود إضافي واستثنائي لتصفية هذا الملف ليكون أرضية لانفراج سياسي وحقوقي استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة”.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن “قضية الفنيدق تحيل من الناحية القانونية على حكم قضائي موقوف التنفيذ، وهو ما يعني من الناحية الدستورية أن هذا الملف بغض النظر عن حيثياته الاحتجاجية والحقوقية، فإن تدبيره تم من المدخل القانوني الذي يستمد مبادئ ومنطلقات الكبرى من الوثيقة الدستورية التي تنص على أنه لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون، ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون، يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون، كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون عليها”.
وفيما يمكن اعتباره استفادة الدولة من أخطائها، أضاف السعيد “وجب التذكير بأن المغرب راكم تجربة منذ التسعينات في التعامل مع الظاهرة الاحتجاجية التي برزت مع حركة المعطلين وتنامت مع تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار في ظل حكومة عباس الفاسي، مما نلمس أن الدولة اكتسبت خبرة في التعامل مع الحراك المجتمعي، ولاحظنا كيف استطاع ذكاء الدولة أن يمتص احتجاجات أحداث كدي ميزيك، و 20 فبراير وأحداث الريف وجرادة من خلال تقديم العديد من الإصلاحات السياسية والدستورية كجواب عن المطالب المجتمعية”.
“أضحت المملكة المغربية تتفاعل وتتجاوب بطرق مختلفة مع المطالب الاحتجاجية” يضيف السعيد موضحا أن ذلك “من خلال المزاوجة بين المقاربة الديمقراطية والمقاربة السلطوية المبنية على فكرة الحفاظ على هيبة الدولة واستمرار سير المؤسسات الدستورية، حيث أحيانا ترفض السلطات الترخيص ببعض الوقفات أو المسيرات ولكنها في نفس الوقت لا تقوم بمنعها، وأحيانا تستعمل الدولة العنف لتفريق المحتجين”.