لماذا وإلى أين ؟

الغلوسي يعدد تمار عشر سنوات على إنطلاق الحراك الشعبي المغربي

محمد الغلوسي*

خرج الناس يوم 20 فبراير إلى الشوارع للإحتجاج ضد الفساد والإستبداد والمطالبة بديمقراطية حقيقية وفصل للسلط وتوزيع عادل للثروة وتوسيع دائرة الحريات وصون كرامة بني البشر وصيانة حقوق الإنسان وإحترام حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر السلمي.

عشر سنوات مرت على إنطلاق الحراك الشعبي المغربي أثمر دستورا متقدما عن سابقه واتسع صدر السلطة وتراجع إنزعاجها من الأصوات المنتقدة وتوسعت قليلا مساحات الرأي والتعبير وتبدد خوف الناس، وبرزت كوة من الحرية في الإعلام العمومي.

إستمر ذلك لمدة تقارب أربع سنوات بأشكال وتوليفات مختلفة وعاد صدر السلطة يضيق من جديد وتحركت بعض المواقع والمراكز المستفيدة من واقع بدا لها في وقت ما أنه في طريقه نحو التحول، عادت وهي كلها حنين إلى ممارسات قديمة فبدأت مساحات الحرية تتقلص تدريجيا وأصبحت حقوق الإنسان مزعجة وتم الإلتفاف على الدستور وأنهت ماتسميه هي بعهد التسامح والصبر !!

يحدث هذا والقوى التي بإمكانها الحفاظ على الأقل على قدر كبير من التوازن في اللعبة السياسية ونفخ الحياة في الدستور، فضلا عن منع القوى المحافظة والمعادية لأي تغيير من النكوص إلى الوراء ، يحدث هذا وهي تعاني من وهن وترهل لأسباب كثيرة لايتسع المجال للوقوف عندها، ولم تستطع القيام بإجتهادات ومبادرات خلاقة لفهم وتفكيك التحولات الجارية على أكثر من صعيد وإستسلمت لضعفها، وحتى بعض المحاولات الجارية لتوحيدصفوفها والنهوض من جديد تواجه بعقلية حالمة تنتشي بترديد بعض الشعارات المريحة بعيدا عن أية ممارسة عملية ويومية تستشعر تعقيدات الواقع وصعوباته.

هو واقع تم إستغلاله بإنتهازية فجة من طرف جزء من قوى الإسلام السياسي من أجل التقرب للسلطة وإجهاض كل محاولة لإحداث تحولات مهمة في الحياة السياسية ببلادنا،وتم التمكين للفساد والريع ونهب المال العام وإستمر الإفلات من العقاب ،وعادت بعض النخب السياسية الفاسدة إلى إعتلاء منبر الخطابة، بعدما توارت لمدة وجيزةعن الأنظار، وإحتلال بعض مواقع المسوؤلية، وهو ماجعل المغاربة ينظرون إلى كل السياسيين على أنهم مجرد مفسدين ولصوص للمال العام.

إن الظروف الإقتصادية والإجتماعية التي تمر منها بلادنا اليوم والتحديات التي تواجهها تفرض بعث الأمل من جديد عبر إحداث إنفراج سياسي كبير بإطلاق سراح النشطاء والصحفيين ومعتقلي حراك الريف وإحترام الحريات وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد ونهب المال العام وربط المسوؤلية بالمحاسبة والقطع مع الإفلات من العقاب وتعزيز حكم القانون فضلا عن تقوية دور مؤسسات الحكامة وتوسيع صلاحيتها وغيرها من الإجراءات الكفيلة بمد الجسور مع غد أفضل.

رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x