لماذا وإلى أين ؟

“البصمة الكربونية”.. طارئ جديد يحدد علاقة التجارة المغربية بأوروبا

حسي عصيد

تواجه الصادرات المغربية إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مزيداً من التحديات، خاصة بُعيد الاتفاقيات المتمخضة عن اتفاقية باريس للمناخ سنة 2015، حيث يسير الاتحاد منذ تلك الفترة إلى فرض مزيد من القيود ذات الصلة بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، منها اعتماد آلية جديدة، ستُحدد ابتداء من يونيو المقبل العلاقة بين دول الاتحاد والواردات من مختلف أنواع السلع التي تدخل إليها تسمى “البصمة الكربونية”.

وستفرض “البصمة الكربونية” قانوناً تُحدد بموجبه أسعار المنتوجات التي تلج الاتحاد الأوروبي، وذلك وفق الانبعاثات الكربونية التي تتسبب فيها طرق معالجة هذه السلع في بلدان المنشأ، وحجم تأثيرها السلبي على البيئة بالمنطقة، ما سيؤدي بالتالي إلى فرض ضرائب إضافية على المنتجات القادمة من الخارج، في سبيل بلوغ أهداف تقف على حدود سنة 2030، ستشمل بشكل خاص المنتجات الطاقية والمُصنعة والزراعية، ثم معالجة النفايات بشتى أنواعها.

وسيشارك المغرب بشكل مباشر في هذه الآلية الجديدة، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يشكل سوقاً استراتيجيا كبيراً للمنتجات المغربية، يمثل أكثر من 60% من حركة المبادلات التجارية للمملكة مع العالم الخارجي، هذه الآلية التي تفرض على المغرب الانصراف بحزم إلى اعتمادها بعقلانية، حتى لا يكون لها بالغ الأثر في العديد من قطاعاته، التي أسّس لها منذ مؤتمر “كوب22” أرضية ملائمة، تنصاع للقرارات الدولية التي تفرض إعطاء الأسبقية لمعالجة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، وتحسين تدبير وتثمين الموارد الطبيعية، وتعزيز المحافظة على التنوع البيولوجي، والتي تُعتبر نقلة نوعية للاقتصاد المغربي نحو مرحلة جديدة من التنفيذ والفعل.

وحسب القوانين المؤطرة لآلية “البصمة الكربونية”، فمن المرتقب أن يؤثر تفعيلها على عدد من القطاعات الاقتصادية بالمغرب، خاصة قطاعات الكهرباء، صناعة السيارات، وتصنيع المواد الكيميائية المساعدة والأسمدة، فضلاً عن صناعة الأغذية الزراعية والنسيج، التي يُمكن أن يبلغها التأثير في مراحل لاحقة، ولكن مع تحديد هذه الآلية لعدد من العقبات، إلا أنها في المقابل ستسهم في توفير فرص مهمة للمغرب لتكريس مكانته كحليف اقتصادي مهم مع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن أغلب دول شمال افريقيا لم تبلغ بعد مستويات تنافس بها التجربة المغربية في ما يتعلق بالتخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية من أجل تحقيق رهانات التنمية المستدامة التي تحترم البيئة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x