لماذا وإلى أين ؟

كتاب إسباني جديد يكشف جوانب مخفية من معركة “أنوال”

حسين عصيد

رغم أن التاريخ الإسباني عرض في كتب ومؤلفات عدة لهزيمة جيوشه في معركة “أنوال” الشهيرة يوم 17 يوليوز 1921، أمام المقاومين المغاربة تحت إمرة عبد الكريم الخطابي، إلا أن تفاصيل عدة تخص هذه الهزيمة، من شأنها أن تحط من شأن قوة المستعمر الإسباني وجبروته أثناء استعماره للمغرب، لم تجد لها طريقاً إلى هذه الكتب، بل قد نشرت اسبانيا، وعلى عكس ذلك لعقود عديدة، كتباً خففت من حجم هذه المأساة التي حلت بجنودها على الأراضي المغربية، بل ودعت في مناسبات عدة إلى محاكمة كل الجمعيات المغربية التي تدين استعمال الجيوش الإسبانية لأسلحة محرمة دولياً أثناء قتالها للمقاومين بجبال الريف، وقد أتى كتاب “حين تطير النسور” كثمرة مجهود امتد لـ 30 عاماً، قاد الكاتب الإسباني خورخي مارتينيز ريفيرتي إلى استكناه أغوار معركة “أنوال”، مستمداً مادته من محكيات جنود إسبان قدامى عاشوا الفاجعة، وأخرين مغاربة فرضت عليه ظروف الحرب أن يكونوا أبطالا رغما عنهم.

لم يُكتب لريفرتي الذي توفي في الـ 24 من مارس الماضي عن عمر 72 عاماً، أن يشهد ميلاد مؤلفه الذي سيُنشر يوم 28 من شهر أبريل الحالي، حيث قالت فيه صحيفة “إلباييس” الإسبانية :”إن ريفرتي قبل كل شيء هو مؤرخ عسكري، روى قصص المعارك الكبرى للحرب الأهلية الإسبانية، والأن بكتابه هذا عن حروب المغرب، ترك لنا إرثا عظيما، لأن إنتاج هذا العمل الذي يتوزع الاجتهاد فيه على بلدين اثنين هو عبارة عن تحدّ في الآن ذاته”.

أوردت “إلباييس” أن ريفرتي قد عاين كل المرويات الإسبانية عن معركة “أنوال”، بما فيها من مذكرات الجنود الذين نجوا منها، غير أنه اتجه منحى جديدا لتأكيد كل الوقائع المتعلقة بها، حين اتجه لتقصي تفاصيلها من أسر المغاربة الذين شاركوا منها، مكرسا نفسه لسنوات طويلة لتجميع وثائق هؤلاء، ومقارنتها مع ما أتت به الكتب الاسبانية، مع اهتمامه بتصحيح أسماء الأماكن والشخصيات المغربية التي أتت بأشكال مختلفة في الكتب التاريخية الإسبانية.

لم يقف ريفرتي إلى جانب أبناء جلدته، تورد “إلباييس”، بل أبدى احتراما للمغاربة الذين واجهوهم بضراوة خلال حروب الريف، مندداً في كتابه بأخطاء العسكريين الإسبان، وتشجيع أصحاب القرار في مدريد لروح الامبريالية في جنودهم الذين أبوا إلا أن يظلوا متشبثين بشمال المغرب كأكبر معقل لهم في القارة الافريقية، مروراً بتحميله مسؤولية الهزيمة في “أنوال” إلى الجنرال الإسباني مانويل فرنانديز سيلفرستري، الذي ورّط جيشه في معركة ضد خصوم لم يدرسهم بشكل كافٍ، بل ولم يجشم نفسه أبداً عناء التحري عن أعدادهم وقوتهم التسليحية، وهو الذي قال لصحافة بلاده:” سأنتصر على المغاربة، وسأشرب الشاي في بيت محمد بن عبد الكريم الخطابي بأجدير”، ما أفقده أخيراً 15 ألف جندي، 200 مدفع و20 ألف بندقية.

لم يقف ريفرتي في كتابه “عندما تطير النسور” مع أي جهة في مقابل الأخرى، بل تحرى الموضوعية، تورد “إلباييس”، وخطّ بقلمه ذكرى قاتمة من تاريخ المغرب واسبانيا، اختصرها في مقدمة كتابه بقوله:” بدأ النزاع بين الفرقاء بمناوشات متفرقة، سرعان ما استفحلت إلى حرب شاملة أرخت بظلالها على الريف بطوله. حقق الإسبان انتصارات صغيرة في مناطق “الدريوش”و “بويميان”، قبل أن يحطوا الرحال بمنطقة “أنوال”، وفي غمرة انشغالهم بالتخطيط لخطوات قادمة، انقض عليهم جيش الريف على حين غرة، ليُشعلوا بذلك أوار معركة كانت الأقوى في تاريخ المغرب”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Tarik
المعلق(ة)
20 أبريل 2021 04:22

رحمة الله على شهداءنا الابرار

دورتموند
المعلق(ة)
20 أبريل 2021 02:04

تاريخ المقاومين المسلمين كبير وشريف واصيل..
لكن عقلية التناحر على الكراسي هي من تركت الدول العربية تعيش في فراغ وتخلف في التنمية..

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x