2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بوريطة في ضيافة أقوى لوبي أمريكي إسرائيلي

سيحل وزير الخارجية ناصر بوريطة ضيفا على لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية “آيباك”، وذلك عبر ندوة تفاعلية ستجمعه بلفيف من رجال السياسة المؤثرين بالبلدين يوم 06 ماي القادم، لتدارس مجموعة من القضايا المشتركة، حيث سيكون هذا اللقاء بمثابة أول مشاركة مغربية في أشغال هذه اللجنة، منذ إعلانه إعادة ربط علاقته بإسرائيل شهر دجنبر الماضي، ما يطرح عدة تساؤلات عن ماهية هذه اللجنة؟ وإلى أي حد يمكن للمغرب أن يستفيد منها؟ وكيف يدفع عبر لوبياته بواشنطن بمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية؟
تُعد لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية “آيباك”، المنشأة سنة 1963، من أهم اللوبيات الإسرائيلية العاملة على الأرض الأمريكية، وتُشرف عبر مجلس إدارة منتخب على نحو 70 منظمة يهودية تابعة تتألف، يُشارك ممثلوها في لجنتها التوجيهية، وتنظم كل عام، إلى جانب ندواتها المختلفة، مؤتمرا سنويا يحضره القادة السياسيون البارزون وكبار رجال الأعمال لتدارس الرؤى المستقبلية لدعم التحالف الاستراتيجي الذي يربط منذ عام 1948 بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
و”آيباك” بأعضائها الـ 100 ألف، التي تراكم ثروات كبيرة عبر تبرعات رجال الأعمال اليهود لها، تُعتبر أقوى لوبي ضاغط بأمريكا، بل ويتحدى بتأثيره الذي يبلغ مداه صُناع القرار بواشنطن، أقوى المنظمات الأمريكية غير الحكومية كالاتحاد القومي للأسلحة ورابطة المتقاعدين، حيث يملك قدرة كبيرة راكمها عبر التجربة في الميدانين السياسي والاقتصادي في الحشد لطروحاته، والتي تتعدى يهود أمريكا إلى مواطنيها من مختلف الأعراق والأديان. وفضلا عن اشتغالها على ملفات داخلية، فإنها في المقابل تضع خططا وتصدر قرارات تُسائل فيها الحكومة الأمريكية بشأن سياستها الخارجية في الشرق الأوسط، متناولة قضايا بالغة الأهمية من قبيل العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية والتهديد الإيراني وغيرها…
وتُقدم “آيباك” نفسها إلى المجتمع الأمريكي، على أنها منظمة لا تُمول بشكل مباشر أية حملة انتخابية لأي سيناتور أو رئيس أو عُمدة بالبلاد، بل تُركز أهدافها على تطوير التعليم وخدمة الصالح العام بأمريكا من جهة، وخدمة مصالح اليهود في البلاد وخارجها من جهة ثانية، ووفق ذلك كله فهي تتصرف بشفافية وفقًا للأنظمة المعمول به في الولايات المتحدة، ما يجعلها لاعباً بارزا على الساحة السياسية، وجزء لا يتجزأ من العملية الديمقراطية ككل.
أما بالنسبة للمغرب، فتواجده على الأرض الأمريكية عبر لوبي ضاغط ليس بالشيء الجديد، والذي زاد تأثيره، حسب خبراء في السياسة الأمريكية، منذ اعتلاء الملك محمد السادس لعرش المغرب، حيث تمّ التأسيس مغربياً لقوة ناعمة بواشنطن، تفوق في تأثيرها للوبيات الفلسطينية والأرمنية بها، حيث تتابع عن كثب كل التحولات السياسية والاقتصادية في هذا البلد، ومدى تأثيرها بشكل مباشر أو غير مباشر على المملكة، مركزة على حزمة ملفات بالغة الأهمية، كقضية الصحراء المغربية، وهي ذات القضية التي من المُرتقب أن يتداول بشأنها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مع ضيوف مسؤولي لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية “آيباك”، لمنح دفعة للإعلان الثلاثي المشترك الموقع بين الولايات المتحدة والمغرب وإسرائيل في 22 دجنبر الماضي، على هامش الزيارة الرسمية التي قام بها وفدا البلدين للرباط برئاسة مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر، والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي مائير بن شبات، الذي قرر فيه الأطراف الثلاثة الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية بين المغرب وإسرائيل، وخلق تعاون اقتصادي ديناميكي وخلاّق، ومواصلة العمل في مجال التجارة والمالية والاستثمار وغيرها من القطاعات الأخرى بينهما.
ويُعد المركز المغربي – الأمريكي للسياسة (mapc)، الذي أنشأ عام 2001 تحت رعاية السفير الأمريكي السابق بالرباط إدوارد غابرييل، أبرز اللوبيات المغربية الداعمة للدبلوماسية الموازية للرباط في واشنطن، ولكن كما تورد قاعدة بيانات وزارة العدل الأمريكية، فإن دعم المغرب لجماعات ضغطه قديم جدا، ولو كان بصفة أخف، مؤكدة “وجود 85 عقدا مسجلا بأسماء شخصيات ومؤسسات في المغرب مع شركات الضغط بواشنطن”، وإن “أقدم هذه العقود يعود تاريخه إلى العام 1947، وقعه حزب الاستقلال بالنيابة عن حركة الاستقلال بشمال إفريقيا”. ومع اندلاع النزاع حول الصحراء المغربية، كثف المغرب من استخدامه لجماعات الضغط في واشنطن، حيث وقع عقودا لأربع سنواتٍ سنة 1978، تهدف جميعها، تُفيد قاعدة البيانات، “لمساعدة المغرب على الحصول على موافقة من الحكومة الأمريكية لشراء أسلحة بهدف الدفاع عن المصالح الإقليمية للمغرب وحدوده، وحماية ترابه ضد القوى الخارجية”.