2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

انتظر المغاربة لسنوات نموذجا تنمويا قادرا على الاستجابة لتطلعاتهم ومشاكلهم المستعصية والتي تهم بالأساس التعليم والصحة والشغل، ليتم مساء الثلاثاء 25 ماي الجاري تقديم تقرير هذا النموذج من طرف رئيس لجنتها شكيب بنموسى إلى الملك محمد السادس.
وفي هذا الصدد، اعتبر نجيب أقصبي أن لجنة النموذج التنموي بالرغم من تأخرها بشكل كبير في صياغة التقرير الذي قدمته إلى الملك محمد السادس، ضيعت الفرصة على المغرب من أجل وضع اليد على جراح المجتمع ومشاكله المتفاقمة.
وأوضح أقصبي أن انتظارات المواطنين كانت قوية فيما مضمون التقرير لم يستجب لها واكتفى بخطاب معسول تضمن شعارات رنانة من قبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان وكذا مفهوم السيادة الغذائية والطاقية.
واستدرك المتحدث في تصريح لـ “آشكاين” قائلا إن “مفهوم السيادة الغذائية والطاقية التي وردت في التقرير أمر إيجابي على اعتبار أننا كاقتصاديين حاولنا ما مرة النضال من أجله، فكنا ننعث بالعدميين، إلا أنه لم يتم تحديد هذا المفهوم أو متطلبات تحقيقه”.
وسجل أقصبي أن التقرير تناقض بين الخطاب والنوايا الحسنة وبين التشخيص الخاطئ للمشاكل الكبرى المتفاقمة، مضيفا أن أعضاء اللجنة لم يتحلوا بالشجاعة التي طلبها منهم الملك محمد السادس من أجل إخباره بكل مكامن الخلل ووضع الأصبع على المشاكل التي تعيشها الشريحة الكبرى من المجتمع.
وشدد المتحدث على أن التقرير منذ بدايته إلى نهايته اتسم بلغة محتشمة لم تتجاوز الخطوط الحمراء رقم الصلاحيات التي خولت لمعديه، مبرزا أن الهيكلة والتناقض في الخطاب والتشخيص الخاطئ الذي تميز به التقرير أعادنا إلى نقطة الصفر من جديد.
ولم يستبعد أقصبي أن يكون تنزيل النموذج التنموي على أرض الواقع غير موفق نظرا للاعتبارات المذكورة، حيث أكد أن المغرب منذ 50 سنة من السياسات العمومية كان يمني النفس بوضع حد ولو بشكل جزئي لمشاكل القطاع الخاص الذي لا يستثمر وكذا البطء الهيكلي للاقتصاد وغياب التحفيزات والعدالة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وخلص الاقتصادي للتأكيد على أن التقرير الذي وصفه بـ “دون جدوى” ضيع الوقت وضيع الفرصة ولم يحلل المشاكل الكبيرة والتي من بينها الطبقة البورجوازية التي لا مشروع خاص لها ولا تخدم المجتمع كما كان معمول به تاريخيا، حيث كانت لهذه الطبقة مقومات تاريخية تسهم في اقتصاد البلاد وتنميته وازدهاره.
ومن جهته، كان بنموسى، رئيس اللجنة قد أورد في كلمة ألقاها أمام الملك بمناسبة تقديمه للتقرير أن اللجنة رصدت أربع معيقات تشكل السبب وراء ضعف مردودية النموذج الحالي، تتعلق أساسا بغياب الانسجام بين الرؤية الاستراتيجية والسياسات العمومية، وببطء التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى القدرات المحدودة للقطاع العام فيما يخص تفعيل السياسات العمومية، والإكراهات التي تحد من المبادرة.
وشدد على أن جلسات الإنصات المواطنة والمؤسساتية أبانت عن ضرورة بذل جهود إضافية، وأبرزت بعض الانشغالات فيما يتعلق بتعثر سبل الارتقاء في السلم الاجتماعي والشرخ الاجتماعي المترتب عنه. كما تم التعبير خلال هذه الجلسات أيضا بشكل جلي، يضيف السيد بنموسى، عن أزمة الثقة إزاء بعض المؤسسات، مؤكدا أنه “إذا كانت هذه الانشغالات لا ت ؤثر على الإحساس العميق بالانتماء للوطن إلا أنها ت غذي العزوف عن الشأن العام والشعور بعدم الرضا جراء الهوة ما بين الوعود المقدمة وترجمتها على أرض الواقع “.
وأشار إلى أن اللجنة ترفع إلى الملك مقترح آليتين، تتمثل الأولى في ميثاق وطني من أجل التنمية، يهدف إلى تكريس النموذج التنموي الجديد كمرجعية مشتركة لكافة القوى الحية بكل تعدديتها، أما المقترح الثاني فيتعلق بآلية للتتبع والتحفيز، تحت الإشراف السامي للملك، مهمتها مواكبة الأوراش الاستراتيجية التي تندرج في الأفق الزمني الطويل وكذا دعم مسار التغيير.