2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تجري الانتخابات الألمانية 2021 دون مشاركة المستشارة أنغيلا ميركل، حيث يتولى الفائز فيها منصب المستشار ورئاسة الحكومة المقبلة، الأمر الذي يتابعه المغاربة المهتمين بالشأن العام الألماني وتأثيره على العلاقات بين برلين والرباط عقب الأزمة الأخيرة.
وفي الوقت الذي يرى عدد من المتتبعين أن من شأن تغير الحكومة الألمانية فتح صفحة جديدة مع المغرب الذي أعلن عن “تعليق كل اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها”، يعتقد المحلل السياسي خالد الشيات أن الأمر لا يتعلق باستبدال الحكومات.
وأورد الشيات وهو أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة، في تصريح لـ “آشكاين” أن الإشكال القائم بين المغرب وألمانيا ليس إشكالا ذا صلة بشخص المستشارة الألمانية أو أي جهة من الجهات الحزبية كيفما كان توجهها، بقدر ما هو إشكال ذو طابع شكلي من جهة، وذو عمق استراتيجي من جهة ثانية لا يتغير بتغير الأشخاص على رأس الحكومة.
ويوضح المتحدث أن الطابع الشكلي يتمثل في اعتماد ألمانيا على مبادئ القانون الدولي وسيما تقرير المصير لتقوم بإبداء مواقف عدائية تجاه المغرب فيما يتعلق بوحدته الترابية، وبسبب تشبته بهذا المنطق يجعل العلاقات بين الجانبين أكثر تعقيدا.
لكن العمق الاستراتيجي لألمانيا، يضيف الشيات، هو أن يبقي المغرب خاضعا للنفوذ الأوروبي وتحت وصاية الدول الأوروبية وكذا وصاية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، شارحا “نزعتها تجاه المغرب نزعة استعمارية هيمنية لا تقوم على أي مصلحة تصب في صالح المملكة بقدر ما تصب في مصالها هي الأولى إلى جانب مصالح الاتحاد الأوروبي”.
واعتبر الشيات أن هذا العمق الاستراتيجي للدولة الأوروبية مرتبط بثروات المملكة ورغبة ألمانيا في أن يكون الاقتصاد المغربي تابعا لها اقتصاديا، مسترسلا “بمعنى أنها لا ترغب في أن يكون بلد مستقل عنها، سيما أن المملكة تعتمد في الآونة الأخيرة على حلفاء كالولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاء جدد في منظومة العلاقات الدولية الحديثة”.
وشدد المتحدث أن العلاقات المغربية الألمانية لن تتحسن بعد مغادرة أنجيلا ميركل الحكومة، لأن المشكل سيبقى بنيويا في مستوى الاستراتيجي العميق”، مبرزا ” إذا كانت هناك بعض الإشارات الإيجابية فيما يتعلق بالحكومة الألمانية المقبلة تجاه المغرب والتعامل معه باعتباره دولة لها اختياراتها المستقلة ولديها تصورات واستراتيجيات خاصة بها، فآنذاك سيكون ذلك تحول في العلاقات بين الجانبين من شأنه أن ينهي الأزمة”.
لكن، يردف المتحدث، إذا ما تم الاستمرار على نفس النهج واعتبار المغرب خاضعا وتحت الوصاية، فستستمر نفس الأزمة رغم تعاقب الحكومات ونغيير الأسماء والمناصب، على اعتبار أن ما يحكم العلاقات هي المبادئ والتوجهات التي تتبناها كل دولة على حدة.
وكانت المملكة قد أعلنت عن “تعليق كل اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها”، لتقوم فيما بعد باستدعاء لسفيرتها في برلين من أجل التشاو، وذلك وفق بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية المغربية الذي أوضح أن من بين أسباب هذا القرار هو اتخاذ ألمانيا “موقفا سلبيا بشأن قضية الصحراء المغربية التي اعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية.
ورد ألمانيا على التصعيد المغربي لم يتأخر طويلا، إذ أوضحت الخارجية الألمانية “بأنها فوجئت بهذه الخطوة، قائلة إنه لم يتم إبلاغها بها مسبقا وأن الاتهامات محيرة”، موردة بالقول “لقد فوجئنا بهذا الإجراء لأننا نبذل جهودا بناءة مع الجانب المغربي لحل الأزمة”.