لماذا وإلى أين ؟

راهنية المصالحة الشاملة والنقد الذاتي بحزب التقدم والاشتراكية

عزالدين العمارتي

منذ المؤتمر الوطني الخامس وحزب التقدم والاشتراكية يعرف نوبات متوالية من النزيف التنظيمي الحاد، بدأ بانشقاق عدد كبير من الرفاق وتأسيس جبهة القوى الديمقراطية، واستمر بعد المؤتمر الوطني السادس، الذي عرف صراعا سياسيا وتنظيميا كبيرا ما بين تيار “مازلنا على الطريق” الذي ضم ثلة من أطر ومناضلي الحزب المؤمنين بوثيقته والرافضين لسياسة الانفتاح غير المعقلن التي نهجها الحزب منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، وما بين المؤيدين لهذه السياسة والمسنودين عدديا بالملتحقين الجدد، لينطلق بعد هذا المؤتمر مسلسل الابعاد والاقصاء التنظيمي لأطر ومناضلي هذا التيار على مستوى كل الفروع والأقاليم من خلال الانزالات العددية أحيانا أو من خلال تهريب الجموع العامة والمؤتمرات الإقليمية، فيما يمكن نعثه بمجازر تنظيمية كبدت الحزب خسارة خيرة مناضليه، لا لشيء إلا لتقديرهم السياسي المختلف والتعبير عنه من خلال وثيقة سياسية.

ولقد استمر بعدها مسلسل الاقصاء والتهميش والابعاد لكل صوت مختلف عن التوجه الرسمي للقيادة، ليصل الأمر ذروته خلال السنوات الأخيرة. فبعدما كان الاقصاء والابعاد سابقا يتم وفق شكليات الديمقراطية العددية من خلال التجييش والانزالات، أصبح يتم في السنوات الأخير بطرق أكثر تعسفا، كالطرد المباشر بقرار من المكتب السياسي الذي استحوذ على هذا الاختصاص من خلال التعديلات التي تم إدخالها على القانون الأساسي للحزب. وهكذا سيتم ضرب الديمقراطية الداخلية والقضاء على حرية الاختلاف والتعبير وإفراغ جل تنظيمات الحزب محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا من عدد كبير من المناضلات والمناضلين، مما سيساهم في شلل تنظيمي شبه عام على مستوى مختلف هياكل الحزب، لتقتصر الحياة الحزبية في الغالب على اجتماعات أسبوعية للمكتب السياسي وإصدار البلاغات، بعد اغلاق المقرات بمختلف الأقاليم والابتعاد تماما عن التواجد بين صفوف المواطنين وتأطيرهم، كوظيفة دستورية أساسية للأحزاب السياسية كانت هي ما يميز الأحزاب الوطنية الديمقراطية عن باقي الأحزاب.

واعتبارا لكل ما سبق، ولتصحيح مسار حزبنا وتقوية صفوفه وتقويم الانحرافات، أصبحت الدعوة لمصالحة شاملة ولنقد ذاتي فردي وجماعي حسب المسؤوليات ضرورة ملحة لإعادة بناء الحزب على أسس قوية، مع مساهمة كل مناضلاته ومناضليه دون استثناء ومن مختلف الأجيال والتوجه نحو المؤتمر الوطني بنفس ديمقراطي جديد، مع الحرص على الانصات للجميع واحترام كل الآراء والتوجهات لوضع تصور واضح للمستقبل من أجل حزب قوي متجذر في مختلف الأوساط.

حزب في خدمة فئات المجتمع التي خلق من أجلها،خاصة الطبقات الكادحة والمسحوقة والعمال والفلاحين الصغار، وحفظ كرامتهم وتمكينهم من حقهم في العيش الكريم.حزب مساهم في تقوية دولة المؤسسات وتعزيز المسار الديمقراطي وتقليص الفوارق الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وهنا وجب التأكيدعلى أن مبادرة ” سنواصل الطريق” هي مبادرة بأهداف نبيلة، تسعى لتقوية لحمة الحزب واسترجاع كل كفاءاته ومناضليه، وليست مبادرة تجزيئية أو انقلابية كما يحاول وصفها البعض.فأصحاب المبادرة هاته والمتبنين لها من خلال التوقيع على الوثيقة المؤطرة لها،ليست لهم أي طموحات شخصية أو دوافع انتقامية، بل جمعتهم مصلحة الحزب والغيرة عليه وهدفهم الأسمى اصلاح مسار الحزب وتقوية صفوفه والدفع به ليتبوأ المكانة التي تليق به وبرعيله الأول ممن ضحوا بالغالي والنفيس لجعله حزبا متميزا متفردا في المشهد السياسي المغربي.

عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية

إن الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x