لا يزال الآلافُ من العاملين بقطاع السياحة يتجرّعون مرارة تدهور القطاع واحتضاره بفعل استمرار إغلاق المغرب حُدودَهُ الجوية لأزيد من شهرين، بعدما سبق أن أعلنت الحكومة آنذاك أن الإغلاق يأتي لتأخير وصول المتحور الجديد “أوميكرون” إلى المملكة.
لكن الغريب في الأمر، أن ما يزيد عن 90 في المائة من الإصابات اليومية بالمغرب تخُصّ بالفعل المتحور “أوميكرون”، والذي يجمع أغلبية الخبراء في المغرب وفي العالم على كونه غير شرس، ما دفع بالعديد من الدول إلى إعادة فتح حدودها، وعلى رأسها إسرائيل التي كانت السبّاقة للإغلاق.
تماطلُ الحكومة أمام المطالب والدعوات إلى الرأفة بالقطاع السياحي يبدو أنها لا تُجْدي نفعا البتّة، حيث أن آخر ظهور لرئيس الحكومة لم يُشِرْ إلى توجه الأخيرة لإعادة فتح مجالها الجوي ورمى بالكرة إلى ملعب اللجنة العلمية لكوفيد19، رغم أنها أكدت غيرما مرة أنها لجنةٌ استشارية وتعطي توصيات فقط فيما قراراتُ الإغلاق تبقى سياسيةً محضة.
بل الأكثر من ذلك أن الدول أعادت فتح مجالاتها الجوية، و تعتزم عدد من البلدان على رأسها بريطانيا رفع القيود الاحترازية بشكل متدرج، من قبيل ارتداء الكمامة والإدلاء بجوازات التلقيح وحظر التجمعات، لأنها تقتنع أن الفيروس تتلاشى قوته و وجب التعايش معه كمرض الأنفلونزا.
ويبدو أن الاستثناء دائما مغربي، ففي الوقت الذي تستعد الدول لإنعاش اقتصادها، فإن الحكومة المغربية مُصرّة على الإغلاق، الأمر الذي يُهدّد بتداعيات اقتصادية خطيرة، سيما في المدن السياحية الكبرى، خاصة مراكش، حيث تسبب الأمر في إغلاق ما يزيد عن 100 مؤسسة فندقية مصنفة وتشريد العاملات والعمال، وتوقف الصناع التقليديين عن الإنتاج نظرا للجمود والكساد التجاري مما أدى إلى إفلاسهم واغلاق محلاتهم و ورشاتهم ، بحسب معطيات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تُعدُّ أكْـــبَر جمعيةٍ حُقوقيّــة بالمغرب.
ذات الجمعية أوضحت أنه إضافة إلى كل ذلك أفلست وكالات النقل السياحي، واضطر الكواتشا إلى التخلّي عن نصف الجياد، كما أن وضعية المرشدين السياحيين تفاقمت بشكل كبير، أما أصحاب الفنادق الشعبية المنتشرة بكثرة في المدينة العتيقة فقد تُركوا لمصيرهم رغم إسهاماتهم في المنتوج السياحي الخارجي و الداخلي، و تبدو أسواق المدينة العتيقة و الورشات خاليةً بعدما كانت تفيض حركيّةً دائمة قبل انتشار الوباء و اتخاذ إجراءات الإغلاق وغيرها.
وحتى على مستوى الوزارة الوصية على القطاع، والتي تترأسها فاطمة الزهراء عمور، فإنها لا تبدي أي مبالاة حقيقة بمآسي مليوني شخص يعملون في القطاع، فرغم احتضار القطاع أمام أعينها إلا أنها لم تُسجِّل أي ترافع حقيقي لشفاء السياحة، سوى ترديدها للإجراءات الحكومية، والتي أسفرت عن إعلان عن مُخطّطٍ استعجالي لدعم السياحة بقيمة 2 مليار درهم، والذي اعتبره عدد من المهنيين غير كافٍ لتعويض خسائر بقيمة 140 مليون درهم.
الفقر سيزداد ..وسيزداد معه السرقات ..والفقراء و الإجرام في المجتمع..
حتى ولو فتحت الحدود فسيظل الخطر قاإما ..