لماذا وإلى أين ؟

والدة ريان تحكي تفاصيل سُقوطه في البئر

يتابع المغاربة بتأثر كبير جهود إنقاذ الطفل ريان ، الذي سقط على عمق يصل إلى 32 مترا في بئر بقرية إغران بجماعة تمُروت بإقليم شفشاون.

حادثُ أخرج المنطقة من عزلة فرضتها التضاريس الوعرة لسلسلة جبال الريف ليُلقي بها في صدارة اهتمام الرأي العام الوطني. وتعاطفٍ كبير ناله الطفل الذي قضى يومه الثاني في قعر ثقب مائي حُفِر على حين غرة، وترك مفتوحا دون احتياطات ولا حواجز للسلامة.

بعبارات مؤمنة بالقضاء والقدر، تتحدث والدة الطفل ريان بحُرقة كبيرة إلى ميكروفونات وسائل الإعلام القادمة من هنا وهناك، حرقة يطفئ من نارها الأملُ في أن يُنتشَل ابنها حيا و يعاود ملء ردهات المنزل شغبا و لعبا طفوليا.

تقول الأم إنه بعد زوال يوم الثلاثاء، تفقد أفرادُ الأسرة الطفل ولم يجدو له أثرا، وبالفعل، فقد أنشقت الأرض وابتلعت جسده الغض. بحث أفرادُ الأسرة هنا وهناك، لتتنهى إلى سمعهم آهاتٌ قادمة من أديم الأرض، ربطوا هاتفا بحبل وأنزلوه في غيابات الجب، فرأوه هناك يستجدي الغَوث.

قضى الطفل ليلته الأولى في قعر الجُبّ وهو يقاوم العطش ونقص الأوكسيجين، تؤنسه نداءات الوالدين والأقارب، وتدفئهُ مَحبّةٌ أسبغها عليه المغاربة قاطبة، بِحِــسٍّ من التضامن والتعاطف، قبل أن تصل الجهود الأولى لغوث ريان، من عناصر الوقاية المدنية والسلطات المحلية والدرك، مؤازرين بالعشرات من شباب المنطقة، وبإشراف من السلطات الإقليمية.

صباح اليوم الموالي، الأربعاء، أُنشِئت لجنةٌ لليقظة لتنسيق جهود الإنقاذ، ووُضِعت في البدء خُطة انتشاله من فتحة الجب، لكن بسبب ضيق قطر البئر، والذي يصل إلى حوالي 30 سنتمترا في بعض مقاطعه، فشلت كل المحاولات الأولى لانتشاله من حيث سقط.

ثم وُضِعت خطة ثانية تقضي باستعمال آليات ثقيلة للحفر بشكل متوازي ومائل مع الثقب المائي، بحذر واحتياط كبيرين، مخافة أن تتسبب عمليات الجرف في انهيار البئر، تواصلت طيلة الأربعاء عمليات الحفر، لكن المهمة ليست سهلة بالتأكيد، فعُمق 32 مترا يعادل عُلو بناية من 10 طوابق أو يزيد.

بالموازاة مع ذلك، عملت الوقاية المدنية على إنزال كاميرا تستعمل في مهام الغوث للتأكد من الوضع الصحي للطفل ريان   معه لإبقائه واعيا، كما تم إنزال أنبوبي ماء و أوكسجين، وتم تزويده بهاذين المادتين الحيويتين لإطالة صموده في انتظار انتشاله حيًّا.

وجرت محاولتان جديدتان لانتشاله من فتحة البئر بمشاركة متطوعين من جمعية شفشاون لهواة الإستغوار، لكن حال ، لمرة أخرى ، ضيقُ قُطْرِ البئر دون نجاح العملية.

ويقوم السيناريو الذي اعتمدته لجنة القيادة بعين المكان، بعد فشل الانتشال من فتحة البئر، على إحداث حفرة موازية بنفس عمق المكان الذي علِق فيه ريان، ثم إحداث فجوة في البئر لانتشاله.

واليوم الخميس، ما زالت جهودُ الحفر متواصلة، حيث فاق عُــمْـقُ الحُـفـرة المُوازية أكثر من 22 مترا، مع الحرص على إحاشة جوانب الحُفرة لتفادي أي انهيار محتمل يفاقم الوضع سوءا، كما حلت بعين المكان مروحية تابِعــةٌ للدرك الملكي لنقل الطفل بمجرد انتشاله من البئر إلى أقرب مُستشفى لتلقي العناية الطبية اللازمة، و تمَّ وضع سيارة إسعاف بطاقم طبي مُتخصص في الإنعاش على أهبة الإنطلاق.

لن تتوقف عملية الإنقاذ إلا بالوصول إلى مكان الطفل، يؤكد مصدر مسؤول من عين المكان لوكالة المغرب العربي للأنباء، مضيفا أن عمليات التدخل تتسارع على أمل تحقيق هذا الهدف في أسرع وقت ممكن.

و  تواجه عمليات الحفر صعوبات كبيرة لعل أبرزها طبيعة التربة الهشة في بعض الطبقات الصخرية في طبقات أخرى، كما أن الجرافات تعمل على توسيع قُطر الحفر  وإحاشة الطبقات العليا مخافة انهيار الأتربة على المنقذين على الطفل نفسه.

يتابع المغاربة بكثير من التعاطف عملية الإنقاذ المتواصلة، عبر وسائل الإعلام أو من خلال المواطنين الحاضرين في عين المكان، كما تتقاطر من المغرب ومن خارجه عبارات ودعوات ومبادرات التضامن مع ريان وعائلته، ويردد الكل بصوت واحد “أنقذوا الطفل ريان”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
3 فبراير 2022 18:37

نطلب الله ان يوفق العاملون في انقاذ هذا الطفل الذي ادمى قلوب جميع المغاربة وهو يصارع الموت داخل ثقب عميق ياربي يسر امر انقاذه وبعد ذللك يجب معاقبة من نتسبب في هذه الكارثة كيف يبقى ثقب عقه اكثر من ثلاثين مترا مفتوحا َولا احد ينتبه لذلك هذا نوع من التهور وانعدام المسؤولية….

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x