الحرب الروسية على أوكرانيا ستشتت أوروبا (خبير دولي)

استعرَت الحرب الروسية في أوكرانية وحميَ وطيسها، منذ اندلاع أولى شراراتها فجر الخميس 24 فبراير الجاري، بعد إعلان الرئيس الروسي؛ فلاديمير بوتين، عن تنفيذ عملية عسكرية في إقليم دونباس، شرق أوكرانيا، والذي يضم منطقي لوهانسك ودونيتسك، وحث الجنود الأوكرانيين في منطقة القتال على الاستسلام وإلقاء الأسلحة والعودة إلى ديارهم.

ويؤشر اتساع رقعة الهجمات الروسية على مناطق متفرقة من روسيا وبلوغها مراكز حساسة، أوشكت معها على إسقاط العاصمة الأوكرانية كييف في أيدي “الدب الروسي” الذي يمضي في حربه غير آبه بالعقوبات الاقتصادية التي تشهرها دول الغرب،(كل ذلك يؤشر) على سيناريوهات غامضة لمستقبل هذه الحرب.

وفي هذا السياق، اعتبر الخبير الشؤون الأمنية وتسوية النزاعات الدولية وأستاذ العاقات الدولية، عصام لعروسي، أن “تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا جيوسياسية ولها علاقة بطبيعة النظام الدولي”.

وشدد لعروسي، في تصريح لـ”آشكاين”، على أننا “الحديث اليوم هو عن  مفصلي في تاريخ العلاقات الدولية وهو الانتقال بهذا الغزو الروسي لأوكرانيا،(انتقال) من صيغة الأحادية القطبية إلى بداية التعددية القطبية، خاصة مع ما ستحدثه الحرب من تغييرات سياسية واقتصادية وبنيوية”.

ويرى المتحدث أن “الحرب الروسية الأوكرانية سيكون لها تأثير كبير على الاتحاد الأوربي وعلى تكتله كمنظمة إقليمية وكتكتل فاعل،  حيث ستساهم هذه الحرب في تشتيت أوربا بشكل كبير، خصوصا مع اختلاف الفرقاء الأوربيين حول كيفية التعامل مع روسيا، إذ ليس هناك حماس في هذا الاتجاه، خاصة من قبل ألمانيا التي تتزود بأكثر من 40 بالمائة من الغاز الروسي”.

موردا أن “آلية العقوبات الاقتصادية على روسيا، تطرح سؤالا عريضا إن كانت هذه العقوبات ستؤثر على روسيا، في ظل وجود أقطاب دوليين آخرين لهم نفس القيمة كالولايات المتحدة الامريكية، ومحاور أخرى تتقارب مع روسيا خاصة الصين”.

واستبعد لعروسي “تحقق الفرضية التي تقول أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستتحول إلى حرب عالمية ثالثة”، مؤكدا على أن “الحقائق الميدانية، تؤكد أن هذه الحرب مقتصرة على أوكرانيا”.

وأشار  إلى أن “تحدث الرئيس الروسي عن التوسع يقصد به التوسع في المناطق التي يعتبرها بوتين مناطق تابعة لروسيا بحكم التاريخ، إذ أنه يقول إن أوكرانيا جزء من روسيا بحكم التاريخ”.

ولفت الانتباه إلى أن “الرئيس الروسي تحدث عن نهاية حلف “وارسو” وما أعقبه من تفاوض على إنهاء حلف الشمال ألأطلسي(الناتو) والذي لم ينتهِ، بل حاول الحلف استقطاب دول أخرى إليه، وهو ما ترفضه روسيا وتعتبره تجاوزا غربيا للاتفاقيات المبرمة سابقا مع الاتحاد السوفياتي”.

واعتبر لعروسي أن “سناريوهات مآلات الحرب الروسية في أوكرانيا تظل مفتوحة، على التفاوض، لكن على أي أساس، خاصة إذا علمنا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تبدِ استعدادا عسكريا لنهج الحلول العسكرية”.

وأكد المتحدث على أنه “مع وجود شروط تفرضها روسيا، فإن ما يكن الاتفاق عليه في هذا التفاوض هو ما يمكن أن تقدمه روسيا والغرب من تنازلات للوصول إلى صيغة مرضية”.

وذكر المتحدث نفسه أنه “في سنة 2008 عندما تمكن الروس من دعم الانفصاليين في جزيرة القرم ووضعت روسيا يدها عليها، حينها بدأ مسلسل التنازلات الأوربية، لأن الاحتياج إلى أوربا كبير في عالم الاقتصادات في ظل الحديث عن اقتصاد مُعَولَم والذي لا يمكن الحديث عنه دون وجود اقتصاد روسيا”.

وخلص المتحدث إلى أن “المسألة جد معقدة، وحتى من يحسبها بمجرد أن بوتين بإمكانه أن يفوز بالحرب عسكريا، وهذا بإمكانه، ولكنه سيخسر اقتصاديا بالضربة القاضية، ولا يمكن أن نغض النظر عن انهيار عملة الروبل الروسية، في ظل متابعات لشركات روسية وتجميد أصول مالية للرئيس الروسي وغيره من الشخصيات، ويبقى السؤال المطروح هو إلى متى ستقاوم روسيا هذا الضغط الاقتصادي المفروض عليها من دول الغرب خاصة من الولايات المتحدة الامريكية”.