لماذا وإلى أين ؟

“نساءٌ في حياة الرسول”.. زوجةُ النبي السّادسة مستشارته و أجملُ نساء تلك الحقبة (ح9)

لعبت النساء دورا محوريا في حياة الرسول محمد (ص)، بدءا من زوجاته فبناته ثم حفيداته، وتجاوزن هذا الدور إلى المساهمة في انتشار الدعوة الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام، فكانت أول من آمنت بالنبي امرأة، وهي خديجة بنت خويلد، الزوجة الأولى للرسول.

قصص عديدة، ستحاول “آشكاين” سردها في هذه السلسلة الرمضانية التي اختير لها عنوان “النساء في حياة الرسول”، والتي من خلالها سيتم تسليط الضوء أيضا على الحياة العاطفية للنبي وكيفية تعامله مع زوجاته وتعاملهن معه، بالإضافة إلى علاقتهن ببعضهن البعض مع سبر أغوار حياتهن الإجتماعية والسياسية من خلال الإعتماد على عدد من المراجع كالأحاديث والقرآن و كتب التراث أو باحثين في تفاصيل.

الحلقة التاسعة: 6 زوجات النبي مستشارته وأجمل النساء في تلك الحقبة

تعد من زوجات النبي التي قاست المتاعب، وصبرت على الإبتلاءات بسبب اعتناقها الإسلام، كرمها الرسول محمد، و كان لا يملها، ويأخذ بمشورتها، ويرتضي رأيها، تعتبر من السابقات إلى الإسلام، وأول مهاجرة إلى المدينة، إنها أم المؤمنين “أم سلمة”، واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمها عاتكة بنت عامر، أما زوجها قبل الرسول فهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، وهو ابن عمها، وكان من السابقين إلى الإسلام.

وبحسب عدد من الروايات، فإن أمّ سلمة كانت من أجمل النساء، وأشرفهن نسباً، وقد تشرّفت برؤية جبريل عليه السلام عندما دخل على النبي وهي عنده، وكان بهيئة إنسان، وقد عُرف عن أم سلمة العديد من الصفات التي تميّزت بها عن غيرها منها رجاحة العقل والصبر والحكمة.

وتعود قصة زواجها بالرسول، إلى استشهاد أبي سلمة في غزوة أحد، تاركا خلفه أربعة أطفال بلا مُعيل أو كفيل، وقد كان هو و أم سلمة ممّن قدّموا للإسلام الكثير و عانوا في ذلك، فقدّر النبي ظرف أم سلمة وأطفالها وحاجتهم إلى الكفالة، فتقدّم لخطبتها وقد كان عمرها حينذاك بين الخمس والخمسين والستين، فاعتذرت بدايةً لكبر سنّها وما لها من الأيتام، إضافة للغيرة الشديدة عندها، فرد الرسول بأنّه لا يهمّه العمر وبأنّ عيالها عياله، والغيرة سيُذهبها الله تعالى بعد الدعاء، فكان ذلك و تزوجها النبي وربّى أيتامها وأحبّهم حباً عظيماً.

وبحكم أخلاق أم سلمة وما عانته بسبب إسلامها بالإضافة إلى جمالها، فقد تقدم إلى خطبتها قبل الرسول كل من أبي بكر و عمر فردتهما إلى أن تقدم لخطبتها رسول الله، فعن عمر بن أبي سلمة أن «أم سلمة» لما انقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته، ثم عمر فردته، فبعث إليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت: «مرحبا، أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني غيرى، وأني مصبية، وليس أحد من أوليائي شاهدا». فبعث إليها: «أما قولك إني مصبية، فإن الله سيكفيك صبيانك. وأما قولك إني غيرى، فسأدعو الله أن يذهب غيرتك. وأما الأولياء فليس أحد منهم إلا سيرضى بي». قالت: «يا عمر قم فزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم). أما إني لا أنقصك مما أعطيت فلانة رحيبين وجرتين و وسادة من أدم حشوها ليف”.

وهكذا تزوجها النبي ودخل بها في شوّال، أو جمادى الآخرة سنة أربع للهجرة، وتولّى ابنها عمر أمر تزويجها، وكان صداقها صُحفة كثيفة؛ وهي آنية الطعام، وفراش حَشوُه ليف؛ والليف هو: قشور النخل، ورحىً؛ أي أداة الطحن.

كانت مستشارة الرسول، يذهب لمشورتها كلما حيره أمر، وفي هذا الإطار، قال ابن حجر العسقلاني في كتابه “الإصابة في تمييز الصحابة”: “بعد توقيع الصلح بين الرسول والمشركين، وكان في نفوس الصحابة شيء منه بسبب عودتهم من مكة دون فتح، قام رسول الله، فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، انْحَرُوا وَاحْلِقُوا» فما قام أحدٌ، ثم عاد بمثلها، فما قام رجلٌ، حتى عاد بمثلها، فما قام رجلٌ، فرجع رسول الله فدخل على أم سلمة، فقال: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ، مَا شَأْنُ النَّاسِ؟» قالت: يا رسول الله، قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلِّمنَّ منهم إنسانًا، واعمِدْ إلى هَدْيِك حيث كان فانحره، واحلق، فلو قد فعلتَ ذلك فعل الناس ذلك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكلِّم أحدًا حتى أتى هديَه فنحرَه، ثم جلس، فحلق، فقام الناس ينحرون و يحلقون، حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق، فنزلت سورة الفتح”. رواه أحمد.

و ورد أنها رافقت النبي في عدد من الغزوات، وأنه بعد وفاة الرسول أخذ الصحابة يسألونها عن الأحاديث النبوية، حيث روت 378 حديثا، بحسب تقدير بقي بن مخلد منها 13 حديثا متفق عليه، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر، كما أورد لها الذهبي في مسنده 380 حديثا، أمّا وفاتها فقد كانت في خِلافة يزيد بن معاوية سنة تسعٍ وخمسين للهجرة، عن عُمرٍ ناهز التسعين عاماً، ودُفِنَت في البقيع.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x