2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يرتقب أن يقوم المبعوث الشخصي للأمم المتحدة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، ستافان دي ميستورا بجولة ثانية للمنطقة منذ توليه مهامه في الفاتح من نونبر 2021، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية “إيفي”.
وتأتي جولة دي ميستورا للمنطقة في سياق متغيرات إقليمية تاريخية في ملف الصحراء المغربية، كان آخرها اعتراف إسبانيا بمقترح الحكم الذاتي في الصحراء، كحل أكثر جدية وواقعية وصدقية، وهو ما يجل التساؤل مشروعا عما إن كان ذلك سيحدث تغيرات في الزيارة المقبلة للمبعوث الاممي.
وفي هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسَيْني، أن “موقف إسبانيا الجديد غير كثيرا المعطيات التي من خلالها يمكن للسيد ديميستورا أو للأمم المتحدة في إطار مجلس الأمن أن تتخذ مواقفها فيما بعد لعدة أسباب”.
وأضاف الحسيني في تصريحه لـ”آشكاين”، أن من بين هذه الأسباب، هو كون “إسبانيا هي المستعمر السابق لإقليم الصحراء وتتوفر على العديد من الوثائق المهمة من أجل توضيح الرؤية حول ماضي هذه المنطقة، وذلك في تكامل حتى مع مواقف محكمة العدل الدولية التي اعتبرت في رأيها الاستشاري أن أراضي الصحراء لم تكن أرضا بدون مالك، وأجابت حتى عن السؤال الثاني، في إطار الفقرة 130 من رأي هذه المحكمة، بأن سكان الصحراء كانوا يرتبطون بعلاقات الولاء والبيعة مع سلطان المغرب”.
موردا أن “عناصر السيادة التي يتطلبها القانون الدولي الإسلامي والتي تقوم على البيعة باعتبارها علاقة مع الأشخاص وليس مع التراب، علما بأن رئيس محكمة العدل في حينه كان قد أوضح أن هؤلاء السكان لم يكونونا يقيمون بين السماء والأرض، بل كانوا يقيمون فوق إقليم هو إقليم الصحراء، وكانوا يتنقلون في إطار سكان البدو في ظل بحثهم عن الماء والكلأ”.
وتابع أنه “ما دامت العلاقة الشخصية المرتبطة بالبيعة قائمة مع السلطان فهي التي تعني علاقة البيعة في إطار القانون الدولي والإسلامي الذي هو مصدر لكل الحضارات حسب حتى لجنة الأمم المتحدة الخاصة بتدوين القانون الدولي، والذي أسس منذ 1946”.
وأكد محدثنا أن “إسبانيا لديها اليوم كل التفاصيل بخصوص هذه الوضعية، وهي على اضطلاع بالظهائر التي كان السلطان المغرب يصدرها لتعيين القياد والباشوات وغيرهم، ولها معرفة بالاتفاقيات التي وقعت لإنقاذ الغرقى في إقليم الصحراء وغير ذلك من المعطيات، ما يعني أن إسبانيا ستكون مفيدة إلى أبعد الحدود”.
وأبرز أن “إسبانيا عضو عامل وديناميكي في ما يسمى مجموعة أصدقاء الصحراء، ولو أن الولايات المتحدة هي التي تعتبر حامل القلم لتحرير مشاريع قرارات مجلس الأمن، ولكن هي تسير بكيفية أساسية مع إسبانيا التي تتوفر على سائر المعلومات بهذا الخصوص”.

وشدد الخبير نفسه على أنه “يجب أن لا ننسى أن إسبانيا هي الإشعاع المركزي لكل البلدان الناطقة بالإسبانية، وليس فقط في المحيط الأوربي أو الإفريقي، ولكن أساسا في أمريكا اللاتينية، وعادة ما تتبنى بلدان أمريكا اللاتينية المواقف التي تتخذها إسبانيا بشأن هذا المضوع، فأن يعترف رئيس الحكومة الإسبانية بأن مقترح الحكم الذاتي هو الأكثر جدية وصدقية وواقعية، وأخط خطا على كلمة “الأكثر”، بحيث أنه يفضله على جميع المقترحات التي يمكن أن تطرح، رغم أن هذه المقترحات غير موجودة أصلا”.
ولفت الانتباه إلى أن “الإشارة في رسالة سانشيز إلى الملك لضمان الوحدة الترابية والحفاظ عليها، يشكل في حد ذاته اعترافا يتقارب مع الاعتراف الأمريكي بشأن السيادة على الصحراء، وإذا كانت هذه البلدان الأساسية، بما فيها فرنسا إسبانيا ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية تسير في هذا الاتجاه، فإن فرنسا وأمريكا لهما عضوية دائمة داخل مجلس الأمن”.
وتابع أن “الشيء الوحيد الذي يبقى مطروحا حول لائحة البلدان التي قد تتخذ موقفا داخل المجلس، هو موقف روسيا، وأظن أن المغرب الذي ارتبط مع روسيا سابقا بـ”اتفاقية القرن” المتعلقة بالفوسفاط والحوامض، ثم ارتبط معها سنة 2016 بمعاهدة شراكة استراتيجية معمقة، أي تفوق معاهدات العلاقات الاستراتيجية الاعتيادية، فهي علاقات معمقة، أي أن هناك مصالح متبادلة جد مهمة سيتم تبادلها بين الطرفين”.
لافت الانتباه إلى أنه “لاحظنا كيف كان موقف المغرب عند التصويت على مشروع قرار مجلس الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص أوكرانيا، وهذا الموقف يدخل في إطار المرونة مع روسيا من أجل دفعها لاتخاذ مواقف مستجيب للمطالب المغربية”.
وأردف أن “دي ميستورا سيكون عليه أن يمارس مهامه في دعوة الأطراف إلى الاجتماع، أو زيارة الأطراف على الأقل في مرحلة استكشافية، ما يعني أن عليه أن يطبق مقتضيات القرار 2602 لذي جاء واضحا وصريحا وينص على أن الطريقة الوحيدة للتوصل إلى مفاوضات التسوية هي جمع الأطراف في موائد مستديرة، والأطراف معروفة الآن لدى الجميع، وهي الجزائر والمغرب والبوليساريو وموريتانيا”.
ونبه الحُسَيْني إلى أنه “في حال امتنعت الجزائر عن الاجتماع عن الموائد المستديرة، كما فعلت في المرحلة الاولى، فهذا يشكل نوعا من العصيان لتطبيق قرارات مجلس الأمن، وعلى هذا المجلس أن يتخذ المواقف المناسبة خلال المرحلة المقبلة، علما أنه لم تصدر أية تفاصيل عن ما دار في الاجتماع الأربعاء لمجلس الامن، والذي كان بحضور دي ميستورا ورئيس بعثة المينورسو، والأخير يمكنه أن يفيد المجس فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، إذ أن المحاضر التي تحررها المينورسو ترفع إلى رئيسها والذي يرفعه بدورها إلى مجلس الامن، والتي تؤكد أن المغرب ظل يحترم تدابير وقف إطلاق النار التي حددت بمقتضى الاتفاق العسكري رقم 1، منذ أوائل التسعينات، بينما تقوم البوليساريو يوميا بخرق هذه الالتزامات”.
وخلص إلى أن “مصداقية البوليساريو كطرف في هذه المفاوضات ستكون مهتزة نتيجة هذا الوضع المتردي الذي تعاني منه المنطقة، ما يعني أنه حتى المنطقة العازلة فقدت أهميتها كعنصر أساسي في التحكيم”.
معتبرا أن “السياق الذي يعرفه الملف هو سياق إيجابي، إذ أننا تجاوزنا تلك المرحلة التي عبر عنها الخطاب الملكي بأن شهر أبريل كان يستعمل ضد المغرب كفزاعة كلما جاء هذا الوقت لمواجهته بتحديات جديدة، والعكس هو الحاصل، إذ أن الجزائر والبوليساريو هما اللذان يحشران في هذه الزاوية بخصوص هذا الموضوع، وأعتقد أن كل التطورات تسير في اتجاه إيجابي، وسيأتي شهر أكتوبر المقبل وإما أن تجدد بعثة المينورسو أو أن مجلس الامن سيكون مدعواً لاتخاذ قرارات صارمة فيما يتعلق باعتماد مقترح الحكم الذاتي، لأن هذا الملف طال أكثر مما يتصور بخصوص دور الامم المتحدة”.