لماذا وإلى أين ؟

لعروسي يُعَدِّد أسباب عدم دعم جامعة الدول العربية للجزائر في أزمتها مع إسبانيا

فشل النظام الجزائري في كسب تعاطف جامعة الدول العربية تجاه أزمته مع إسبانيا، وهو ما بدا جليا في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الجزائري تنفي فيه “فشلها في عقاد اجتماع طارئ لهذه الجامعة”، كما أنها تقر ضمنيا أنها لم تستطع  الحصول على إجماع من نفس الجامعة.

وقالت الخارجية الجزائرية، في بيانها، إن “الجزائر الواثقة من صواب موقفها وصحة ما اتخذته من قرارات سياسية سيادية في هذا الشأن, في غنى عن استصدار مواقف مؤيدة لها سواء من دول شقيقة أو صديقة أو من منظمات دولية”، وهو ما يؤشر على عدم تمكن الجزائر من استصدار قرار من جامعة الدول العربية يؤيدها في أزمتها مع إسبانيا بسبب تغيير الأخيرة موقفها من الصحراء المغربية ودعمها للحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب، منذ 2007، كحل لهذه النزاع.

عدم خروج جامعة الدول العربية بموقف مؤيد للنظام الجزائري في أزمته مع إسبانيا بسبب المغرب، يعيد إلى الأذهان موقف هذه الجامعة تجاه أزمة المغرب مع إسبانيا، خاصة بعد دخول الاتحاد الأوربي على الخط، ودعمها(الجامعة) للمغرب، وهو ما يثير علامات استفهام كبيرة عن أسبابا عدم دعم جامعة الدول العربية للجزائر كما فعلت مع المغرب سابقا.

الخبير في العاقات الدولية والشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي

وفي هذا السياق، يرى الخبير في العاقات الدولية والشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي أنه “يجب أن نفهم أن طبيعة نظام الجامعة العربية قد تغير بشكل كبير منذ حرب الخليج إلى الآن، وموازين القوى أصبحت مركزة في يد مجموعة من الدول، فإذا كانت قبل حرب الخليج كل من مصر والمملكة السعودية تشكلان قطب الرحى لجامعة الدول العربية، فإنه بعد 2011 وما صاحبها من ثورات عربية، تغيرت جامعة الدول العربية، من خلال مرازك القوى، فلم تعد هناك مصر قوية ولا عراق قوية، ما يعني انهيار هذا المثلث الأمني القوي: سوريا، العراق ومصر”,

وأوضح لعروسي، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “نظام الجامعة العربية يرتكز على دول الخليج  أو الدول المحافظة، التي تضم ما يسمى بنادي الملكيات والمَشْيَخات في العالم العربي، بالتالي فهذه الدول متفقة أساسا على دعم المغرب وسياسته، خاصة في ما يتعلق بالاعتراف بمغربية الصحراء”.

ولفت الانتباه إلى أن “جامعة الدول العربية لا يمكن تصورها كجامعة مثالية تحاول البحث عن حلول وسطى، بل هي تذهب في اتجاه الإجماع العربي وهذا الإجماع منصب على دعم المغرب”.

وأردف أنه “استشعارا من هذه الدول بأهمية المغرب ودوره في السياسة العربية، وأيضا استشعارا لعزلة الجزائر في الآونة الأخيرة واختياراتها الخاطئة، خاصة بعد قطعها العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، يبرهن عدم دخول جامعة الدول العربية في أول الأمر بعد هذه التصعيد الدبلوماسي الذي نهجته الجزائر”.

وتابع أن “هذا التنافر الحاصل بين الجزائر وجامعة الدول العربية فإن الأخيرة لم تشأ أن تدخل في سياق الخلاف الجزائري الإسباني، لاعتبارات أساسية، أولها أن معظم الدول في الجامعة العربية تتفاعل بشكل ديناميكي وإيجابي مع المغرب وليس مع الجزائر”.

وثاني هذه الاعتبارات، يستطرد لعروسي هو أن “الإطار التنظيمي لجامعة الدول العربية  لا يندخل في العلاقات الخلافية بين الدول المنضمة للجامعة ودول أخرى من خارج جامعة الدول العربية، فالأخيرة تحل الخلافات البينية من داخل منظومة الدول العربية وليس من خارجها، ما يعني أنه من باب تنظيمي فلن تعطي الجامعة أهمية قصوى للخلاف الجزائري مع إسبانيا”.

وخلص إلى أن “جامعة الدول العربية لن تجازف كمنظمة وكتلة إقليمية بالدخول في خلاف أو تأويل لهذا الخلاف الجزائري مع إسبانيا، كما أن غياب الإجماع وهذا التقاطب الذي أشرنا له سلفا، كلها عوامل ليست في صالح الجزائر، والدليل على ذلك، أن انعقاد قمة جامعة الدول العربية بالجزائر لم يلاق ترحيبا، والجامعة لم تتحمل الحديث والنقاش المثار عن إمكانية انعقاد القمة في غياب المغرب، بل وإن من الدول العربية من ذهبت إلى أنه لا يمكن جمع الدول العربية في غياب المغرب”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x