2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يستعد المغرب للمُراهنة على الطّـاقة النووية كبديل طاقي جديد، بعدما أعلنت ذلك في بداية الشهر ليلى بنعلي وزيرة الإنتقال الطاقي أمام مجلس المستشارين.
وقالت الوزيرة أن “المغرب استثمر في الطاقة الشمسية والطاقة الريحية و يخطط الآن للإستثمار في الطاقة النووية لتلبية احتياجاته المستقبلية من الكهرباء “، مضيفة أنه “الآن يجب اتخاذ قرار وطني لبدء انتاج الكهرباء من الطاقة النووية “. لكن السؤال الذي يتبادر في الأذهان هو هل المغرب مستعدٌ للانطلاق في هذه المغامرة ؟
خُطط واتفاقيات
الوزارة التي تقودها بنعلي الآن، أصدرت بالفعل تقريرا عن الخيار النووي عام 2015، التقرير الذي بقي منذ ذاك حبيس المكاتب والأدراج، إلى غاية الآن ، حيث قامت الوزيرة بنفض الغبار عنه وتحديثه. حيث كشفت في خطابها أن “الوثيقة تتضمن توصيات بالتوجه إلى الطاقة النووية وتشمل الدراسة البنية التحتية والتشريعات الضرورية”.
في السياق ذاته، فإن هذه لن تكون التجربة الأولى للمغرب في مجال الطاقة الذرية، حيث أنشأ عام 2009، المغرب مفاعلا نووياً صغيراً بقدرة 2 ميغاواط في غابة المعمورة ، بالقرب من الرباط ، والذي أنشئ كجزء من مشروع بحثي تم الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة في عام 1980.
وفي خطوة جدية من المغرب في اتجاه أهدافه الذرية، وقعت وزيرة الإنتقال الطاقي قبل شهر، في 14 مايو الماضي، مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مسائل الطاقة مع نظيرها السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أعلن فيه أن كلا البلدين سوف يطوران مشاريع لتصميم وبناء وتشغيل محطات الطاقة النووية، وكذلك لإدارة النفايات الناتجة عن تلك الصناعة.
وفي السياق ذاته، كان رافاييل غروسي، مدير وكالة الطاقة الذرية، قد زار الرباط في 20 يونيو والتقى بالوزيرة بن علي. وأعلن عند مغادرته الإجتماع أن “تجربة المغرب في العلوم النووية رصيد ثمين لتنمية البلاد “. وأضاف أن “النقاش تركز على الإقتصاد المغربي وآفاق الطاقة النووية والمفاعلات النموذجية الصغيرة”.
أسباب التوجه الذري للمغرب
عوامل كثيرة قد توضح سبب استعداد السلطات المغربية الآن لاتخاذ هذه الخطوة، فعلى سبيل المثال على الحصر، فقد منح إغلاق الجزائر في أكتوبر لخط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي ، الذي مر عبر أراضي المغرب قبل أن ينتهي في قادس ، (منح) المغرب شعورًا نسبيا بالضعف الطاقي، على الرغم من حقيقة أن نسبة الغاز الجزائري التي يستهلكها المغرب صغيرة جدًا. كما أنه و قبل قطع خط أنابيب الغاز، كان المغرب قد راهن بالفعل على الطاقة المتجددة، حيث تتوقع الحكومة المغربية أنه في عام 2030 سيكون هذا مصدر 52 ٪ من الكهرباء التي ينتجها.
من ناحية أخرى، يتطلب الإنطلاق في مغامرة نووية مدنية دعمًا سياسيًا دوليًا ، لأن عدم وجوده يمكن أن يملأ الطريق بالعقبات. ومن هذا المنطلق، عمّق المغرب علاقاته مع الولايات المتحدة، خاصة منذ نهاية عام 2020، بعد اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، ومنذ ذلك الحين حافظ على علاقة وثيقة مع إسرائيل .
ورجح مهتمون بالشأن الطاقي، أن أول محطة للطاقة النووية ستقام على حافة المحيط الأطلسي ، بالقرب من سيدي بولبرا ، على بعد مائة كيلومتر شمال أكادير. ومع ذلك ، لايزال من المبكر الجزم في اسم الشركة التي ستتكلف ببناء المحطة، منذ أكثر من عقد من الزمان ، أظهرت شركة Atomstroyexport الروسية الحكومية علنًا اهتمامها ببناء محطة للطاقة النووية في المغرب، ولكن في ظل الوضع الحالي للحرب في أوكرانيا، يبدو أنه من المستبعد أن تكون هذه هي الشركة المحظوظة.
سباق ذري مع الجار الجنوبي
فيما يعد الخطر الرئيسي للخيار النووي المدني المغربي ليس في تشويهه لتحويله إلى عسكري كما يُشتبه في قيام إيران بذلك، لأن المغرب ليس لديه هذا الإغراء. بل الخطر الأكبر هو أن الجارة الجزائرية تريد أن تتبع نفس المسار و أن “الثقلان” في المنطقة المغاربية يتوجهان إلى الطاقة النووية. حيث وفي عدة مناسبات، أثار وزراء الطاقة الجزائريون إمكانية بناء مصانع للطاقة الذرية، لكن هذه الخطط لم تتحقق أبدًا.
وفيما يتعلق بالجارة الجزائر، ففي عام 1991 ، اشتبهت الولايات المتحدة في أن الجزائر تريد صنع قنبلة ذرية بمساعدة الصين. كما أشار تقرير من Cesid (المخابرات الإسبانية) ، والذي كشفت عنه صحيفة “El País” واسعة الإنتشار. حينذاك طلبت واشنطن من العديد من الدول الصديقة، بما في ذلك فرنسا وإسبانيا، التي يحكمها فيليبي غونزاليس آنذاك، إجراء ترتيبات مع الجزائر لثنيه عن ذلك. ليعلن وزير الخارجية الجزائري محمد صلاح دمبري في حفل تدشين عام 1993 لمفاعل نووي تجريبي صغير بني بمساعدة الصين في بيرين :” الجزائر تقول لا للطاقة الذرية العسكرية”.
على اسرائيل الوقوف الى جانب المغرب في امتلاكه لالسلاح النووي وكل اسلحة الردع الاستراتيجي .