لماذا وإلى أين ؟

بيلماون بصيغة المؤنث

الحسين بويعقوبي

أثير نقاش حول التحولات الأخيرة التي تعرفها عادة “بيلماون” وخاصة إستعمال الماكياج وظهور فتيات يساهمن في الإحتفال بالتنكر في جلود الأكباش. وهنا لا بد أن أشير إلى أن كل ما نعتبره موروثا هو بالضرورة نتاج سيرورة من التحولات لم نعشها بل وصلتنا بالصيغة التي نعتقد أنها “صيغة أصلية” لا يجب أن تخضع لأي تغيير.

وكلما كانت ممارسة ثقافية عريقة جدا, مثل بيلماون, وفي مجتمع شفوي كلما صعب تتبع مسار تطورها والتحولات الطارئة عليها.
والحال إن طقوس بيلماون عرفت تغيرات كبرى منذ الإستقلال إلى اليوم تجلت في طبيعة الجلود المستعملة وفي تعدد و تنوع الأزياء التنكرية, وظهور إبداعات جديدة على مستوى الأقنعة, ثم طبيعة الموسيقى والأهازيج والآلات المصاحبة ل”بيلماون” وأيضا كثرة عدد المشاركين, وتعدد وتنوع الشخصيات الممثلة والمواضيع المطروحة.

وهي تحولات مست عدة مستويات وتحتاج لجرد دقيق وبحث إثنوغرافي لوصفها. وضمن هذه التحولات نجد استعمال الماكياج والصباغة والألوان لتحويل الجسد إلى مجال للإبداع.

أما بالنسبة لولوج الفتيات لهذه العادة فذلك ليس بغريب. أولا لأن العديد من المجالات التي كانت حكرا على الرجال بدأت النساء تلجنها (السياقة, الجيش والشرطة, الرياضة “كرة القدم مثلا”, البناء…), كما أن فن الروايس مثلا كان في البداية ممارسة رجالية قبل أن تفرض أسماء نسائية نفسها في هذا الميدان, وكذلك الأمر في المسرح.

ألم يمثل الرجال دور النساء في فترات معينة? لا يخرج الكرنفال عن هذه القاعدة. فالكرنفال في العالم كان في بداياته ممارسة ذكورة, ولم تلجه النساء إلا متأخرا, وهذا ما يحذث في كرنفال بيلماون. وقد نصل مستقبلا كما هو الحال في الكرنفالات الدولية لتتجرأ المرأة على تمثيل الرجل و التهكم به, كما يفعل الذكور حين يمثلون النساء ويتهكمون بهن.

إن التحول والتغير قاعدة عامة في كل الممارسات الثقافية, واستمرار هذه الأخيرة رهين بقدرتها على التأقلم مع التحولات المجتمعية, وقدرتها على الانفتاح لتضم شرائح جديدة في المجتمع. ويبقى تنقية الممارسة الثقافية من كل ما يشين لها من أعمال وتصرفات تفقدها بعدها الثقافي الإنساني أمر ضروري.

أستاذ جامعي

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x