لماذا وإلى أين ؟

خبير يَرصُـد رسائل الإعلان المغربي الألماني المُشترك

يواصل المغرب وألمانيا تنزيل الخطوات المتتالية لإرساء معالم المرحلة الجديدة التي تطبع استئناف علاقاتهما بعد شهور من الجمود والتوتر، والتي عادت إلى سابق عهدها في قالب أكثر تطورا، من خلال اعتراف ألمانيا الاتحادية بمبادرة الحكم الذاتي كحل جيد لإنهاء الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وجدد المغرب وألمانيا التأكيد على رغبتهما المشتركة في مزيد من تعميق العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين منذ عدة سنوات، من أجل إقامة شراكة قوية وموجهة نحو المستقبل، وذلك في إعلان مشترك عقب المباحثات التي أجراها، يوم الخميس 25 غشت الجاري بالرباط، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، و وزيرة الشؤون الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، أنالينا بربوك، التي تقوم بزيارة عمل إلى المملكة.

وحسب نفس الإعلان فإن “هذا الطموح المشترك، نابع من رغبتهما في تعزيز الحوار والعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية وبين الأشخاص والنهوض بالديموقراطية ودولة القانون والحكامة الجيدة وتطوير التجارة والإستثمارات والتعاون في مجال السياسة البيئية وسياسة التنوع البيئي وكذا الحلول الطاقية الخضراء”، وهو ما يجعل آفاق التعاون في المجالات التي تطرق لها الجانبان واسعة.

وفي هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، أن “التصريح المشترك بين المغرب وألمانيا، أعاد التأكيد على دعم ألمانيا للمقترح المغربي لحل النزاع حول الصحراء، وهو الموقف الذي كان قد عبر عنه الرئيس الالماني في الرسالة التي وجهها للعاهل المغربي، وكانت تلك الرسالة بمثابة إنهاء للأزمة العابرة التي كانت قد شهدتها العلاقات بين البلدين، وفي خطاب 20 غشت الأخير أشاد جلالة الملك بهذا الموقف الألماني”.

وأوضح نور الدين، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “التصريح المشترك المذكور شدد على أن ألمانيا تعترف بالجهود التي يقوم بها العاهل المغربي لبناء الإتحاد المغاربي  وإيجاد حل لملف الصحراء، وهو ما يفيد ضمنيا إدانة للأطراف التي تعرقل البناء المغاربي وتسمم العلاقات المغاربية وفي طليعتها الجزائر التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية بشكل أحادي مع المغرب في غشت 2021، وتعمل على تصعيد التوتر في المنطقة المغاربية، وتحشد جيشها على الحدود المغربية وتشن حربا اعلامية شاملة ضد المغرب”.

أحمد نور الدين
المحلل السياسي أحمد نور الدين، الباحث في القضايا الدولية والإستراتيجي

وأضاف أن “وزيرة خارجية ألمانيا جددت في نفس التصريح المشترك دعمها للمبعوث الأممي للصحراء، ستيفان ديمستورا،  وجددت دعمها للقرار الأخير لمجلس الأمن 2602 حول الصحراء المغربية، وهي إشارة أخرى تدين ضمنيا الدولة التي رفضت هذا القرار ورفضت المشاركة في الموائد  المستديرة التي دعا إليها القرار، وقد وثقت الجزائر معاكستها للقرار في بلاغ رسمي لوزارة خارجيتها”.

وأردف أنه “من هذه الزاوية يعتبر التصريح المشترك مكسبا دبلوماسيا جديدا للمغرب في معركته المقدسة للدفاع عن وحدته الوطنية والترابية ضد مخططات التقسيم والتفتيت التي تقودها الجزائر منذ نصف قرن”.

“من ناحية أخرى”، يسترسل الخبير نفسه، فإن “التصريح المشترك يعطي نظرة عن مستقبل العلاقات بين المغرب وألمانيا وعن تطورها، وهو يرسم شبه خارطة طريق في مختلف المجالات حيث شمل التصريح  59 فقرة، وهذا الكم من الفقرات التفصيلية يعني أن هناك إرادة سياسية لدى الطرفين في جعل هذا التصريح وثيقة مرجعية يمكن الرجوع إليها عند الضرورة وليس مجرد تصريح عابر”.

وأشار إلى أن “هناك ستة محاور كبرى للتعاون تتمثل في محور الحوار السياسي والاستراتيحي، محور التعاون الأمني ومحاربة الارهاب، ومحور التعاون البيئي، محور التعاون من أجل التنمية، ومحور التعاون الاقتصادي، ومحور التعاون الثقافي والبحث العلمي”، موردا أن “هذا التنوع في المحاور يؤكد التزام البلدين لتطوير التعاون الشامل في كل المجالات بناء على المكتسبات التي تحققت في السابق”.

وأبرز محدث “آشكاين” ، أنه “من جهة أخرى يلاحظ أن هناك تركيزا واضحا على مواضيع بعينها، منها موضوع التعاون الأمني بكل أبعاده بما فيه البعد السيبراني والإلكتروني، وهذا اعتراف متجدد بالدور الذي تقوم به أجهزة الامن المغربية في دعم الأمن والسلم في ألمانيا وأوروبا، من خلال مساعدة الأجهزة الأمنية المغربية لنظيراتها الأوربية لاستباق عمليات إرهابية والكشف عن خلايا غرهابية قبل تنفيذ العمليات، أو من خلال المساعدة في الوصول إلى منفذي العمليات الإرهابية بعد وقوعها، ويمكن أن نذكر في هذا الصدد بما قدمه المغرب من دعم لألمانيا في عمليتي برلين وهامبرغ”.

وخلص إلى أن “يلاحظ أيضا أن هناك تركيزا على البيئة والاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة والبحث العلمي، وهذا سينعكس بدون شك على تطوير الإستثمارات الالمانية بالمغرب في هذه القطاعات الحيوية التي تشكل محركات التنمية في القرن 21 كما أنها هي التي سترسم مستقبل الكرة الأرضية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x