مهنة العدول هي مهنة عريقة ضاربة الجذور في تاريخ المغرب هي مهنة التوثيق العدلي عمرها يزيد عن قرن من الزمن، بل التوثيق في المغرب كان واحدا هو الذي مارسه و يمارسه العدول منذ ما قبل فترة ما يسمى بالحماية كما هو الشأن في كل بلدان العالم.
و مع اطماع المستعمر الفرنسي في الهيمنة و الاستيلاء على خيرات المغرب عبر شراء أراضي المواطنين المغاربة بمبالغ خيالية، كان الرفض من السادة العدول لغيرتهم على الوطن و لوطنيتهم الصادقة، ففكر أهل الحل و العقد من أصحاب القرار الفرنسي في خطط لتنفيذ أحلامهم، فاستحدثوا نظام الكتابة العرفية ما يعرف بالعقود مصححة الإمضاء فكان التجاهل و الرفض من طرف المغاربة، فقرر أهل الحل و العقد من أدمغة الدولة الفرنسية في إحداث نظام توثيقي منافس للتوثيق العدلي الذي يمارسه العدول فقط.
فاستحدث نظام التوثيق ما يسمى العصري بناء على ڤانتوز، فذلك ما صار و لكن بجعل الموثق فرنسي الجنسية و أطراف العقد يكون أحدهما مغربي و الاخر فرنسي أو من الرعايا الفرنسين، و تم هذا سنة 1925 وللانتقام ممن وقفوا سدا منيعا أمام أطماع المستعمر الفرنسي، و هم السادة العدول، تم الترويج لمقولة من وثق عقده عند الموثق فهو آمن و من وثق عقده عند العدول فهو يوثق عقده بدرجة أقل من حيث الجودة، و استمر الأمر على ذلك في مخالفة صريحة للقانون، و هذا ما كتبته و قلته في عدة ندوات و ملتقيات و حوارات و فيديوهات منذ سنين ، فالواقع التوثيقي في المغرب أبان عن مخالفات نوضحها كما عاشها المغاربة بمؤامرة صمت مكشوفة و تم التستر عليها الى سنة 2011 كيف تم ذلك ؟
منذ 1925؛ مع صدور قانون منافس التوثيق العدلي المسمى التوثيق العصري نجد أن الموثقين كان جزء منه فرنسي الجنسية و جزء آخر مغربي الجنسية، المستعمر الفرنسي استغل صدور القانون فباشر عمليات الشراء من المغرر بهم المغاربة لاراضي بأثمنة مغرية و تحقق له ما أراد في حدود أدنى و استمر التوثيق العصري في أداء مهامه مخالفا للقانون المنظم و هو ممارسة مهنة التوثيق العصري من طرف موثقون مغارية و الأطراف مغربية مما يعتبر معه أن العقود باطلة بقوة القانون لانتحال صفة مهني غير منصوص عليه قانونا الموثق المغربي ، ومع الحراك الذي تزامن مع حركة عشرين فبراير و تغيير الدستور و حكومة ما بعد التغيير الدستوري فتح ورش اصلاح منظومة العدالة ام الاسراع بمغربه القانون المتعلق بالتوثيق العصري فغيروا مادة من يباشر مهمة الموثق فجعلوها تمارس من طرف مغاربة لحل مشكل انتحال صفة و انذاك طرحت سؤالا ما هو مآل العقود المنجزة منذ سنة 1925 الى غاية 2011 من طرف موثقين مغاربة و بين اطراف مغاربة ؟
ملخص القول التوثيق بدأ واحدا و تعدد مع المستعمر و رحل المتسعمر الفرنسي و لم يرحل معه تركته التي حقق بها بعض أهدافه التي كان يحلم بها و الأصل كان لابد من العودة للاصل كما هو معمول به في كل دول العالم التوثيق عندهم واحد تمارسه جهة مختصة رفعا لكل حرج و لكل اضطراب لدى المواطن.
التوثيق العدلي توثيق يقدم خدمات جليلة للمواطن و الوطن يساهم في بناء الاسر و يحفظ الانساب و يضمن الحقوق انجاز التركات و يضمن استقرار و حفظ الحقوق و المعاملات المتعلقة بالبيع و الشراء والتبرعات من عقود الهبة و الصدقة و عقود حق الانتفاع و كذلك يساهم في عملية التجمع العائلي المتعلقة بمغاربة المهجر و تطهير الرسوم العقارية من التحملات التي بها من انجار عقود رفع اليد و انجاز الوصايا و التحمل العائلي لا يسع المجال هنا لحصرها و ذكرها.
التوثيق العدلي انطلق لخدمة المواطن و الوطن و بقي وفيا لذلك عبر عدول موثقون اشتغلوا و يشتغلون في صمت مقدمين خدمات جليلة لكل المؤسسات ذات الصلة و ينتظرون قانونا جديدا يعيد لهم الاعتبار و المكانة التي تليق بهم، الموضوع ذو شجون و يحتاج لحلقات طويلة ساعمل في كل مرة و ضع مقالا توضيحيا باذن الله.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.