2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
“بــؤرة إجرام” تُحــيط بأكبر مُنتجع سياحي بالجـــنوب المغربي

صرفت الحكومة المغربية الملايير من الدراهم من خزينتها من أجل تشييد أكبر مشروع سياحي بالجنوب المغربي “تغازوت باي”، على أراضي جماعتي تغازوت وأورير شمال مدينة أكادير، في إطار استراتيجية التنمية السياحية المعروفة سابقا بعنوان ”رؤية 2010″، لكونها تمثل 20 في المائة من مشروع تمديد المنتجعات الشاطئية المستهدفة في إطار مشروع “المخطط الأزرق”.
وبعدما تم الإنتهاء من نسبة أكثر من 80 في المائة من المشروع وبدأت فنادق المنتجع تستقطب الآلاف من السياح من مختلف مناطق العالم وأصبح منتجع “تغازوت باي” ينافس بقوة الفنادق المصنفة بأكادير، صار كل ذلك مهددا بالزوال بسبب “بؤرة الإجرام” التي تحيط بالمشروع الذي كلف خزينة الدولة الملايير من الدراهم.
جمـــاعة أورير التي تضم أراضيها ما يقارب 60 في المائة من مشاريع المنتجع السياحي الضخم “تغازوت باي”، كانت وما تزال منطقة توتر بمحيط مدينة أكادير بسبب الأحداث الإجرامية التي تشهدها بين الفينة والأخرى، كيف لا وهي المنطقة التي كانت قبل سنوات مسرحا لأحداث فر و كر بين القيادة الجهوية للدرك الملكي وبارون المخدرات (ع.ف) الذي هدد عناصر الدرك بالقتل بمسدسه.
وبالرغم من الجرائم المتكررة، إلا أن المنطقة المشار إليها لا تتوفر لا على مركز للدرك الملكي أو على ملحقة أمنية، بل بقيت تابعة إلى مركز الدرك الملكي بجماعة تغازوت الذي لا يضم إلا 20 فردا، ملزمين بتغطية المجال الترابي لجماعتي أورير (948 36 نسمة حسب إحصاء 2014) وتغازوت (5260 نسمة حسب إحصاء 2014)، ومراقبة حركة السير والجولان ودوريات بالشريط الساحلي، إلى جانب المهام الإدارية بالمركز.
قانون الإجرام
وبالرغم من الجرائم المتتالية بمنطقة أورير وترافع جمعيات المجتمع المدني والمنتخبين على مدى سنوات من أجل التدخل لتوفير الحد “الأدنى من الأمن”، إلا أن القيادة الجهوية للدرك الملكي ترفض الزيادة في عدد أفراد مركزها بتغازوت، وإدارة الأمن الوطني ترى أن عدد الشكايات المسجلة بالمنطقة لا يؤهلها لإحداث ملحقة أمنية، وفق ما أكده منتخبون.
العدد الضئيل من شكايات المواطنين عن جرائم السرقة والإعتداء التي تشهدها المنطقة تؤكدها الأرقام التي تتوفر عليها مصالح الدرك الملكي، لكن الواقع يكذبها، لأن “قانون الإجرام” يمنع “النشطاء في هذا المجال” التقدم لدى السلطات بشكاية في موضوع الإعتداء أو السرقة أو غيرها من الجرائم التي تقع بشكل شبه يومي، وهو ما تؤكده واقعة حدثت قبل أيام قليلة أبطالها مراهقون.
فقد كان حي “إكركنا” بأورير مسرحا لجريمة بشعة، تتمثل في صراع بين مجموعة من الشباب،استل أحدهم سيفا وووجه ضربات إلى خصمه على مستوى الوجه رسمت جرحا غائرا من جبهته إلى خده مرورا بالعين. وعند نقله صوب المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية رفض بشكل قاطع إستدعاء الشرطة لأن “قانون الإجرام” يمنعه، وإلا فسينعت بنعوث من قبيل “الدمدومة” أو “الخواف” أو غير ذلك من المصطلحات.
وقبل أن يخرج الضحية من المستشفى توجه زملاؤه صوب المتهم بالحي المشار إليه، فهاجموه بسيوفهم متسببين له جروحا أكثر بشاعة. ونفس الأمر كذلك، امتنع عن إستدعاء الشرطة للقيام بالإجراءات القانونية المعمول بها، خوفا من وصم “الدمدومة” و”الخواف”، فـ”قانون الإجرام” لديهم يقتضي الرد بالمثل أو أكثر ويمنع الخضوع للقانون.
الله إسامح
وإذا كان “قانون الإجرام” يحكم الأعراف بين الذين تربطهم علاقة تصفية “حسابات إجرامية”، فإن “قانون الله إسامح” هو من يفرض سلطته بين بقية المواطنين الذين يتعرضون لمختلف الجرائم. حيث بمجرد أن يتعرض مواطن أو مواطنة لاعتداء كيف ما كان نوعه حتى يتدخل أناس بذريعة إصلاح ذات البين تنزيلا لمضامين “قانون الله إسامح”.
شروط نجاح “قانون الله إسامح” لا تعدو أن تكون دموع أم المعتدي أو أحد أفراد أسرته ومبلغ مالي يحدد بمقياس نوع الإعتداء وأضراره، ما يطمس الموضوع ويقطع توصل سلطات الدرك الملكي بملفات الإعتداء نظرا للتركيبة المجتمعية التي تحكمها مجموعة من القيم والمعتقدات.
وأمام الوضع المشار إليه، تبقى الجريمة منتشرة بجماعة أورير المحيطة بمنتجع تغازوت باي السياحي الذي يستقطب مواطنين من جنسيات مختلفة، ما يجعل التناقض قائما بين وجهة سياحية عالمية بامتياز “تغازوت باي”، ووجهة تجارية بامتياز تشهد بيع وشراء مختلف أنواع المخدرات الصلبة منها والسائلة.
وبالفعل، فإن أرقام الشكايات التي تتوصل بها مصالح الدرك الملكي بتغازوت لا تعكس ما يقع على أرض الواقع من جرائم واعتداءات تكاد تكون يومية، أبطالها شباب لم يجدوا حضنا أسريا وثقافيا ولا إدماجا اقتصاديا واجتماعيا.
غياب الأمن والوعود المعلقة
يرى عضو مجلس جماعة أورير؛ محمود الضعزيز (المعارضة)، أن “غياب الأمن” هو مشكل تعيشه ساكنة منطقة أورير منذ سنوات ويطرح تحديات على المصالح الأمنية، مشيرا إلى أن “هذا الموضوع تمت مناقشته في المجلس الترابي في عدة مناسبات وتم القيام برفع ملتمسات لتوفير مركز للأمن الوطني بالمنطقة، خصوصا أن تعداد ساكنة المنطقة يفوق 50 ألف نسمة ويتجاوز هذا الرقم بكثير خلال الموسم الصيفي”.
وأكد الضعزيز في تصريح لجريدة “آشكاين”، أنه بالرغم من المجهودات المبذولة “تظهر بين الفينة و الأخرى انفلاتات أمنية و حوادث سرقة و اعتراض سبيل المارة كما وقع مؤخرا”، مشددا على ضرورة توفير عدد كاف من رجال الأمن يناسب عدد السكان ويناسب الموقع الاستراتيجي للمنطقة بجوار فنادق عالمية “تغازوت باي” يحج إليها السياح من مختلف دول العالم، مشيرا في السياق ذاته إلى أن “أي انفلات أمني يكون له ضرر كبير على صورة السياحة لبلادنا”، وفق تعبير المتحدث.
وحيث يرى المتحدث أن المنطقة تشهد بين الفينة والأخرى “إنفلاتا أمنيا”، فإن رئيس جماعة أورير؛ لحسن المراش، يؤكد أن حل الإشكال الأمني بالمنطقة قريب جدا، مبرزا أنه “في القريب العاجل” سيتم بناء مركز للقيادة الجهوية للدرك الملكي في “منطقة 55 هكتار” بأورير.
وقال المراش الذي كان يتحدث لجريدة “آشكاين”، أن الجماعة الترابية وفرت الوعاء العقاري في ما سيتكفل مجلس جهة سوس ماسة ومجلس عمالة أكادير إداوتنان بالإعتمادات المالية لبنائه، معتبرا أن هذه الموسسة ستلعب دورا في تعزيز الأمن بجماعة أورير بشكل خاص وبالمناطق المجاورة بشكل عام.
الجنوب كان دائما قبلة للسواح الاحانب لما يتمتع به من امن وامان، لكن اذا اصبح اليوم مرتعا للحريمة والمخدرات، فهذا مؤشر خطير على على تحول سلبي في المنطقة. التي كانت مثالا للأطمئنان والامان.