لماذا وإلى أين ؟

البنكُ الدولي يدعو الحُـكومة لرفْـع الدعم عن “البوطة” و تعـويضه بهذه الآلية

أصدر البنك الدولي، تقريرا حديثا أوصى فيه المغرب بإلغاء دعم غاز البوتان وزيادة تعريفة الماء، من أجل تقوية الإقتصاد المغربي المهدد بعدد من العوامل المناخية أبرزها شح التساقطات والجفاف التي تشهده المملكة المغربية.

وتأتي توصيات البنك الدولي هاته، في الوقت الذي يشتكي فيه المغاربة من ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، سواء في قطاع المحروقات أو باقي القطاعات الأخرى، ما انعكس سلبييا على القدرة الشرائية للمواطنين، الذين أطلقوا في اليومين الأخيرين “هاشتاغ لا لارتفاع الأسعار” على مواقع التواصل الإجتماعي.

وقال البنك، في تقرير “المناخ والتنمية”، إن إلغاء دعم غاز البوتان وتطبيق ضريبة الكربون يمكن أن تؤدي إلى تعبئة موارد مالية. تمثل أكثر من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير، خصوصا وأن صندوق المقاصة يدعم غاز البوثان في حين يتم دعم تعريفة الماء بشكل مباشر عن طريق دعم مالية المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

وسجل المصدر أن تعريفة المياه، ظلت عند مستويات منخفضة على الرغم من شح الموارد المتزايدة، ومن شأن الزيادة أن تكون لها آثار إيجابية على المالية العمومية مع التشجيع في الوقت نفسه على زيادة ترشيد المياه.

وأقر التقرير بأن هذه الإصلاحات يمكن أن تكون لها آثار غير متناسبة على الفقراء والضعفاء، وبالتالي وجب اعتماد تدابير تعويضية للطبقة الهشة والفقيرة لكفالة تحقيق تحول منصف من خلال برنامج التحويلات النقدية جيد الإستهداف، مبرزا أن الحكومة بإمكانها الإستفادة من السجل الإجتماعي الموحد الذي يجري تعميمه حاليا.

ويتوجب على المغرب حشد استثمارات إجمالية بحوالي 78 مليار دولار في أفق 2050 لوضع البلاد، يقول ذات التقرير، على مسار منخفض الكربون وقادر على الصمود، حيث يقترح أن تكون هذه الإستثمارات تدريجية على مراحل.

وحدد التقرير 3 مجالات ذات أولوية للعمل المناخي العاجل؛ وهي التصدي لشح المياه والجفاف. وتعزيز القدرة على الصمود في وجه الفيضانات، والحد من الإنبعاثات الكربونية في النشاط الإقتصادي، مؤكدا أن المغرب بؤرة مناخية ساخنة وأحد أكثر بلدان العالم التي تعاني من شح المياه. إذ يقترب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب من المياه للشخص الواحد سنويا.

فعلى سبيل المثال، يشير التقرير إلى أن انخفاض إمدادات المياه بنسبة 25% وتأثير ذلك على جميع قطاعات الاقتصاد وانخفاض غلة المحاصيل بسبب تغير المناخ يؤديان إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.5%.

كما يشير التقرير إلى أنه على الرغم من أهمية الإستثمارات في البنية التحتية للمياه، لكن من الضروري استكمالها بإصلاحات على مستوى السياسات في قطاع المياه وإحداث تغييرات في سلوكيات المستهلكين.

ويتعرض المغرب أيضاً لمخاطر الفيضانات، حيث تم تسجيل 20 فيضاناً كبيرًا على مدى العقدين الماضيين، مما تسبب في خسائر مباشرة بلغت في المتوسط نحو 450 مليون دولار سنوياً، مع تأثير غير متناسب على الأسر الأكثر احتياجاً. ويؤدي ارتفاع منسوب سطح البحر إلى تفاقم مخاطر الفيضانات في المناطق الساحلية التي يقطنها أكثر من 65% من السكان وبها أكثر من 90% من النشاط الصناعي.

ووضع المغرب برنامجاً متطوراً لإدارة مخاطر الكوارث وتمويلها، لكن يجب تفعيل ذلك بشكل كامل. وتشير التقديرات التي وردت في التقرير أن المستوى الأمثل للإستثمارات في إدارة مخاطر الكوارث سيغطي ما يعادل 15-20% من متوسط الخسائر السنوية، وهذا يتطلب استثمارات سنوية في المتوسط بين 67 مليون دولار و90 مليون دولار.

ويحدد التقرير المسارات الرئيسية للحد من الإنبعاثات الكربونية في الإقتصاد بحلول خمسينيات هذا القرن لتقليل الإعتماد على الوقود الأحفوري وتعميم استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع. ويتوقع التقرير أن يتم توليد أكثر من 85% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050 .

وستتحقق مكاسب صافية لا تقل عن 28 ألف فرصة شغل سنوياً ( 140 ألف فرصة في خمس سنوات) في قطاع الطاقة المتجددة وأنشطة كفاءة استخدام الطاقة فقط، ناهيك عن فرص الشغل في مجال الهيدروجين الأخضر أو النقل الكهربائي أو الإستثمارات الصناعية الخضراء الأخرى، مما يعني زيادة فرص التشغيل وتعزيزها.

كما يشير التقرير إلى أن الحد من الإنبعاثات الكربونية سيكلف نحو 53 مليار دولار على مدى العقود الثلاثة القادمة، لكن هذا الأمر سيتحمله القطاع الخاص إلى حد كبير إذا تم تنفيذ سياسات قطاعية مناسبة. وسيكون صافي الأثر الإقتصادي إيجابياً: انخفاض الحاجة إلى الوقود الأحفوري وواردات الأمونيا؛ وزيادة أمن الطاقة؛ والحد من تلوث الهواء، بالإضافة إلى تقليل التعرض لصدمات الأسعار الدولية للهيدروكربونات.

وسيفتح الحد من الكربون الباب أمام المغرب ليصبح دولة مصدرة للطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر بالصافي، ومركزاً للإستثمارات والصادرات الصناعية الخضراء، لا سيما إلى الإتحاد الأوروبي، يردف البنك الدولي في ذات التقرير.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Yass
المعلق(ة)
4 نوفمبر 2022 22:20

اصبح البنك الدولي يملي على المغرب قراراته و يعطيه اوامر . وكل هدا بسبب القروض التي لا نعرف اصلا اين تصرف .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x