لماذا وإلى أين ؟

و من لغــا فلا “قمـّــةَ له”

محمد العطلاتي

تذكر المراجع المختلفة أن تأسيس منظمة جامعة الدول العربية تم بتاريخ 22 مارس سنة 1945 من طرف سبع دول عربية هي مصر، سوريا، المملكة العربية السعودية، شرق الأردن، لبنان، العراق، اليمن، و ذلك قبل أن تنضم إلها دول أخرى، بعد استقلالها، تنتمي لما يعرف بالوطن العربي، و تذكر المراجع نفسها أن هذا التأسيس إنما جرى بإيعاز و موافقة من لدن بريطانيا.

و تضمن ميثاق هذه “الجامعة”، المكون من ديباجة وعشرين مادة وثلاثة ملاحق، مبادئ تتعلق بتوثيق الصلات بين الدول العربية و الحفاظ على استقلال الدول الأعضاء و تنسيق الخطط والسياسات بين الدول الأعضاء و تحقيق التعاون في الشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية، و النظر في شؤون البلاد العربية ومصالحها و تنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من العبارات غير الفاقدة للمعنى.
و عقد العرب، منذ تاريخ تأسيس جامعتهم أواسط القرن الماضي، قمما فاقت الثلاثين بين عادية و طارئة، و تمخضت هذه الإجتماعات عن إصدار مئات القرارات و البيانات، و كانت قمــــة الجزائر الملتئمة بداية هذا الشهر آخر تلك “القمم” .

قمة الجزائر أصدرت، بمناسبة انتهاء محادثاتها “إعلانا” أطلقت عليه اسم البلد المستضيف “أي الجزائر”، وهو إعلان يماثل إلى حد كبير تلك “الإعلانات الإشهارية” البئيسة الصادرة عن المقاولات المفلسة و التي اعتادت القمم العربية إصدارها بذات المضامين الفارغة، فقد خصص اجتماع الجزائر، كسابقيه، ست فقرات عريضة من إعلانه للحديث عن فلسطين و إبداء المشاعر النبيلة، وذلك بنفس الأسلوب و اللغة “الكرطونية” التي تعكس مدى بلاهة العرب و شعوذاتهم، إذ تضمن مستهل الفقرات الست تلك العبارات النمطية التي لا تعني شيئا للعالم أو للفلسطينيين أنفسهم كــــ: التأكيد و التشديد و المطالبة و الإشادة و غيرها من التعابير الغبية.

عادة الإتجار بقضية الشعب الفلسطيني، التي دأبت عليها “قمم العرب”، سعى نظام الرئيس تبون للسير في مسلكها، إذ كرر نفس الأحاديث النمطية بخصوص قضية الشعب الفلسطيني، ليس حبا في الفلسطينيين بل نكاية في من يؤازر بصمت حقوق الفلسطينيين و يساعدهم بالغالي و النفيس لحماية حقوقهم في أرضهم و مدينتهم المقدسة.

المضحك، و المخزي في آن واحد مما ورد بفقرات الإعلان، الذي أطلق عليه اسم الجزائر، أنها تضمنت كلاما هلاميا يعكس درجة الهبل الذي أصاب العرب من قبيل دعمنا للدولة الفلانية في استضافة كأس كذا ! و دعمنا لأخرى في استضافة معرض كذا !، و غيرها من المسرحيات البليدة.

لكن يبدو أن الفقرة الختامية كانت أهم شيء بالنسبة لنظام عبد المجيد تبون و لربما اعتبرها إنجازا كبيرا يحسب له، فقد ورد فيها ” الإعراب عن الامتنان لسيادة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على ما بذله من جهود قيمة في تنظيم و تسيير اجتماعات القمة بكل حكمة وتبصر و نظير دوره في تعميق التشاور وإحكام التنسيق وتوفير كافة الشروط لنجاح هذا الاستحقاق العربي الهام الذي سادته روح أخوية وتوافقية مثالية” !.

و هنا قد يتساءل الواحد من الجمهور البسيط: هل تعكس هذه الفقرة فعلا حقيقة نظام الجُند المُقيم في قصر المرادية منذ عقود طويلة؟ و هل هو فعلا نظام مثالي إلى لدرجة قرر معها قطع جميع العلاقات مع جاره المغرب؟ و هل هو حقيقةً نظام أخوي دفعته أخويته الفائضة ليغلق الحدود الفاصلة بين عائلات جزائرية و أهلها في المغرب؟ و هل هو نظام ديموقراطي إلى الحد الذي أجبره على منع بعثة إعلامية مغربية حلت بالجزائر لتغطية أشغال القمة التي تحتضنها؟

أظن أن ما جرى في اجتماع الجزائر، المسمى قمة بلا رأس، لم يكن سوى لغوٍ لا طائل من ورائه، و لربما كان فعلا تسري عليه وجوبا أحكام القاعدة الفقهية المستنبطة بالضرورة، من الحديث المنسوب للرسول “من لـــغا فلا جمعة له”

الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
علي الجزائري
المعلق(ة)
10 نوفمبر 2022 12:31

أحسنت قولا يا أخ ناصر و بورك في قلمك .. ها أنا أجتهد في تعريب تعليقك ليقرأه كل كذاب أشر :
(بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يشكون ، فإن الإسهال اللفظي والرسائلي لوسائل الإعلام المغربية قد عرى كل الأشخاص المعروفين بالدناءة و السفلة.
لنتساءل ما الذي حققته القمم السابقة أكثر أو أقل ؟ لا ، ما من شيء أقيم في الجزائر العاصمة إلا أثار غضب المغاربة . أمر حزين..

Nasser
المعلق(ة)
8 نوفمبر 2022 13:25

Pour celui qui doute encore, la diarrhée verbale et épistolaire des médias marocains ont mis à nu toute la bassesse à laquelle des personnages patentés peuvent recourir. A se demander qu’ont fait de plus ou de moins les précédents sommets? Non rien qu’elle se tienne à Alger à rendu les marocains enragés. Triste.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x