لماذا وإلى أين ؟

لعروسي يعُد دلالات تصويت المغرب على قرار أممي يدين إيران مقابل امتناع الدول المغاربية

صادقت “لجنة الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية” التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الأربعاء 16 نونبر الجاري، على القرار الذي أعدته كندا ونيوزيلندا، القاضي بإدانة إيران بسبب “التمييز ضد الأقليات”، على خلفية تعاطيها مع الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت بمختلف المدن الإيرانية بعد وفاة مهسا أميني في 16 شتنبر الماضي التي اعتقلتها الشرطة الإيرانية، حيث خلفت الاحتجاجات عشرات القتلى والجرحى.

وعرفت جلسة التصويت تأييد القرار الذي يدين إيران من طرف 79 دولة، حيث  كان المغرب هو الدولة الوحيدة في دول المغرب الكبير التي صوتت لصالح القرار، في حين امتنعت عن التصويت كلٌّ من الجزائر و موريتانيا و ليبيا وتونس، فيما صوتت ضد قرار الإدانة 28 دولة، كان من بينها لبنان والعراق وسوريا، في المقابل امتنع عن التصويت ضد القرار الأممي القاضي بإدانة إيران، ما مجموعه 68 دولة، كانت منها الكويت و الإمارات و قطر و مصر والأردن.

امتناع الدول المغاربية الأربعة عن التصويت وتصويت المغرب وحيدا لصالح القرار، يحمل أكثر من دلالة، خاصة في ظل التوتر الدبلوماسي الحاصل بين المغرب وإيران، بعدما أعلنت الجبهة توصلها بطائرات مسيرة (درونات) مسلحة إيرانية تستعد لتوجيهها ضد المغرب.

في هذا السياق، أوضح الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الأمينة وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، أن “الموقف المغربي واضح وصريح، وفي نفس الوقت يتماشى مع ثوابت السياسة المغربية تجاه إيران، إذ لا يمكن أن نستثني  هذا القرار من مجمل القرارات التي اتخذها المغرب في السابق”.

وأشار لعروسي، في تصريحه لـ”آشكاين”، إلى أنه “تاريخيا شهدت العلاقات بين المغرب وإيران الكثير من التوتر في محطات متعددة، وهناك نقاط خلافية في العلاقات، ومجموعة من المؤاخذات على السلوك الإيراني  وعلى التغول الإيراني واختراقها للقارة الإفريقية، خاصة بالنسبة للمد الشيعي واللجان الثورية الإيرانية، وهذه الأذرع الثورية التي تنتشر في بقاع الدول العربية، علما أن 4 دول عربية يرتهن القرار السياسي لها لصالح إيران، وكذلك دولتين إسلاميتين”.

وشدد على أن “هذا التصويت يتماشى مع السياسة الخارجية المغربية بشكل عام إزاء طهران وإزاء اختراقها للمنطقة و سلوكاتها العدوانية، خاصة ما قامت به في الفترة الأخيرة من دعم لجبهة البوليساريو من خلال حزب الله اللبناني”.

وأردف أن “هذه الإشارات تدل على اصطفاف المغرب إلى جانب المحور المحارب لإيران، الممثل في المعسكر الغربي، حيث تكون هذا القطب الدولي الإقليمي المتشكل من الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل ومجموعة من الدول الغربية، تحارب إيران”.

ولفت الانتباه إلى أن “الدول المغاربية الممتنعة عن التصويت لها حسابات خاصة، وعلى رأسها الجزائر، والتي رأينا كيف أنها حاولت أن تستثني الإشارة إلى إيران بالاسم في قمة جامعة الدول العربية على اعتبار الدور الإيراني ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول”، موردا أن “الموقف أصبح واضحا الآن بالنسبة لتونس علما أنها تتقارب مع الجزائر، ما يعني أنها فقدت الحياد في هذا التصويت، من خلال التقارب مع محور سوريا و إيران و لبنان، وغيرها من الدول التي تسبح في  هذا الفلك، في حين أن الموقف الليبي، من خلال حكومة طرابلس، يدل أن لها علاقات مع إيران”.

واعتبر أن “هذه الدول المغاربية الممتنعة تذهب في اتجاه مصلحتها الوطنية، مع العلم أن الموقف المغربي لم يتغير على عكس باقي الدول المغاربية التي غيرت مواقفها، وهذا ما ينذر بخطورة شديدة على المنطقة، نظرا لعدم المصادقة على قرارات أممية بهذا الحجم، خاصة فيما يتعلق بموضوع حقوق الإنسان والملف الداخلي الإيراني”.

وخلص لعروسي إلى أن “هناك انتفاضة إيرانية داخلية، مثل سابقتها في السنوات الأخيرة سنتي 2016 و2017، وقبلها ما سمي بالثورة الخضراء سنة 2008، كل هذه الانتفاضات قائمة في إيران وتحتاج إلى مزيد من الجرأة في اتخاذ القرارات خاصة فيما يرتبط بالاحتجاج الداخلي، والذي قد يساهم نوعا ما في هشاشة النظام الداخلي في إيران الذي مازال يمتلك كل مقومات القوة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x