لماذا وإلى أين ؟

من فرحة الكرة إلى التخريب، أية علاقة ؟

لم يفهم البلجيكيون السبب الذي يجعل فرحة المغاربة في بروكسل تتحول من احتفالية إلى جرائم تخريب فظيعة، الحقيقة أن الأمر مخجل للغاية، لكنه ينطوي على وضعية بحاجة إلى مقاربة مختلفة، فالانتصار في الكرة يقتضي الفرح والتعبير عن السعادة، لكن المغاربة حولوه إلى مناسبة للانتقام من أوضاعهم، باعتبارهم أبناء الأحياء الهامشية، وهذا سلوك غير مقبول بأي حال من الأحوال، لكنه ينبئ عن غياب أي تأطير لهؤلاء الشباب الذين يعانون من أزمة هوية خانقة، دفعت بهم إلى كل أنواع الانحراف، من  مخدرات وإرهاب وعنف غير مبرر.

يسعى هؤلاء المواطنون المنحدرون من عائلات مهاجرة، إلى التعبير عن الوجود وفرض الذات، ولعل الانتصار في الكرة يعطي شعورا بالنشوة والتفوق، لكنه سرعان ما ينقلب في واقع الهجرة المرير والكئيب بالأحياء الهامشية إلى غضب مكتوم ينفجر وسط الحشد، بسبب تعطيل العقل الفردي، وغلبة الهياج الغوغائي المنفلت من كل ضابط أو قانون، وأيضا وهذا أمر لا بد من التأكيد عليه، بسبب اقتران الجهل والبطالة والفشل الدراسي بالشعور بالإقصاء.

إن الحلّ لمثل هذه المعضلات يوجد بين أيدي بلجيكا والدول الأوروبية، أن تحرص على تغيير سياستها في الهجرة وإيواء الأجانب، وأن تعمل على إدماجهم في الأوساط الاجتماعية المختلفة عوض عزلهم في “كيتوهات” ونسيانهم، كما عليها الحرص على تكافؤ الفرص بين جميع من  يعيشون على أرضها من الذين يتمتعون بجنسيتها، والذين يتم التعامل معهم بكثير من التمييز والمفاضلة، ويكفي المقارنة في نسبة البطالة بين أحياء المهاجرين وبقية الأحياء الأخرى.

نتمنى ألا تتكرر هذه السلوكات التخريبية من طرف مغاربة، والذين يسيئون أيضا من خلالها إلى وطنهم الأصلي الذي يحملون رايته وهم يقومون بأعمالهم التخريبية الشنيعة، كما يفسدون انتصارات فريقهم الوطني في الكرة، ونتمنى أن يتمكنوا من طرح قضاياهم بالطرق الحضارية المعمول بها عبر منتخبيهم وجمعياتهم وحركاتهم الاحتجاجية وعبر وسائل الإعلام، وأن يدركوا بأن العنف والتطرف والكراهية والجريمة ليست حلولا تمكن من العيش بكرامة، وأن الديمقراطية لها آليات ومفاهيم وطرق تدبير تسمح –  في حالة ما إذا تم الالتزام بها – بحل مختلف الخلافات بطرق سلمية. ولعل هذه السلوكات المشينة ستكون بلا شك حافزا جديدا لليمين المتطرف لكي يربح مواقع جديدة، ويُقنع من ما زال مترددا في تبني أطروحة الفاشية اليمينية، مما سيجعل مستقبل جاليتنا المغربية بالخارج مستقبلا غير آمن.

الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
30 نوفمبر 2022 11:40

السؤال الذي يجب طرحة هو لماذا حدث هذا في بروكسيل ولم يحدت في مدن اخرى، ؟ والجواب هو ان عمدة هذه المدينة هو الذي استنجد بالشرطة ومنع احتفال المغاربة في الشارع العام بهذا الفوز، وطالب بتوقيف السيارات التي تحمل الاعلام المغربية، ومنع الحافلات وكل وسائل النقل العمومي حتى يقمع هذه الاحتفالات التي تعود عليها البلجيكون ملما فاز فريقهم، مما اذى لردود فعل لم يعرف بعد من ساهم فيها.

محمد
المعلق(ة)
30 نوفمبر 2022 09:18

اصلهم اجدادهم مغاربة اما هم فولدو في بلجيكا وتربو في بلجيكا ..لكن العنصرية والتميز جعلهم لا هم مغاربة ولا هم بلجيكيين .وصدقوني مايعنيه الجيل التالت والرابع صعب . فالاصل والله اعلم كان من المفروض ان يشجيعو بلجيكا بحكم بلد المولد والمنشأ . الجيل الرابع راه جدو ولد في بلجيكا . ازمة ادماج . عند مرور 100 عام سنضل نقول هؤلاء مغاربة .
لا للعنف ولا مبرر للتخريب

FOOTOIR
المعلق(ة)
29 نوفمبر 2022 19:45

Les Belges sont très gentilles et très proches des Marocains et du Maroc,ils ont bien joué contre une bonne équipe du Maroc.je leur souhaite la victoire contre la Croatie.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x