لماذا وإلى أين ؟

الزهاري: التحكُّــم في السوشل ميديا مُحاولة لتكميم الأفواه وإعادة البلاد إلى سنوات الرصاص

أصبحت الوسائط الاجتماعية تعج بصفحات أو حسابات مسيرة تقودها جهات أو “تيار” ما يسعى إلى التحكم في الفضاء العام خدمة لأجندات معينة، بحيث إن أي تعبير عن رأي مخالف للتوجه الذي تحاول أن تفرضه هذه الجهات أو لأن له نمط عيش مختلف عن البقية، يقابل بالإدانة والتجييش ضده إلى حد التشكيك في عقيدة و وطنية صاحبه فقط لأن ما عبر عنه أو ما يمثله يشكل تهديدا لمصالحهم.

وفي هذا السياق، أبرز رئيس  “التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات” فرع المغرب، محمد الزهاري، أن ما يحدث اليوم “أمر مرفوض ولا يجب بأي شكل من الأشكال استصدار حرية التعبير واختلاف الآخرين”، مؤكدا أن “أي محاولة لذلك فهي تدخل في خانة إرجاع البلاد إلى سنوات مضت”.

وأوضح الزهاري في تصريح لـ “آشكاين” أن “ما يحدث اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي من محاولات لقمع آراء الآخرين يدخل في سياق ما عشناه خلال فترة الجائحة حينما حاولت الحكومة أن تستغل السياق الإقليمي والدولي والوطني لمحاولة التحكم في الفضاء العام وما كان يعبر عنه من طرف عامة الناس والحقوقيين والفاعلين السياسيين والحزبيين والصحافيين بخصوص ما كان يعيشه الوطن آنذاك والعالم”.

وأضاف “الجميع يتذكر أن الحكومة المغربية في 19 مارس 2020 قد تدارست مشروع قانون اعتبرناه “مشروع قانون الشؤم” المعنون بـ”22-20″ والذي حاول أن “يتحكم في التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، وما يحدث اليوم يدخل في هذه الخانة لتحاول الحكومة من جديد تكميم الأفواه وتقييد الحريات والحقوق بعد أن النقاش والجدل في تلك الفترة دفع إلى تجميد هذا القانون أو سحبه أو تعليقه إلى حين”.

“وأظن أن الموضوع اليوم يتعلق بإعادة إحياء مضامين هذا القانون واستغلال ما حدث من أجل إعادة نسج نوع من تحكم السلطات في الفضاء العام وتوجيهه وتوجيه الآراء المعبر عنها في صفحات التواصل الاجتماعي بشكل أو بآخر إلى أن تدخل في سياق التعبير عن ماهو سائد وتمجيده والتطبيل له”، يقول الزهاري.

وأكد الحقوقي، على أن “هذا الأمر مخالف للوثيقة الدستورية ومخالف للعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ولكل الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة ولمضامين التقارير الذي أعدها المقرر الخاص الأممي المعني بحرية الرأي والتعبير، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نجد أنفسنا اليوم نناقش أوضاعا تتعلق بإرجاع البلاد إلى سنوات سبقت إلى سنوات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإلى سنوات التعديلات التي مست قانون منظم الصحافة والنشر وقانون الجمعيات وقانون التجمعات والتي وضعت المغرب في خانة الدول القامعة لحرية الرأي والتعبير (تعديلات 1970)”.

ورفض المتحدث بشكل قاطع “إصدار نصوص قانونية على شكل مشاريع قوانين أو قرارات إدارية أو حكومية أو تصريحات مسؤولين في قطاعات من شأنها إعادة البلاد إلى سنوات الرصاص حين كان يزج بالصحفيين ونشطاء الرأي والنقاد بالسجون دون محاكمات عادلة”، داعيا إلى “ضرورة عدم إضافة أي نقطة سوداء أخرى فيما نعتبره كحقوقيون أن المغرب أصبح يعيش ردة حقوقية”.

وشدد رئيس فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات بالمغرب على أن “ديباجة الدستور تؤكد أن المملكة المغربية تتشبت بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا، وأن الفصل 25 من الدستور ينص على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها وأن الفصل 28 أقر على عدم إخضاع ما ينشر لرقابة قبلية، وبالتالي فإن للجميع الحق في التعبير بكل حرية وبدون قيد أو شرط”.

ولكن للأسف، يضيف الزهاري، ما يناقش اليوم وما يعبر عنه اليوم وما يتم التصريح به في إطار محاولة تكميم الأفواه والتحكم في حرية الرأي والتعبير وتوجيهها لتمجيد أعمال الحكومة والسلطات أمر مرفوض، ومرفوض كذلك لأنه يتعارض مع مقتضيات العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على أنه: لكل إنسان الحق في التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف دروب معاملات وأفكار وتلقيها ونقلها للآخرين دونما اعتبار للحدود سواء كانت مكتوبة أو مطبوعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.

وسجل ذات الحقوقي قائلا: “أكيد أن هذا العهد صدر في دجنبر في 1966 ودخل حيز النفاذ 1976 وفي تلك الفترة لم تكن هنالك وسائل التواصل الإجتماعي ولم تكن هنالك شبكات الانترنت ولم تكن هنالك إمكانية إحداث حسابات على الفايسبوك أو الانستغرام أو التيكتوك أو صفحات بأسمائهم، لكن المشرع الأممي في تلك الفترة كان ذكيا عندما قال “أو بأية وسيلة أخرى” لأن الأمر فيه نوع من الفطنة واستشراف للمستقبل وتنبأ بتغييرات ستحدث في المستقبل ووسائل التواصل الاجتماعي تدخل في هذا الإطار”.

وتساءل الزهاري باستنكار ” فكيف يمكن لدولة المغرب التي صادقت على هذا العهد وما راكمته من تجربة في هذا الجانب أن تأتي لتضرب عرض الحائط كل هذا وترمي الرماح لأصحاب الآراء المزعجة للسلطات المسؤولة والمنتقدة للسياسات العمومية بما فيها حقوق الانسان ؟”

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x