2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

حاولت فرنسا إعادة التموقع في افريقيا، عبر جولة سريعة قام بها رئيسها إمانويل ماكرون، قادته إلى ثلاث دول توجد في الساحل، خلال نهاية الأسبوع الماضي.
وتأتي زيارة ماكرون إلى الغابون، أنغولا، والكونغويتين (برازافيل والديمقراطية)، في وقت بات فيه النفوذ الفرنسي في مستعمراته السابقة على المحك.
محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وصف زيارة ماكرون الأفريقية بـ ”الفاشلة”، وعزا ذلك إلى الرفض السياسي والشعبي غير المسبوق لسياسة فرنسا في القارة السمراء، رفضٌ برز من خلال مظاهرات مناهضة لها في دول افريقية عديدة، كما تبين أكثر في شقه السياسي، خلال المؤتمر الصحفي الذي جمع الرئيس الفرنسي بنظيره الكونغولي، والإنتقادات اللاذعة التي وجهها الأخير لماكرون.
وأوضح الحُسيني، ضمن تصريح خصَّ به جريدة ”آشكاين”، أن هدف الزيارة، ”إصلاح الثغرات”، في مجالات متعددة، أبرزها الشق العسكري. وقال ذات الخبير في العلاقات الدولية، إن الدول الافريقية تريد من فرنسا أن تسحب جنودها وتكتفي بالتأطير دون وجود القوات الفرنسية كما كان الحال في الماضي.
الحسيني يرى أيضا أن الغضب الأفريقي من فرنسا، يعود بدرجة إلى ما وصفه ” جروح الماضي”، سواء خلال حقبة الإستعمار، أو خلال الستينيات، حيث ظلت فرنسا تحكم قبضتها على أفريقيا، سياسيا واقتصاديا وثقافيا أيضا؛ إلا أن الدول الأفريقية باتت تبحث، وفق ذات الخبير دائما، عن علاقات جديدة مبنية على منطق رابح رابح، لذلك اختار أغلبها بناء شراكات جديدة مع المغرب في إطار سياسة تعاون ”جنوب جنوب”.
في سياق متصل، أكد الحسيني أن انفتاح أفريقيا على محيطها، ونجاح المغرب في استراتيجية ”رابح رابح”، عبر أذرعه الإقتصادية من خلال دبلوماسية ”الفوسفاط” والإستثمار في مشاريع اقتصادية أخرى كالأبناك والطيران، ليصبح أول مستثمر في غرب أفريقيا، صار يُشكل تهديدا حقيقيا للمصالح الفرنسية بالمنطقة.
وعن تأثير هذه الزيارة على العلاقات المغربية الفرنسية، التي يسودها توتر كبير، منذ أشهر، يرى الحسيني أن إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، لن يتم دون تغيير باريس ”أسلوب المناورة” الذي تنتهجه، خصوصا في موقفها من قضية الصحراء المغربية.
وكان السفير الفرنسي بالرباط، قد نفى، في مقابلة صحفية، قبل يومين، وجود أزمة بين المغرب وفرنسا، مبرزا أن الأمر يتعلق بـ ”سوء فهم أو اضطرابات طفيفة”، مؤكدا أن ماكرون سيزور المملكة خلال شهر مارس الجاري.
الحسيني كشف أن تجاوز الأزمة، يتطلب من فرنسا أن تبتعد من سياسة ”مسك العصا من الوسط”، مشددا على أنها لعبة ”غير مثمرة”، وعليها أن تعبر عن موقف واضحٍ من مُبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب حلا لنزاع الصحراء، سيرا على منوال دول عظمى مثل أمريكا و إسبانيا و ألمانيا…
وأضاف أن ”الإنتهازية السياسية” الفرنسية، ”غير مقبولة”، فمن جهة تتمتع بمكانة كبيرة في المجال الإقتصادي والثقافي داخل المغرب، إلا أنها في الوقت نفسه لا تريد أن تقف إلى جانب قضايا المغرب، خشية فقدانها للغاز.