لماذا وإلى أين ؟

ظاهرة الدروس الخصوصية: ورم سرطاني على المسؤولين على قطاع التعليم استئصاله (1/2)

عبد الله إكي

تفشت ظاهرة الدروس الخصوصية او مايصطلح عليه في مجتمعنا “بالسوايع”. في السنوات الاخيرة بشكل واسع مست الكثير من التلاميذ والتلميذات في كل مراحل التعليم من الطور الابتدائي الى الطور الثانوي والجامعي وشملت المحتاجين منهم الى دعم بيداغوجي وكذا المجتهدين والممتازين على السواء مما ساعد على خلق سوق تجارية واسعة خاصة بخدمات “القرب” تروج لبضاعات “تعليمية” في قوالب واشكال سهلة الالتهام وسريعة التحلل بمجرد تفريغ شحناتها خلال فترة الامتحانات.

وتدر هذه السوق السوداء على اصحابها اموالا طائلة وهي في تزايد مستمر ومتواصل لا حدود لها حتى أنها أصبحت تنتشر بين جميع الاسر باختلاف مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية رغم معارضة الفاعلين التربويين لهذه الدروس لأنها مدمرة للنظام التعليمي الرسمي ومخربة للجيوب والعقول والأبدان و تحتاج إلى وقفة تأمل ومناقشة وتفكير وحلول، ومن هذا المنطلق تطرح العديد من الاسئلة:

لماذا انتشرت الدروس الخصوصية بهذه الكثافة العددية؟ كيف يمكن تفسير هذا التمدرس الموازي؟ هل هو تعبير عن طموحات اسرية ام هو انعكاس للاختلال الذي تعاني منه المدرسة؟

الدروس الخصوصية لم تعد ظاهرة محدودة الانتشار والتأثير بل اصبحت واقعا فارضا وجوده بقوة سوقها وتعاملاتها وروادها، تتنامى بشكل كبير ومثير في غياب معطيات احصائية ودراسات ميدانية تفسر وتفصل في بعض المعطيات والمؤشرات عن درجة وجودها وتأثيرها على النظام التعليمي الرسمي، لكن المعطيات الموجودة والمتواترة تبين انها لا تتيح للتلاميذ على اختلاف مستوياتهم الفرص المتكافئة من الناحية التحصيلية وهو ما خلق ازمة داخل المدرسة العمومية حتى اصبحت قضية مجتمع، ومن خلال المعاينة الميدانية للظاهرة يلاحظ تهافت التلاميذ من مختلف المستويات على الدروس الخصوصية وفي كل المواد التعليمية الموجودة في البرنامج الدراسي رغم حصص الدعم والمعالجة التربوية التي تقرها الوزارة الوصية الا ان الظاهرة اصبحت خارج السيطرة.

تعتبر الدروس الخصوصية احد ابرز (مظاهر التسليع في التربية العربية فهو مثال حي على النظر الى التربية كسلعة يتم تسويقها من اجل المال) والزبون “التلميذ” يضطر الى شراء بضاعة المدرس الخصوصي على الرغم من تردي نوعيتها وتدني جودتها ولذلك وصف احد التربويين الدروس الخصوصية بانها مرض مزمن تراكمت اسبابه وتفاقمت اعراضه وبانها ازمة سرطانية يصيب انتشارها مجمل الجسم التعليمي بالضعف والهزال وبانها احد مظاهر التسليع التربوي – د. يزيد عيسى السورطي.

انها تجارة في سوق سوداء ونبتا شيطانيا يثقل كاهل الاسر وتتاجر بها فئة من (تجار السلع التربوية) التي اثرت استغلال الطلب المتزايد على التعليم ليتحولوا الى قوة اجتماعية (لا قوة تربوية) ذات ثراء فاحش مصدره الاتجار في سلعة التعليم .

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Habib
المعلق(ة)
20 أبريل 2023 16:50

السبب الرئيسي هو منظومة امتحانات الباكالوريا الوطنية. فقد أظهرت النتائج ان الباكالوريا المقيمة الى امتحان جهوي و أخر وطني لم يعط اكله بل اصبحت ظاهرة نفخ النقط معضلة . حتى ان نسبة من الناجحين في الامتحان الوطني لا يستطيعون مسايرة التعليم الجامعي وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على أسلوب ملء العقول و جعل التلميذ آلة لا تبتكر و تفتقر الإستقلالية التحليل والابتكار. الحل الوحيد هو الرجور الى سنوات العزة و العمل الجاد مع باكالوريا في سنة واحدة وعدم احتساب المراقبة المستمرة . وبهذا يمكننا الحد من تجار الساعات الإضافية ومنهم و بنسب عالية موظفوا وزارة التربية . في كل المدن انتشرت منازل خاصة يكتريها مجموعة من هولاء مصاصي الدماء. واشتغل طوال اليوم وحتى في ساعات متأخرة . ويجب ألا ننسى المدارس الخاصة التي تسمح باستعمال اقسامها بالليل لأساتذة يوفرون الزبائن و يتقاضون 40 بالمأة من المدخول اما 60/ فأجر صاحب الشكارة بدون رقيب و لا حسيب. والاكاديميات على علم بكل هذا ولا تتدخل.
السؤال لماذا ؟

علي او عمو
المعلق(ة)
21 أبريل 2023 00:27

في ظل هشاشة المنظومة التربوية في المغرب سواء في التعليم العمومي أو الخصوصي ، هذه المنظومة المُتجاوزة و القديمة و المُهترئة ، يلجأ الآباء إلى وسيلة أخرى ألا و هي الدروس الخصوصيّة التي تدعم مُكتسبات أبنائهم و رصيدهم المعرفي ، علماً أن السلطات تعتمد على النقط الجيّدة في شهادة البكالوريا من أجل ولوج المدارس العُليا ، و الدروس الخصوصيّة ليست جريمة ، فهي الحل الوحيد لتقويّة تعلُّمات الطلبة .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x