لماذا وإلى أين ؟

الطير يرقص مذبوحا من الألم

سليمة فراجي

المؤمرات والمكائد ضد الوطن تدفعنا إلى المزيد من اليقظة والتشبت بثوابت الامة، لم أكن اتوقع يوما ان الحقد  والبغض والخساسة، والكيل بمكيالين امور تصيب البعض بمرض عضال اسمه المملكة المغربية .

وانا اطلع على ما جادت به قريحة الخارجية الجزائرية ، والتي  ردت ببيان رديء  ينم عن احقاد و توترات وضغينة ، معتبرة اعتراف اسرائيل بسيادة المغرب على اراضيه خرقا فاضحا للقانون الدولي ، و في ركوب كلاسيكي على القضية الفلسطينية ، اقل ما يقال عنه انه رقصة الطير المذبوح من الألم ، ذلك ان مقارنة البيان للاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية ،بالاحتلال المغربي لصحرائه هو تنكر وطمس متعمد للتاريخ ،لان المغرب صاحب حق وليس غاصبا ،والصحراء كانت ومازالت جزءا لا يتجزأ من ترابه الوطني ، والاستعمار الفرنسي والاسباني يعرفان ذلك جيدا ، ولعل ما صرح به عاهل المملكة من كون المغرب لا يتفاوض على صحرائه ومغربية الصحراء لم تكن يوما ، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات، وانما يتفاوض بشأن التطورات الإيجابية ، التي تعرفها قضية الصحراء ،  بتعزيز مسار التنمية المتواصلة، التي تشهدها الاقاليم الجنوبية اذ شهدت وتشهد نهضة تنموية شاملة ، بشهادة القاصي والداني ، من بنيات تحتية ، ومشاريع اقتصادية واجتماعية وفضاءات مفتوحة للاستثمار الوطني والاجنبي بمساهمة شركاء دوليين .

الاعراف الديبلوماسية إن كانت خارجية الجزائر مصدرة البيان الجزائري تفقه في نزر قليل منها ، تقتضي الا يتم الكيل الفاضح بمكيالين ،لان الجزائر كانت تدعي انها ليست طرفا في النزاع المفتعل ، فما يضيرها ان تؤكد هذه الدول وتقتنع بان الحق يرجع لصاحبه وليس للغاصب ؟ ثم اين هي الجزائر من كوسوفو و من سوريا ومن تقربها من ايران وادخالها الى شمال افريقيا ؟

اين هي الجزائر من الوضعية المزرية لساكنة  تندوف التي تعاني الامرين وتعيش نمط القرون الوسطى في الوقت الذي اغتنت فيه مرتزقة البوليساريو اغتناء فاحشا ، ويأتي البيان ليتحدث عن الخرق الفاضح للقانون الدولي ولوائح الامم المتحدة والاتحاد الافريقي ؟

اين هي من تجنيد الاطفال قسرا واستعمالهم كدروع بشرية وحرمانهم من ابسط حقوق الطفل المتعارف عليها دوليا ،في خرق سافر لقواعد القانون الدولي ، علما ان  التجنيد القسري للاطفال بمخيمات تندوف من طرف مرتزقة البوليساريو يجعل حكام الجزائر يتحملون المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة  لحقوق الانسان ولقواعد القانون الدولي الانساني ولنظام روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت الجرائم التي تلحق بالمدنيين و فئة الأطفال خاصة ،من أكثر الجرائم خطورة التي تهدد السلم و الأمن  الدوليين، كما أعطت حماية خاصة للأطفال و اعتبرت أن تجنيدهم إجباريا أو طواعية من جرائم الحرب التي تعاقب مرتكبها سواء في النزاعات المسلحة الدولية أو الداخلية ( المادة الثامنة من  نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية ) لذلك من يتحدث عن احترام القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة و اللوائح عليه الا يكيل بمكيالين ، وألا يجعل من المحتجزين غنيمة حرب وأصل تجاري من اجل الاسترزاق على حساب الكرامة الانسانية .

نعلم جيدا ان اعتراف امريكا واسبانيا والمانيا والبرتغال…وما احرزه المغرب من انتصارات سواء تعلق الامر بالانتصارات الديبلوماسية او بالسيادة الطاقية والغذائية والرياضية والتي جعلت وتجعل من المغرب قوة نافذة في الاتحاد الافريقي ، اصابت العدو التاريخي بمس وهيستيريا القت به في الحضن الروسي الذي قتل السوريين وطبعا لا فرق بينهم وبين الفلسطينيين او غيرهم من الضحايا المسلمين، والرقص على اشلائهم ، وعناق فرنسا وتبادل القبل معها وهي التي قتلت الشهداء الجزائريين ، واستجداء العطف الصيني رغم المؤاخذات المعروفة وكلها امور تعتبر ردة فعل تنم عن تخبط جريح يعاني من جرح مستصعب الالتئام اسمه المغرب ، واستكثار وعرقلة سيادته على كافة اراضيه ، بل ورفض واستنكار تألقه واعتزازه بامجاده ، ألم يستكثروا علينا النتائج الرياضية ؟ ألم يرفعوا الرايات الفلسطينية في مختلف التظاهرات علما ان المغرب مساند للقضية الفلسطينية فعلا وليس شعارات ؟ الم يحضروا حفيد منديلا في ملعب كرة القدم ؟ ، الم يستكثروا  علينا رفع علمنا رغم الفوز في التظاهرات الرياضية ضدا على الاعراف والقوانين ، وتوجيه الاهانة لصحافيينا وتعنيف اللاعبين بل حتى اعلامهم قزم وبخس ما حققه المغرب في مونديال قطر ؟ الم ينازعونا حتى في ثراثنا وموروثنا الحضاري والثقافي والعمراني ؟ الم يكنوا العداء حتى لرموزنا ومسؤولينا  السياسيين والرياضيين وكل من له يد بيضاء في مسيرة المغرب التنموية ؟

الم يؤدوا اجورا للمرتزقة من خونة الداخل والخارج للاساءة الى المملكة ورموزها ؟ وكأن مصدر وجودهم  وابتزازهم للمواطنين الجزائريين هو خلق الازمات مع المغرب واستهدافه ضمانا لاستمرارهم، زيادة على المتاجرة بالقضية الفلسطينية وسرقة الاضواء كرد فعل على قوة المغرب الديبلوماسية واحرازه على نقط ايجابية قوية في المجال الديبلوماسي وتموقعه كواجهة محورية تجعله شريكا قويا لمختلف الشركاء الدوليين، علما انه لا يمكن ربط مغربية الصحراء المعتبرة جزء لا يتجزأ من ترابه واعتبارها احتلالا كما ورد في المقال لان محتلها كان هو الاستعمار ، بقضية فلسطين  التي لم يتوان المغرب يوما في الانسلاخ منها بالنظر الى مواقفه التاريخية تجاهها المتجلية في المساهمات العسكرية في الجولان وفلسطين ، ومختلف المواقف الموثقة في سجلات التاريخ ، واستنادا الى ما قدمه ويقدمه المغرب ،وما سعى  اليه ملكا وحكومة وشعبا ، لا ادل على ذلك من بيت مال القدس واعمار غزة وغير ذلك من الافعال وليس مجرد شعارات رنانة ، تجعل منه الوسيط المرغوب فيه والمؤهل لاجراء المفاوضات .

وان كانت الجزائر في بيانها تتحدث عن الاحتلال الاسرائيلي ومسألة التطبيع  نذكرها  بالاستقبال الرسمي المبهر والملفت للانظار بمراسيم مجللة بالحفاوة والاستعراض ، من اردوغان رئيس تركيا للرئيس الاسرائيلي ، موازاة مع التبادل الديبلوماسي وتوافد السياح من الجانبين ! لماذا لا يلام من طرف الجزائر ؟ المغرب يلام على التطبيع والحال انه اغلق مكتب الاتصال الاسرائيلي في اونة معينة وبعد مفاوضات قرر استئناف العلاقات في اطار القرارات السيادية ولا احد يتدخل في القرارات السيادية الامم ، وللإشارة فان الجالية اليهودية  من اصل مغربي  كانت موجودة عبر العقود والاجيال ، في مختلف مدن المملكة وليست وليدة فتح مكاتب اتصال او انشاء علاقات دبلوماسية وقد كانت مكاتب الاتصال موجودة الى غاية سنة 2002 ، وان مختلف المدن المغربية عايشت هؤلاء المغاربة وكانت لديهم مختلف الطقوس في هذه المدن مثل مدن دبدو بجهة الشرق التي يوجد بها 12 كنيسا  وصفرو والصويرة ، كما اشتهر صناعهم في مدينة فاس ومدن اخرى بنقش الذهب  والحلي ، ومختلف الصناعات اليدوية  في القرون الماضية ، وبالتالي من يريد ان يزايد على الوقائع التاريخية له ذلك ، لكن لا ترقى المزادات الى تغيير الحقائق ،

الجزائر تعلن ان رئيس الجمهورية سيقوم “بزيارة عمل الى جمهورية تركيا الشقيقة يومي 21-22 يوليوز الجاري يلتقي خلالها فخامة الرئيس رجب اردوغان “و، دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يزور تركيا يوم 25 يوليوز الجاري ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يزورها في 28 من الشهر ذاته

ألا تعتبر هذه الوقائع والاحداث المتسلسلة وردود الافعال غير المسؤولة عهرا سياسيا من طرف الجزائر التي تستكثر على المغرب ما تبيحه وتمجده للغير ؟

كنا نتوق الى اتحاد مغاربي على شاكلة الاتحاد الاوروبي الذي ولد من رحم حروب طاحنة   ، لكن للاسف ابتلينا بجار حاقد ناقم وليس هناك اخطر  من عداوة من عاداك عن حسد !

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
22 يوليو 2023 21:41

اعتقد انه حان الوقت للمطالبة باعادة ترسيم الحدود مع الجزائر وعلى فرنسا واسبانيا ان يخرجوا الخرائط ليحددوا للعالم الموقع الحقيقي لحدود دولة مصنوعة وجحدود دولة قائمة منذ قرون

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x