لماذا وإلى أين ؟

المشهد السياسي يقوم على ركيزة إضعاف مختلف الفاعلين

محمد الغلوسي

وأنت تتابع المشهد السياسي تشعر وكأن الجميع ينظر دائما إلى الأعلى بإعتباره مصدر القرارات الحاسمة ويترقب حدوث مفاجآت كبيرة ترمي بحجرة في بركة راكدة، مشهد موسوم بالإنتظارية في بنية ولعبة سياسية استطاع التوجه المحافظ أن يجعلها مغلقة مستفيدا من ضعف وتشتت القوى الديمقراطية والحداثية، توجه دافع ولازال عن نظرية “الخبز اولا ” والديمقراطية غير مهمة ولا تشكل أولوية.

هو طبعا مشهد غير طبيعي يقوم على ركيزة إضعاف مختلف الفاعلين في الحقل السياسي والمدني الذين يدافعون عن أطروحة الإصلاح الديمقراطي وتقوية المؤسسات وجعلها تلعب وظائفها كاملة وذلك عبر تدشين إصلاحات سياسية وقانونية ومؤسساتية لتجاوز حالة الإنحباس السياسي، وهذا لايعني أن النخب السياسية الديمقراطية بالخصوص ليست مسؤولة هي كذلك عن هذا الوضع بنسب متفاوتة، بل على العكس من ذلك فمسؤوليتها في هذا الحجز ثابتة، نخب مرتهنة للتقليدانية السياسية ومشدودة للماضي بكل حمولاته وعاجزة عن الإبداع والمبادرة واستيعاب التحولات الحاصلة على كافة المستويات، ورغم ذلك تجدها متمسكة بالقيادة وتؤمن ان المشكلة ليست فيها بل في الآخر دائما وتتقن خطاب التبرير والهروب إلى الأمام، لذلك انفضت من حولها أجيال من خيرة الأطر والشباب الذين لم تترك لهم الفرصة لحجز مقعد مستحق في القيادة ،وهم الذين أفنوا زهرة شبابهم في النضال وتدرجوا عبر مختلف المستويات التنظيمية ويتمتعون بكفاءة فكرية وسياسية عالية.

يحدث ذلك بسبب هيمنة النزعة التاريخية والشرعية النضالية على الحياة الحزبية وسيادة فلسفة تنظيمية تفضي إلى عقد المؤتمرات ولو خارج أجلها، ولاضير في ذلك، مؤتمرات تعيد إنتاج نفس القيادات التقليدية المتمسكة بهاجس استمرارية الحزب وتحصينه من الإنزلاقات! دون أن تشعر بأي حرج أخلاقي أو سياسي من استمرارها في تقلد نفس المهام وبنفس الخطاب لعقود من الزمن!!

إن هذا الوضع غير طبيعي ويدفع نحو الفراغ وستكون له تكلفة كبيرة، ومن المفروض أن يستنفر كل الإمكانيات الفكرية والسياسية على الأقل من طرف النخب الإصلاحية والتقدمية من أجل فتح نقاش سياسي واسع حول مايحصل مصحوب بمبادرات سياسية ونضالية جريئة في المجتمع تضع حدا للخلط والغموض في المشهد السياسي، لكن للأسف لاشيء من ذلك حصل لحدود الآن !

الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
علي المغربي الحرّ
المعلق(ة)
25 أغسطس 2023 21:10

إنّ أوضاعنا المُزرية اليوم التي لا تُبشِّر بايّ خير، مرجعها إلى تخلُّف فكري للشعب الذي لا يسعى قط إلى إنشاء دولة ديمقراطية حقيقية من خلال تكوين أحزاب مُناضلة، و استبعاد كل “الأحزاب المزعومة” المتواجِدة التي هي عبارة عن ديكور لِ(ديمُقراطيّة مُزيَّفة) تتماشى و مصالح (طبقة) مُتحكِّمة تستفيد من ثروات البلد بعيداً عن أية مصلحة عامّة و بعيدة كلّ البُعد عن الديمقراطية و الحرية و العدالة الاجتماعية. من المستحيل، في الوضع الحالي، أن خطو البلد و لو خطوةً واحدة نحو التقدُّم و الازدهار و نهج سياسة ديمقراطية حقيقة من أجل اللِّحاق بِركب البلدان التي بَنت اليوم حضارتها الحداثية على أسس متينة جعلتها تتبوّأُ مراتب مرموقة في كل الميادين و المجالات.

احمد
المعلق(ة)
24 أغسطس 2023 15:02

المجتمع المغربي بكل مظاهره السياسية والاجتماعية يعيش لحظة منفردة لم يسبق لها مثيل في تطور المغرب السياسي والاجتماعي لما بعد الاستقلال، وبقدر ما تتميز اللحظة الحالية بتحول اقتصادي ومالي يتحول المحتمع بشكل سلبي في القيم والتطلعات يمس كل مظاهر الحياة، وفي غياب تشخيص عميق يقوم به المثقفون ودوي الاختصاص سيبقى المجتمع يتخبط ويجتر تجارب متكلسة لا تواكب هذه التغيرات، مما يفتح المجتمع على هشاشة سياسية غير قادرة على خلق اطارات تنتظم فيها النخب ويفتح المجتمع كذالك على نزوعات هجينة تخترق مناعته وقد تشكل خطرا على تماسك بنايانه واستقراره.

نجيب ناجي
المعلق(ة)
24 أغسطس 2023 01:32

أنت لو تم وضعك موضع المسؤولية لكنت فاسدا أكثر من الاخرين، الكائن المغربي يحمل جينات الفساد وسيظل الأمر على ما هو عليه حتى يرث الله الأرض ومن عليها

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x