2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تشهد منطقة غرب ووسط افريقيا انقلابات عسكرية بالجملة، بلغ عددها إلى حدود الآن ثمانية، كان آخرها الانقلاب على نظام الـ بونغو، أمس الأربعاء 30 غشت الجاري، الذي عمر ما يقرب 60 سنة في الغابون، وأتى الانقلاب أسابيع قليلة فقط بعد انقلاب عسكري ممُاثل في النيجر استهدف الرئيس المنتخب محمد بازوم.
وتشهد المنطقة صراعا كبيرا على النفوذ بين أطراف اقليمية ودولية، في وقت كان الضرر الأكبر من نصيب فرنسا التي فقدت هيمنتها على مستعمراتها السابقة موضوع الانقلاب، بل صارت ”منبوذة” ومستهدفة في تلك الدول أكثر من أي وقت مضى.
وكانت دول افريقية عديدة قد أبدت موقفا من انقلابي النيجر والغابون سواء برفضه أو دعمه أو حتى التهديد بتدخل عسكري (مجموعة إكواس في حالة النيجر)، أو السعي نحو الوساطة، كما الشأن بالنسبة للجزائر التي أبدت رغبتها في ذلك بين الانقلابيين العسكريين والرئيس المنتخب والمطاح به بالقوة في النيجر.
وسط هذه التقاطعات بين صراع نفوذ اقليمي ودولي وبين تباين المواقف بشأن الانقلابات في القارة السمراء، لم يُبد المغرب أي موقف بشأن انقلاب النيجر، فيما اكتفى ببلاغ مقتضب صادر عن وزارة الخارجية، أمس الأربعاء، حول إطاحة العسكر بعلي بونغو في الغابون.
فهل يُمكن للدبلوماسية المغربية أن تلعب دور الوساطة في مايجري من انقلابات؟ جريدة ”آشكاين” طرحت هذا السؤال على كل محمد شقير، الأستاذ المتخصص في الشؤون الافريقية والعلاقات الدولية، وأيضا محمد العمراني بوخبزة أستاذ العلوم السياسية وعميد سابق لكلية الحقوق بتطوان.
شقير: المغرب دبلوماسيا معروف بالتريث
أكد محمد شقير أن التأثير المغربي موجود بشكل أساسي في العديد من دول غرب و وسط إفريقيا التي شهدت الانقلابات، مبرزا أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب وهاته الدول أخذت أبعادا كبيرة.
في المقابل يرى مؤلف كتاب ”تطور الدولة في المغرب.. إشكالية التكون والتمركز والهيمنة”، أن المغرب، وارتباطا بمسألة التحرك الدبلوماسي، معروف بـ ”التريث وعدم الخضوع لردود الأفعال”، على نقيض الجزائر التي تنهج العكس وتبني سياستها الخارجية على ”ردود الأفعال”، كما أن موقعها الجغرافي يُجبرها على التحرك في ما وقع بالنيجر.
شقير شدد في حديثه للجريدة على أن الدبلوماسية المغربية تنبني على مرتكزات أساسية تسير على أساسها في التعامل مع الدول، مبرزا أن ”التريث ومراقبة الأوضاع والبراغماتية” سمات السياسة الخارجية للمغرب، في أفق اتخاذ أي خطوة وفق الوضعية إذا اقتضى الأمر ذلك.
بوخبزة: المغرب لا يتدخل في الشأن الداخلي للدول ولو تعلق الأمر بأصدقاء
إذا كان محمد شقير يُرجع عدم تقدم المغرب بأي مبادرة بشأن انقلابات افريقيا إلى سياسة ”التريث والبراغماتية”، فإن محمد العمراني بوخبزة، يرى أن المسألة مرتبطة بنهج تبنته الرباط في سياستها الخارجية وهو أن المغرب ”لا يتدخل بأي شكل من الأشكال في الشأن الداخلي للدول ولو تعلق الأمر بأصدقاء مقربين جدا”.
وشدد بوخبزة، في معرض حديثه لـ ”آشكاين” على أن المغرب وفيٌّ لهذا التوجه، إلا أن ذات الباحث أوضح أن المغرب ”قد يقوم بدور الوسيط إذا ما طلب منه ذلك، أو أن الوضعية تسمح له بأن يقوم بدور الوساطة”.
بناء على ذلك، ظهرت مواقف المغرب بعدم إدانة الانقلابات، مبرزا أن الأمر لا يتعلق بمسألة ”التريث”، بل بـ ”مواقف مبدئية” غير مرتبطة بترقب اتضاح الأمور، أو انتظار من تميل له الكفة ليميل معه المغرب.
وكشف بوخبزة، في نفس السياق، أنه في إطار العلاقات التي يبرمها المغرب مع شركائه، لا يتدخل في الشؤون الداخلية لهاته الدول، مهما كانت متانة العلاقات وقوتها وتشابك المصالح معها.