2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تقاطر قادة ورؤساء العديد من دول العالم على نيويورك الأمريكية، منذ بداية الأسبوع الجاري، من أجل المشاركة في أعمال قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 78 التي انطلقت أشغالها يوم الثلاثاء الماضي.
ومن المرتقب أن يلقي 145 زعيما، خطابات طيلة اجتماعات الجمعية الأممية والتي تستمر لأسبوع، تتطرق إلى قضايا عالمية و إقليمية ساخنة، منها بالأساس الحرب في روسيا وتغير المناخ وانقلابات افريقيا والأوبئة ومعضلة الذكاء الاصطناعي و غيرها كثير.
لرصد مدى أهمية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومدى اهتمام المغرب بها، استقت جريدة “آشكاين” رأي كل من خالد شيات، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، وأيضاً رأي عبد النبي صبري، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط.
قرارات غير ملزمة وحضور مغربي مؤثر
قال الباحث في العلاقات الدولية، خالد شيات، إن أهمية قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي يحضرها العديد من رؤساء الدول والحكومات وشخصيات دبلوماسية في الأمم المتحدة، مرتبطة باختصاصات الجمعية الأممية عموماً.
وأوضح شيات، جوابا على سؤال حول أهمية اجتماعات الجمعية، أن هذه الجلسات “ذات طبيعة غير مقررة و ليست ملزمة للدول، وتستعرض فقط مجموعة من الأفكار التي تؤمن بها تلك البلدان”.
وكشف أن التوجه العام للأمم المتحدة خلال الدورة الحالية، مرتبط بإنجاح البرنامج الأممي للتنمية المستدامة الذي يتضمن 141 هدفا في أفق 2030، في حين أنه ظل في منتصف الطريق منذ سنة 2015 الى حدود اليوم ويوجد في مستويات حرجة.
وأبرز الاستاذ الجامعي، في نفس السياق، أن “نصف الأهداف التي تم تسطيرها إما لم يتم تنفيذها أو حدث طارئ فيها، إذ لم يتحقق من أهداف البرنامج الذي يهم الصحة والتعليم…، سوى 12 في المائة”.
وشدد على أن الغاية الأساسية من اجتماعات الهيئة الأممية، هي لم القوى العالمية من أجل تحديد الغايات المتجددة للأمم المتحدة في ما يتعلق بتنفيذ أجندة 2030 المرتبطة بالتنمية المستدامة وهي عملية ترتبط بالهيئة الأممية على شكل اتفاقيات ومستويات تعاون أخرى أو قرارات وغيرها.
وجوابا حول ما إذا كان حضور المغرب باهتا، في ظل شبه غياب تام للملك محمد السادس عن حضور دورات الجمعية الأممية السنوية؛ أوضح شيات أن المغرب كان دائما يحضر مجموعة من المحطات المرتبطة بدورات الجمعية العامة للأمم المتحدة، سواء على مستوى القمة ورئاسة الدولة، حيث يمثل الملك محمد السادس المغرب في هذه الحالات، وفي حالات اخرى كان يقوم بذلك رئيس الحكومة أو وزير الخارجية أو سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، وهي أمور “لا اعتقد انها توحي بأن ليس هناك اهتمام المغرب”.
وأكد أن المغرب يعد فاعلا في الأمم المتحدة، مبرزا أنه خلال السنة الماضية وأيضا الجارية توجد المملكة في مستوى متقدم داخل الأمم المتحدة لاسيما في بعض الهيئات، كما الحال بالنسبة لتمثيلية مجلس حقوق الانسان أو لجنة حقوق الطفل أو الهيئة الخاصة بالجرف القاري أو غيرها من الهيئات داخل الأمم المتحدة التي تم فيها انتخاب المغرب كعضو فيها وفي اللجان التابعة لها.
وأبرز أن المغرب ”حاضر عمليا وموضوعيا وليس فقط من أجل أن يدلي بخطاب مترهل ومتآكل يتحدث عن العالم في القرن الماضي، مثلما فعلت الجزائر عن طريق رئيسها”، أول أمس الأربعاء.
وأوضح شيات أن الحضور يجب ان “يكون عمليا وواقعيا ومؤثرا وليس حضورا جسديا بدون أثر وبدون فعل”.
الملك محمد السادس طالب بتغيير الإطار المعياري للأمم المتحدة
قال الأستاذ الجامعي، عبد النبي صبري، إن الحضور على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، تؤطره ضوابط وقواعد وأعراف، مؤكدا أن حضور رؤساء الدول أو من يمثلهم، يتم وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون الدولي، حيث إن وزير الخارجية هو الذي ينوب عن رئيس الدولة في كافة الأمور المرتبطة بالقضايا الدولية.
وأوضح أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما هو معروف ومألوف، تعد جهازا للتداول وصنع السياسات العامة، وتصدر توصيات المتعلقة بالسلام والأمن وتوصيات تهم انتخاب أعضاء مجلس الأمن الدولي….
وشدد، جوابا على أهمية جلسات هيئة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن ذات الجمعية تعالج مجموعة من المواضيع المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في مدن ومجتمعات محلية ذات تنمية مستدامة، كقضايا الفقر والجوع، مشاكل الصحة، المياه النظيفة، العمل اللائق، النمو الاقتصادي، التعليم الجيد، وغيرها من القضايا الأساسية والرئيسية على كافة المستويات.
وكشف مؤلف كتاب “القانون الدولي العام في ضوء الممارسات الدولية”، أن القمة التي تنعقد سنويا في الأسبوع الثالث من شهر شتنبر، تعد فرصة لكافة دول العالم لمناقشة الكثير من الامور ومدى التزام الدول ومعها منظمة الأمم المتحدة في تحقيق الاولويات المحددة.
صبري تحدث بدوره عن خطة التنمية المستدامة في أفق 2030، التي تتضمن العديد من الأهداف التي تعالج كافة القضايا الملحة، لكن الغريب في الامر، وفق تعبيره، أن تقريرا للأمين العام للأمم المتحدة، أكد أن 15 في المائة فقط من هذه الأهداف هي التي تحققت وأغلبها لا يذهب في اتجاه التحقق، مؤكدا أن الأمر بات يعد مشكلة.
وأبرز صبري أن القمة الحالية، إضافة إلى فشلها في تحقيق الأهداف المرسومة مسبقا، فهي تنعقد في وقت يتخبط فيه العالم في مشاكل وقضايا أخرى معقدة مرتبطة بالغذاء والحصول على الأسمدة.
وأكد أن الأمر بات يتطلب ضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي، كما سبق للملك محمد السادس أن دعا إلى ذلك قبل عقود، وأقر به حتى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بنفسه، لكون إطار المجلس المعياري الحالي يجب تغييره، إذ أن غوتيريش شدد خلال الدورة الحالية على ضرورة إصلاح المجلس الدولي بما يتماشى مع عالم اليوم، وإعادة تصميم البنية المالية الدولية لمجاراة التطورات والخطط المستقبلية.
وأبرز المتحدث أن الأمم المتحدة لا يمكن أن تستمر بإطارها المعياري الحالي الذي يعود الى سنة 1945.
وكشف أن هناك مشاكل مرتبطة بانتهاكات لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي بسبب الحروب والأزمات والانقلابات، اضافة إلى العديد من القضايا التي تصب في نفس الاتجاه.
ما الغاية إذن من عقد دورات جمعية الأمم المتحدة سنوياً في ظل هذا الوضع، يجيب ذات الأستاذ في العلاقات الدولية “أنها على الأقل منبر لكافة دول العالم، لكونها تتوفر على قاعدة ذهبية وهي المساواة والتصويت فيها يحترم قاعدة الدولة الواحدة تساوي صوتا واحداً، أي أن كافة البلدان سواسية في التصويت”.
وهذه المسألة، حسب صبري، تكاد تزول على مستوى مجلس الأمن الدولي لأن هناك مسائل مرتبطة بحق النقض “الفيتو” وعلى مستويات أخرى، لا تحترم قاعدة المستويات كما الشأن بالنسبة لمنظمات اقتصادية دولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، لا تحترم قاعدة المساواة بل قاعدة القوة الاقتصادية للدول ومساهمتها، مؤكدا أن خمس دول فقط من تسيطر على مركز القرار في المؤسستين المذكورتين، على خلاف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تشكل فرصة لكثير من الدول لتعتلي منبر الهيئة الأممية وتعبر عن حاجيتها ووجهة نظرها، وهذا أمر مهم جدا.
وختم صبري حديثه بالقول إن المغرب كان يحضر دائما الدورات سواء عبر الملك أو من ينوب عنه، أو وزير الخارجية، وذلك من أجل تطوير عمل منظومة هيئة الأمم المتحدة على كافة المستويات.