أحمد فردوس
في ثقافتنا الشعبية كان الفرد لما يقوم بسلوك غير مقبول أو يعلن عن رغبته في امتلاك شيء لا يخصه أو تهربه من أداء واجباته أو اقتراف سلوك غير معتاد وسط الأسرة بشكل خاص والمجتمع المغربي بصفة عامة، كان يواجه بهذه الجملة من طرف من هو أعقل وأرزن منه ليعيده إلى الصواب وعين العقل بقوله: “أَرْجُوعْ لِِلَّهْ”.
الدعوة إلى “الرجوع لله” حسب الثقافة الشعبية بعيدا عن مفهوم التدين “البنكيراني” الإنتهازي، ليس المقصود بها هنا توجيه تهمة الإبتعاد عن طريق الله ونوره، بقدر ما هي دعوة لتصحيح مسار خاطئ أو موقف منحاز أو سلوك غير مقبول.
في هذا السياق أرفض أن يخاطب أي قائد حزبي أو مسؤول سياسي الشعب المغربي بلسان ينفث سم الثعابين والأفاعي ليذغذغ مشاعر البسطاء وينومهم مغناطيسيا ويرسم لهم طريق الصراط المستقيم وسبيل الجنة والنار بكلام ترفضه كل الديانات فما بالك بالإسلام، وكأن المغاربة يجب أن يرجعوا إلى الله – حسب قول بنكيران – وكأنهم يمارسون الخطيئة في حق دينهم ودنياهم؟
الذي عليه الرجوع إلى الله هو حزب العدالة والتنمية وزعيمه بنكيران الذي يعلم جيدا كم اقترفت يداه من كبائر وظلم ومآسي وجرائم في حق الشعب المغربي وطبقته المتوسطة.
من عليه الرجوع إلى الله، هو من يلهف بدون وجه حق أموال عائدات ضرائب الشعب بالملايين شهريا في الوقت الذي لا يجد رب أسرة ما يعول به البطون الجائعة، أمام قرارات حكومتكم التي قضت على القدرة الشرائية ورفعت سقف الأسعار وتلاعبت بعواطف البسطاء ولم تنتج سوى الفقر وطوابير الفقراء.
هل الله انتقم من شهداء زلزال الحوز وتارودانت و وارزازات وشيشاوة؛ وسلط عليهم الكارثة وهم نيام تحت سقف بيوت طينية تفوح منها رائحة الصبر والقناعة والإيمان بالقضاء والقدر؟
هل انتقم الله فعلا من قتلى الدمار الهائل الذي لم يسلم منه لا الحيوان ولا الإنسان…سواء الرضع والأطفال ولا العجائز وشيوخ القبائل ولا الفقهاء والائمة وحفظة كتاب الله في سوس العالمة؟
هكذا بخطاب تمتح فيه من أوراق التدين التي مكّنتك من الإستيلاء على كرسي الرئاسة الحكومية في زمن الربيع العربي تريد أن ترسم صورة بئيسة لواقع مجالات جغرافية ساهمتم في إبقائها رهينة التهميش والإقصاء بعيدة عن التنمية المجالية مثل بعد الشمس عن الأرض وأنتم تحفظون عن ظهر قلب قصة صندوق تنمية العالم القروي.
إن الله جميل ويحب الجمال؛ وهو رحيم بعباده؛ وهو منزه عن فعل السوء بعباده وتعذيبهم شر العذاب وليس من أفعاله الإنتقام ليعود الإنسان إليه بهذه الطريقة التي اخترتها من خزائن كتبك الصفراء.
إِتَّقِ الله يا بنكيران في خلقه، وقم بنقد ذاتي بخصوص ما اقترفت من أخطاء وارجع أموال الشعب لخزائن الدولة قبل فوات الأوان؛ أما الكوارث الطبيعية والزلزال فهو أمر متروك للقضاء والقدر ومتغيرات الطبيعة كما يقع في العالم بأسره وأذكرك بأن الطبيعة لا تقبل الفراغ.
الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.