لماذا وإلى أين ؟

« طوفان الأقصى »: المُقاوَمة المُسلّحة الفلسطينيّة ضِدّ إسرائيل هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض

علي او عمو

إن إدراج الولايات المتحدة لحركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” و فصائل أُخرى من المُقاومة الفلسطينيّة  في خانة المنظمات الإرهابية هي إشارة واضحة لإعطاء مُبرّر كافٍ لشنّ هجماتها الوحشيّة  على غزة العِزّة و توْسيع رُقعتها الهجوميّة في جميع ربوع فلسطين المُحتلّة  و استباحة دماء أبنائها الزَّكية الطاهِرة بعد أن ضمِنت صمْت جميع الأنظمة العربيّة بتوقيها اتفاقية (ابراهم) و التطبيع و تمتين علاقاتها معها، كما أن السلطة الفلسطينيّة تُساهم وبشكل جليّ في تعقيد القضية الفلسطينية من خلال تنسيقها الأمني مع الكيان من أجل كبح جِماح المُقاومة في أراضي الدّاخل الفلسطينيّ و هذا يقع أمام أنظار ما يسمى ” المجتمع الدولي”، الذي يجنح إلى جانب إسرائيل التي تعتبر مُعظم دول الغرب ما ترتكبه  إسرائيل من جرائم بشِعة في حقّ الشعب الفلسطينيّ دِفاعاً على نفسها فقط.

إن القضاء على الإسلام السياسي هو الهدف من وراء ما يحدث من ويلات في العالم العربي و ذلك بتخطيط من الغرب و بمباركة من ساسة  بعض الدول العربية، و ما تصنيف بعض الدول العربية لحركة حماس و غيرها من الفصائل المُقاوِمة في لائحة المنظمات الداعمة للإرهاب إلا دليل قاطع على تقاطع مصالح الغرب وساسة  بعض الأنظمة العربية على القضاء على الحركات الإسلامية في المنطقة لكونها تشكل مصدر تهديد للدول الغربية و العربية معا.

أما التنديدات العربية الرسمية الجوفاء التي تصدر من هنا وهناك، فما هي إلا درّ للرماد في العيون و امتصاص غضب شعوبها التي تحترق قلوبها أسفا على تفكيك أواصر فلسطين و التنكيل بشعبها الأبي المناضل المقدام و التفريط في القدس الشريف الذي تم تهويده بالتدريج منذ توقيع أوسلو المقيت المذل الذي رحب به كل من ساهم في طرق آخر مسمار في نعش القضية الفلسطينية .

جاء الأسوأ و هو اتفاقية (ابراهم ) التي أبرمتها الأنظمة العربيّة مع الكيان الصهيوني و بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، قصد ربط علاقات مع الكيان و فتح جسور التعاوُن في جميع المجالات ، بدأت العديد من الأنظمة العربية تتهافت نحو الانخراط في هذه الاتفاقية دون مُراعاة للحالة النفسية لأشقّائنا الفلسطينيين و دون أي اعتبار لشعوبها المُندِّدة بهذه الفِعلَة الشنيعة التي لم يشهد لها التاريخ العربيّ مثيلاً، لقد انتفضت هذه الشعوب الحرّة التي تؤمن إيماناً راسخاً بالقضيّة الفلسطينية المشروعة و قد جوبِهت انتفاضاتها و احتجاجاتها بالقمع من طرف هذه الأنظمة التي لا تعرف سوى المُقاربة الأمنية تُجاه شعوبها كلما ندّدت بسياساتها العبثيّة .

و لمّا أدركت فصائل المُقاومة الفلسطينيّة حقيقة الأمر و ما يُحاك ضد قضيتهم من خذلان و نُكران لمشروعية قضيتهم من
قبل بني جِلدتهم ، صمّمت العزم على تقويَّة نُشطاء المُقاومة و وحّدت صفوفها و خلقت خلايا مقاومة جديدة في الضفة
الغربية و القُدس و غيرهما، عازمين على سلك طريق المُقاومة كسبيل وحيد لمواجهة العدوّ و إيلامِه من خلال عمليات
بطولية في كل مناطق فلسطين المُحتلَّة، و هذا ما فاجأ إسرائيل و عُملاءَها الذين لم يكونوا ينتظرون اتحاد كل القِوى
الفلسطينية في بوثقة واحدة و في خندق واحد من أجل تلقين الكيان دروساً لم و لن ينساها، و بالتعويل على أنفسهم و
على مقاومتهم الباسلة، التي قامت بِتطوير أساليب مُقاوَمتها و تحديثِها، مِمّا قذف في قلوب الإسرائيليّين الرُّعبَ و الهَلع
و عدَم الإحساس بأيّ استقرار و لا أيّ اطمئنان، حيثُ فقدوا ثقتهم في جيشهم و قوّاتهم التي عجزت على صدّ هجَمات
المُقاومين الأشاوس الشُّجعان.

سينتصر الفلسطينيون على عدوّهم و سيُحرّرون أرضهم بقوة السلاح و سيُنشئون دولتهم على أرضهم كل أرضهم و عاصمتها القدس الكريم . نعم، فلسطين ستتحرر، قريباً و سينعم رجالها المغاور بالحرية و الرخاء و الازدهار و ستتبخر أحلام إسرائيل و الغرب و أزلامهم لأن الحق يعلو و لا يعلى عليه و حق المظلوم مكفول و لو بعد حين لأن التاريخ هو الذي علمنا أن طالب الحق لم يخب يوما أو ينهزم ،و من تَوَّهم أنه سيستطيع بمخططاته أن يغير مسار التاريخ فهو مُخطئ ..

و ها هي المُقاومة الفلسطينيّة يومه السبت المُبارَك 7 أكتوبر 2023 تُفاجئُ إسرائيل بِهجمَاتِها العنيفة غير المَسبوقة:
عملية “طوفان الأقصى”. فقد أطلقت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكريّ لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم السبت عملية عسكرية واسعة ضد إسرائيل شملت إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف وعمليات تسلل واقتحام مستوطنات وأسر إسرائيليين; حسَبَ ما أوردهُ موقع الجزيرة.

كما أضاف نفسُ المصدر أن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف قد أعلن بدْء عملية “طوفان الأقصى” ضد إسرائيل وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاهها.

وأضاف محمد الضيف، في رسالة صوتية، إن الضربة الأولى من “طوفان الأقصى” تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة استهدفت إسرائيل و من جهتها، قالت الإذاعة الإسرائيلية: إن “حماس” أسَرَت 35 إسرائيليا منذ بدء الهجوم من غزة. حيث تمكنت من التوغل برّاً وبحراً وجواً في المستوطنات المتاخمة لقطاع غزة.

كما أدّى الهجوم غير المسبوق إلى مَقتل وجرح المئات من الإسرائيليين، فضلاً عن عشَراتِ الأسرى من الضباط والجنود، الذين تُؤكد المقاومة أنهم باتوا في قبْضتِها ونقلوا إلى أنفاق، وأماكن آمنة في غزة حسبَ المَصدر نفسِه.

لقد اكتفتِ الدول العربيّة، بالتَّنديد الخَجول المُحتشِم، و مُعظمها تَدعو إلى ضبط النفس وحماية المَدنيين و لم تُشِر إلى المَدنيّين الفلسطينيّين العُزّل، و يتَّضح من هذا التّعميم أنَّها تُساوي بين الجلّاد و الضّحيَة. لقد أربَكت المُقاوَمة الباسلة غير المُنتَظرة حساباتِهم، و لم يتخيَّلوا يوْماً أنّ المُقاومين الفلسطينيين سَيَهزمون “الجيش الذي لا يُقْهَر” ظانّين أنَّ
“السلطة الفلسطينيّة”، و بِدعمٍ منهم، ستَنجحُ في العودة مرّةً أخرى إلى “مُفاوَضات الذُّلّ” التي ما هي إلّا لُعبة إسرائيليّة تسعى من خلالها إلى تكريس احتلالها و تثبيت أركانها في الأرض عن طريق الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينيّة، حتّى لا تتركَ للفلسطينيين ما يُقيمون عليها دولتَهم، تلك الدويلة المنقوصة السيادة التي تسعى (السلطة) في رام الله إلى المُضَي في “المُفاوَضات” من أجل إنشاء هذه الدويلة على نسبة تقلّ عن
25% من أرض فلسطين التاريخيّة، و التنازُل عن القُدس الشريف، الذي هبَّ اليوم سُكانها هبّةً واحدة في وجه الإسرائيليين بمواجهتهم للجيش الإسرائيلي مُواجَهةً لم تشهَدها قوات
الاحتلال من قبلُ.

ما حدَث اليوم في الأراضي الفلسطينية من مُقاوَمة شرسة و و حربٍ حامية الوطيس قد ألغت كُلَّ بُنود الاتّفاقية المَهزَلة التي لمْ تزِد الفلسطينيّين الأحرار إلّا مَزيداً من الاعتماد على أنفسهم و مزيداً من الإصرار على الدّفاع عن أرضهم المُحتلّة المُغتَصَبة.

و أريد أنْ أُشير إلى أنّ أمريكا و الدول الأوربيّة كُلَّها قد أَدانت و استنكرت ما قامت به المُقاوَمة الفلسطينية و اعتبرتهُ “إرهاباً” ضدّ الكيان الإسرائيلي، و هذا يدُلّ على أنّ ما
يُسمّى “المجتمع الدولي” يقف إلى جانب إسرائيل و يعتبِر جرائمها في حقّ الشعب
الفلسطينيّ دِفاعاً عن النفس. فهل نُعوّل على أمريكا و أوروبا أنْ تحلّ القضية الفلسطينيّة،
و تمنح للفلسطينيّين حقَّهم في تكوين دولتهم على أراضيهم؟؟؟
يقول تعالى : (ألم يروْا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكّنّاهم في الأرض ما لم نُمكِّن لكم وأرسلنا السماء عليهم مِدرارا
وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بِذُنوبهم وأنشأنا من بعدِهم قَرْناً آخَرين).

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x