لماذا وإلى أين ؟

هل يُمكن للدعم المُباشر أن يقي المغاربة “جحيم” ارتفاع الأسعار القادم؟

شرعت الحكومة في مباشرة ‏برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يهدف لـ“تمكين ملايين الأطفال والأسر التي توجد في وضعية ‏فقر أو هشاشة من دعم مالي مباشر بداية من نهاية السنة الجارية 2023″، وفي المقابل تتجه الحكومة ذاتها إلى رفع الدعم وتحرير أسعار الغاز والسكر والدقيق من خلال تصفية صندوق المقاصة، وتقترح في قانون المالية الجديد سن ضريبة على خدمات الماء والكهرباء.

اقتراحات الحكومة بخصوص مشروع قانون المالية الجديد من شأنها أن ترفع أسعار عدد من المواد الأساسية والخدمات الهامة لدى المغاربة، ما يؤشر عن “جحيم” لارتفاع الأسعار في المستقبل القريب. وهو ما يطرح السؤال عن مدى قدرة الدعم المالي المباشر على التخفيف من ارتفاع الأسعار المتوقع؟ وما محل الطبقة الوسطى من كل هذا؟

المحلل الإقتصادي محمد جدري، يرى أن الحكومة تهدف للتخفيف من كلفة فاتورة نفقات صندوق المقاصة التي تتحملها خزينة المملكة من خلال رفع الدعم على مجموعة من المواد الأساسية التي كان يدعمها، حيث تم في المرحلة الأولى رفع الدعم عن المحروقات، والآن تتجه لتحرير مواد أخرى، مشيرا إلى أن نفقات صندوق المقاصة بلغت 42 مليار درهم سنة 2022، وما يناهز 26 مليار درهم هذه السنة.

الإشكال في هذا الصندوق، وفق جدري الذي كان يتحدث لصحيفة “آشكاين” الرقمية، هو أن الفئات الفقيرة المستهدفة لا تستفيد منه بشكل مباشر، بل تستفيد منه أطراف أخرى من قبيل مقاولات كبيرة في القطاعات تستخدم الغاز والدقيق والسكر في عملية الإنتاج، مشددا على أن هذا الدعم المخصص للفئات الفقيرة بطريقة غير مباشرة ترى الحكومة أنه يجب أن يوجه إليها بشكل مباشر، وهو ما ترجم في برنامج الدعم المالي المباشر.

وبناء على البرنامج المذكور، يضيف المتحدث، سيتوصل عدد من الأسر الفقيرة بدعم مالي يتراوح ما بين 500 و1000 درهم شهريا، وفي المقابل لن يتم دعم المواد الأساسية التي كان صندوق المقاصة يدعمها، حتى لا تستفيد الأطراف الأخرى كالمقاولات من الدعم الصادر عن صندوق المقاصة.

محمد جدري ــ محلل اقتصادي

ويؤكد المحلل الإقتصادي أن تصفية صندوق المقاصة سيتبعه بشكل مباشر غلاء مجموعة من المواد والخدمات الأساسية في المغرب، بداية بـ”مول الحلويات” الذي كان يستعمل الدقيق والغاز في عملية انتاج الحلويات، سيزيد من حلوى درهمين إلى 5 دراهم، لأنه سيصطدم بزيادة في سعر الدقيق والغاز بعد رفع الدعم عنه.

ويرى متحدث “آشكاين”، أن عملية تصفية صندوق المقاصة تلزمه العديد من الإجراء ات، منها دعم الفقراء بشكل مباشر، وهو ما يتم عبر برنامج الدعم المالي المباشر الذي أعلنت عنه الحكومة، إلى جانب عملية مراقبة دقيقة للأسعار حتى لا نقع في “فوضى الأسعار” في الأسواق المغربية.

من جهة أخرى، دعا جدري الحكومة إلى ابتكار برامج دعم خاصة بالفلاحين الذين يستعملون غاز البوتان في عملية انتاج المواد الفلاحية، حتى لا يضطروا إلى رفع أسعار المنتوجات الفلاحية عندما ستعتمد على “الغازوال” في عملية الإنتاج بدل غاز البوتان”.

“الطبقة الوسطى هي للي غادي تاكل الدق فهادشي كامل”، يسترسل المحلل الإقتصادي، مستدركا “هي لن تستفيد من برنامج الدعم المالي المباشر وفي الوقت ذاته ستشتري المواد والخدمات بثمنها المرتفع بعد التحرير دون أن تستفيد من الرفع في الأجور أو تخفيض الضرائب”.

ويرى جدري أنه يجب على الحكومة رفع الأجور بالنسبة للطبقة المتوسطة في القطاعين العام والخاص بالإضافة إلى تخفيض الضرائب من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية لهذه الفئة، مبرزا أنه “في هذه الحالة ستكون الطبقة الفقيرة من المغاربة تستفيد من دعم متالي شهري، وطبقة متوسطة بأجور معقولة تستفيد من تخفيض للضرائب، وطبقة غنية غير متضررة، والأهم هو الحفاظ على الهوامش المالية للحكومة وتقوية المجتمع، وإلا سندخل في دوامة صعبة”، وفق المتحدث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

5 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
لحسن
المعلق(ة)
29 أكتوبر 2023 22:07

الدعم الدي تقدمه الحكومة لايمكن ان يجدي شيئا على الحكومة ان توفر مناصب الشغل وتحتفظ الحكومة يدعمها حين ذلك تضع برنامجا للاسعار يتناسب والاجرة.يقول المثل الصيني لاتعطيني سمكة بل علمني كيف اصطاد السمك

لوقصير احمد
المعلق(ة)
29 أكتوبر 2023 17:35

إنها حكومة فاشلة بكل المقاييس لان كل ما واعدتنا به أصبح العكس الزيادات الصاروخية في كل المواد أضف على ما يريدون القيام به من حذف صندوق المقاصة
وبيع ما تبقى من الشركات التي هي في ملك الدولة اما الوعود ذهبت مثل السراب والمواطن بالشارع مع لقمة العيش .ولم يبقى الا تدخل ملك البلاد حفظه الله ونصره

خاليل
المعلق(ة)
28 أكتوبر 2023 14:07

حكومة فاشلة بكل المقاييس لا أفق لها ولا حلول لها للخروج من الأزمات المالية الا جيوب المغاربة كان الاجدر بها اولا فرض الضريبة على الثروة ومن تم زيادة في الضريبة على الشركات الكبرى لا النقص منها فقانون المالية الحالي والاسراع في
حل أزمة لاسامير وارجاعها الى الخدمة وسد الطريق على لوبيات المحروقات ونالنقص من اجور كبار الموظفين والتعويضات الخيالية البرلمانيين والوزراء دون جدوى او فائدة من ورائهم والا تجاه الى تقليص عددهم فاسبنيا اعضاء حكومتها لا يتجاوز 13 الفرد بالاضافة الى محاربة الفساد والمفسدين والذي بسببهم تتعطل التنمية ويؤخر النمو ولكن الإرادة السياسية لكل هذا غير موجودة والساهرين على تسيير شؤون البلاد والعباد هم المستفدين .فلا يقبل وغير المعقول أن تجتمع السلطة والثروة في جهة واحدة .اما الحديث عن الدعم المباشر فهو هراء ولنا تجارب سابقة ولن يستفيد المستحقين الدعم والبركة في طريقة من يتولون ذلك .

بوجمعة
المعلق(ة)
28 أكتوبر 2023 08:27

آلة و تدهور مؤشر الفقر يسيران بوثيرة أسرع من أرقام الدعم الاجتماعي والتفاؤل الذي ينهجه البعض لان :
– الفنا أن معدلات النمو الاقتصادية التي اصلا لاتفارق 2% سنويا اي نفس نسبة نمو السكان لا تنتج فائضا انتاجيا يلبي حاجات العرض في الأسواق لكبح جماح ارتفاع الأسعار التي لن تنتهي .
– في حالة ان معدلات النمو الاقتصادية أتت بفائضها، فإن فوائد توزيعها التي تصب في صالح الغني والمستتمر المحتكر لن تكون أبدا بجانب الطبقات الاجتماعية المدعمة التي لن تحس باثار الدعم .
– في مادا يفيد دعم الفئات المستهدفة أمام نظام ضريبي غير منصف مانع لتحرك الطلب وعامل يضعف القدرة الشرائية لدى المواطن وأمام كذلك نظام عرض المواد بالأسواق تتحكم فيه لوبيات التصدير وجشع المنتج الكبير ونهب الراسمال الخارجي للامكانات ( تناقض رفع اثمنة العموم لمادة الغاز أمام “هيللة” إنتاجه محليا ).
– نظام تكوين الأسعار الذي دمر مع التحرير الكلي مع حلول 2024 لن ولم يعد يفتح فرصا لتكوين نظام أسعار خاضع كما يدعى لتقلبات العرض والطلب ولروح المنافسة بل سيبقى خاضعا للمزاج الهيكلي للاحتكار وهيمنة القطاع الغير المنظم وو..

انجيمي مصطفى
المعلق(ة)
27 أكتوبر 2023 23:15

أنا عمري الآن 61 سنة وعندي ولد وبنت يعني كبار استفدت مرة واحدة في حياتي من سنة 2020 إلى غاية 2012 من ليبيا الحبيبة يعني اثنى عشرة سنة عشتها مع صغاري وزوجتي كان كل شيء متوفر مثلنا مثل الليبيين لما قامت الحرب رجعنا السؤال هو لاشيء عندي استفيد منه سواءا الزيادة أو غير الزيادة يعني اتخبط في نفس الدائرة ولآ من يسأل فينا ربنا هو المستجاب ونموت شيءا فشيءا لاخدمة مضمونة ولا أجرة محمودة فوضت أمري إلى الباري عز وجل الله المستعان

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x