لماذا وإلى أين ؟

لماذا يحافظ البرلمانيون على صفاتهم بمجلس النواب رغم عزلهم  من رئاسة الجماعات؟

عزلت وزارة الداخلية البرلماني عن حزب الحركة الشعبية، عبد النبي العيدودي، المشهور بلقب ”هشة بشة كشة”، من رئاسة مجلس جماعة دار الكداري التابعة لإقليم سيدي قاسم، حيث فتحت باشوية دار الكداري، باب الترشيحات لإعادة عملية انتخاب رئيس مجلس جماعة دار الكداري، وفق القوانين الجاري بها العمل في هذا الصدد.

وجاء عزل العيدودي بعدما صدر في حقه حكم نهائي عن غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، شهر يونيو 2023، قضى بسنتين موقوفة التنفيذ على خلفية متابعته في قضية اختلاس و تبديد أموال عمومية والتزوير بجماعة الحوافات بإقليم سيدي قاسم، وهو الملف الذي توبع فيه رئيس الجماعة وبعض مساعديه.

اللافت في حالة العيدودي، والتي قد تكون مطابقة لحالات مضت أو أخرى قادمة، أن البرلماني المذكور مازال يحتفظ بصفته البرلمانية، مما يدفع للتساؤل عن المدخل القانوني الذي يجعل البرلماني يحافظ على منصبه في مجلس النواب رغم سقوط صفة  رئاسة الجماعة بناء على متابعته بتهم ثقيلة.

عبد الرحيم العلام ـــ أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية

في  هذا الصدد، قال أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة القاضي عياض، عبد الرحيم العلام، إن  “لكل مجال مجاله، والصفة التي اكتسبها هذا الشخص في البرلمان ليست نفسها كرئيس جماعة، فليس بموجب الصفة المذكورة صار برلمانيا، ما عدا بالنسبة لأعضاء مجلس المستشارين”.

وزاد العلام، في حديثه لـ”آشكاين”، قائلا: “إذا كانت الحالة متعلقة بمجلس المستشارين يمكن أن يثار نقاش، لأن المنتخب البرلماني لكي يصل إلى ذات الغرفة الثانية لا بد له من شرط أن يكون منتخبا”.

وشدد المتحدث على أنه “حتى عندما يتم عزله، وجب التساؤل هل يتم ذلك لكونه رئيس جماعة أم يعزل أيضا بصفته منتخبا؟ وهنا نتحدث عن صفتين، فإذا تم تجريده من صفة المنتخب وكان عضوا بمجلس المستشارين فإنه بالضرورة ينبغي أن يفقد عضويته في مجلس المستشارين، لأن الصفة التي بموجبها أصبح في مجلس المستشارين قد انتفت، أما إذا عزل من الرئاسة داخل المجلس الجماعي وبقي منتخبا فيعزل بصفته مدبرا وليس منتخبا، نظرا لإختلالات، منها ما هو قانوني”.

ولفت الانتباه إلى أنه “في حالة ما إذا سجن، فإن القانون الداخلي لمجلس النواب يفرض أن العضو إذا تغيب عن عدد جلسات أو لمدة سنة، يفقد العضوية داخل مجلس النواب، وبما أن هذا الشرط غير متوفر في المادة 91 من القانون الداخلي لمجلس النواب  والتي بموجبه يجرد من عضويته بمجلس النواب،  من بينها الإقالة، فقدان العضوية داخل الحزب، التنقل من فريق إلى فريق وغيرها، فهو بذلك لم يفقد العضوية في مجلس النواب”.

وأكد  أن “انتداب مجلسي النواب والمستشارين مختلفين، إلا إذا فقد الشخص الأهلية”، مبرزا أن “الدستور واضح في هذا الباب، أي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بشكل نهائي”.

وأضاف أن ” الخطأ الذي قام به مجلس النواب في وقت سابق بمنع برلمانيين من دخول البرلمان غير دستوري، ولا يوجد أي مبرر أخلاقي لذلك والمتابع يبقى متابعا، وهو بريء إلى أن تثبت إدانته، وعندما نقول أنه بريء فيجب أن نؤمن بها عقلا وقلبا، ولا ينبغي أن يخامرنا شك، أو أن نقول أنه بريء مع تحفظ”.

وتأسف العلام لكون “الجاري به العمل في حياتنا اليومية، أن عبارة “بريء إلى أن تثبت إدانته” لا نؤمن بها بالشكل الذي ينبغي، فالشخص المتهم بأمر معين يظل بريئا إلى أن تثبت إدانته، وما دام أن القانون نص على ذلك، فهناك درجات في التقادم، وكم من متهمين توبعوا لعشر سنوات أو سنتين أو في جميع محطات الحكم، وجاء حكم محكمة النقض ونقض الحكم  وأثبت أن الشخص بريء، بل هناك من حكم بـ30 سنة وفيما بعد ظهرت براءته”.

ويرى المتحدث أن “العزل من رئاسة المجلس ربما لأخطاء تدبيرية أو غيرها، ولكن عضويته داخل مجلس النواب ثابتة، لأن مجلس النواب مؤسسة أخرى، كما أن مسألة البرلمان لا ينبغي ان نتعامل معها بسهولة، لأن العضو البرلماني له حصانة وموقعه قوي ولا يمكن تجريده من عضويته إلا بعد سلك المساطر كلها في القانون الداخلي، ويجب أن ينال الاحترام القوي لأن البرلمان مؤسسة شعب ولا يجب الاستخفاف بها، والاحترام الذي يناله البرلماني ليس بسبب شخصه هو، بل بسبب المؤسسة التي هو عضو فيها”.

وضرب العلام مثالا على ذلك بـ” الشرطي عندما تتعامل معه كمواطن عادي فنتعامل معه بسلوك معين، ولكن عندما يرتدي البذلة فهو ينال احتراما معينا، ليس لشخصه وإنما للمؤسسة التي يمثلها، وكذلك بالنسبة للأستاذ، وكذا الصحفي الذي يعطيه القانون امتيازات عندما يكون في مهمة صحفي، ولكن عندما يكون في مهمة عادية فليست لديه أي امتيازات عن باقي المواطنين”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
القانون
المعلق(ة)
3 نوفمبر 2023 23:46

تفسير الاستاذ المحترم غير صحيح. العزل يترتب عنه فقدان الأهلية وفقدان الاهلية يترتب عنه التجريد من عضوية البرلمان سواء مجلس النواب او مجلس المستشارين. سبب عدم تجريد هشة بشة هو عدم استكمال تركيبة المحكمة الدستورية هناك الثلث يجب تجديده والاعضاء الذين سيعينون ينتظرون الاستقبال الملكي لاداء القسم

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x