لماذا وإلى أين ؟

ما قبْلَ طوفان الأقصى و ما بعدَها.. المُقاوَمة إلى أيْن؟؟

علي او عمو.
لقد مَنحت الولايات المُتحِدة لنفسها الحقّ في إدراج الدول و الحركات التّحرُّرية و كلّ من يُناهِض سياستها في خانَة الإرهاب و التّطرّف، فتلجأ بذلك إلى فرض عقوبات عليها و إجبار دول العالم بِعدَم خرق قانون عُقوباتِها.

■ ما قبْل طوفان الأقصى و ما بعد التطبيع.
إن إدراج الولايات المتحدة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” و فصائل أُخرى من المُقاومة الفلسطينيّة في خانة المنظمات الإرهابية هي إشارة واضحة لإعطاء مُبرّر لإسرائيل من أجل هَجَمَاتِها و توْسيع رُقعتها في جميع رُبوع فلسطين المُحتلّة و استباحة دماء أبنائها الزَّكيةالطاهِرة بعد أن ضمِنت صمْت الدول العربيّة بعدَاتفاقية (ابراهم) و التطبيع و تمتين علاقاتها معها، كما أنّالتنسيق الأمني مع إسرائيل من طرف السلطة الفلسطينيّة ساهَمَ في تفاقُم الوَضع في الأراضي الفلسطينيّة، هذاالخطأ الفادِح الذي وَجبَ إصلاحُه، وذلك مِن خلال حلّ هذه السّلطة لِنفْسِها و استقالة جميع أعضائهاو فَسْح الطريق أمامَ المُقاومة الفلسطينيّة لِمواجهة غطرسة الكيان الإسرائيلي، مِمّا سَيُؤدّي، حتماً إلى إرباكه و إفشال خُطّتِه الهادفة إلى التّفْرِقة بين أبناء الشعب الفلسطينيّ (فرِّقْ تَسُدْ) لِكسْر إرادة المُقاوَمة.

أما التنديدات العربية الرسمية التي تصدر من هنا وهناك، فما هي إلا درّ للرماد في العيون و امتصاص غضب شعوبها التي تحترق قلوبها أسَفا على تفكيك أواصر فلسطين و التنكيل بشعبها الأبي المناضل المِقدام و التفريط في القدس الشريف الذي تم تهويده بالتدريج منذ توقيع “أوسلو” الذي رحّب به كل من ساهَم في مُحاولةطَمْس القضية الفلسطينيّةالعادلة.

أشير إلى أنّ أسوأ ما عرفَته الساحة العربيّة اليوم هي اتفاقية (ابراهم) التي أبرمتها مُعظم الدول العربيّة مع الكيان الصهيوني، بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، قصد ربْط علاقات مع الكيان و فتح جسور التعاوُن في جميع المجالات. بدأت العديد من الدول العربية تتهافت نحو التطبيع و ربط علاقات مع إسرائيل دون مُراعاتها لما تهْدِف إليه إسرائيل و أمريكا من وراء هذه الاتفاقية، التي ترمي، في حقيقة الأمر، إلى الاستِفراد بالشعب الفلسطينيّ، من أجل القضاء على المُقاومة و إقبار القضية الفلسطينيّة.

لقد انتفضت الشعوب العربية الحرّة التي تؤمن إيماناً راسخاً بالقضيّة الفلسطينية المشروعة، و قد جوبِهت انتفاضاتها و احتجاجاتها بالقمع من طرف سُلطاتدولها.

و لمّا أدركت فصائل المُقاومة الفلسطينيّة حقيقة الأمر و ما يُحاك ضد قضيتها من خذلان و نُكران لمشروعيتها من قبل بني جِلدتها ، صمّمت العزم على تقويَّة نَشاط المُقاومة و وحّدت صفوفها و خلقت خلايا مقاومة جديدة في الضفة الغربية و القُدس و غيرهما، عازِمين على سلك طريق المُقاومة المُسلّحة كسبيل وحيد لمُواجهة العدوّ و إيلامِه من خلال عمليات بطولية في كل مناطق فلسطين المُحتلَّة، و هذا ما فاجأ إسرائيل و عُملاءَها الذين لم يكونوا ينتظرون اتحاد كل القِوى الفلسطينية في بوثقة واحدة و في خندق واحد من أجل تلقين الكيان دروساً لم و لن ينساها، و بالتعويل على أنفسهم و على فصائل المُقاوَمة الباسلة، التي قامت بِتطوير أساليب مُقاوَمتها و تحديثِها، مِمّا قذف في قلوب الإسرائيليّين الرُّعبَ و الهَلع و عدَم الإحساس بأيّ استقرار و لا أيّ اطمئنان، حيثُ فقدوا ثقتهم في جيشهم و قوّاتهم التي عجزت على صدّ هجَمات المُقاومين الأشاوس الشُّجعان، الذين ينتشرون في جميع مُدن و قُرى الضفّة الغربيّة و في أراضي ال48 مانِعين القوّات الإسرائيليّة من اقتحامِها، كما عهِدتالقيامَ به من قبْلُ.

سينتصر الفلسطينيون على عدوّهم و سيُحرّرون أرضهم بقوة السلاح و سيُنشؤن دولتهم على أرضهم كل أرضهم و عاصمتها القدس الكريم . نعم، فلسطين ستتحرر، قريباً و سينعم رجالها المغاور بالحرية و الرخاء و الازدهار و ستتبخر أحلام إسرائيل و الغرب و أزلامهم لأن الحق يعلو و لا يعلى عليه و حق المظلوم مكفول و لو بعد حين لأن التاريخ هو الذي علَّمنا أنّ طالب الحق لم يخب يوما أو ينهزم،و من تَوَّهم أنه سيستطيع بمخططاته أن يغير مسار التاريخ فهو مُخطئ ..

■عملية طوفان الأقصى.
و ها هي المُقاومة الفلسطينيّة يومه السبت 7 أكتوبر 2023 تُفاجئُ إسرائيل بِهجمَاتِها العنيفة غير المَسبوقة: عملية “طوفان الأقصى”. فقد أطلقت كتائب عزالدين القسام، الذراع العسكريّ لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)،اليوم السبت عملية عسكرية واسعة النّطاق ضد إسرائيل شملت إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف وعمليات تَسَلُّل و مُفاجأة الجيش الإسرائيلي في قواعِده، حيثُ لَقَّنتهُ درساً لن ينساه، فقد قتلت منه العديد من الضُّبّاط و أسَرت منه العديد، بالإضافة إلى اقتحام مستوطنات إسرائيليّة حسَبَ ما أوردهُ “موقعالجزيرة”.

كما أضاف نفسُ المصدرأن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف قد أعلن بدْء عملية “طوفان الأقصى” ضد إسرائيل وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاهها.
وأضاف محمد الضيف، في رسالة صوتية، إن الضربة الأولى من “طوفان الأقصى” تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة استهدفت إسرائيل و من جهتها، قالت الإذاعة الإسرائيلية: إن “حماس” أسَرَت 35 إسرائيليا منذ بدء الهجوم من غزة. حيث تمكنت من التوغل برّاً وبحراً وجواً في المستوطنات المتاخمة لقطاع غزة. كما أدّى الهجوم غير المسبوق إلى مَقتل وجرح المئات من الإسرائيليين، فضلاً عن عشَراتِ الأسرى من الضباط والجنود، الذين تُؤكد المقاومة أنهم باتوا في قبْضتِها ونقلوا إلى أنفاق، وأماكن آمنة في غزة.”حسبَ المَصدر نفسِه”.

ووصل عدد القتلى الإسرائيليين حسب الجيش الإسرائيلي إلى أكثر من 1300 قتيلا، بينهم 169 عسكريا، وإصابة أكثر من 3 آلاف، وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى ارتفاع عدد الأسرى لأكثر من 150.

وأعلنت القسام مقتل قائد كتيبة الاتصالات في الجيش الإسرائيلي. في حين كشفت صحيفة جيروزاليم بوست أن 750 إسرائيليا في عداد المفقودين، كما أكد المفوض العام للشرطة الإسرائيلية فقدان عدد من أفراد الشرطة وانقطاع الاتصال بهم.

■ الإرباك الإسرائيلي من هول الفاجِعة.
لقد أربَكت المُقاوَمة الباسلة غير المُنتَظرة كلّ حساباتِ المسؤولين في إسرائيل، و لم يتخيَّلوا يوْماً أنّ المُقاومين الفلسطينيين سَيَهزمون “الجيش الذي لا يُقْهَر” ظانّين أنَّ “السلطة الفلسطينيّة”، و بِدعمٍ منهم، ستَنجحُ في العودة مرّةً أخرى إلى “المُفاوَضات” التي ما هي إلّا لُعبة إسرائيليّة تسعى من خلالها إلى تكريس احتلالها و تثبيت أركانها في الأرض عن طريق الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينيّة، حتّى لا تتركَ للفلسطينيين ما يُقيمون عليها دولتَهم، إنشاء هذه الدويلة على نسبة تقلّ عن 20% من أرض فلسطين التاريخيّة، و التنازُل عن القُدس الشريف، الذي هبَّ اليوم سُكانها هبّةً واحدة في وجه الإسرائيليين بمواجهتهم للجيش الإسرائيلي مُواجَهةً لم تشهَدها قوات الاحتلال من قبلُ.
ما حدَث يوم السبت 7 أكتوبر 2023في الأراضي الفلسطينية من اختراق لِحُصون و قواعد عسكرية لِإسرائيل قد ألغت كُلَّ بُنود اتّفاقية (اوسلو)، التي لمْ تزِد الفلسطينيّين الأشاوِس إلّا مَزيداً من الاعتماد على أنفسهم و مزيداً من الإصرار على الدّفاع عن أرضهم المُحتلّة المُغتَصَبة.

■ استنكار أمريكيّ و أوروبّيّ لِعمليّة المُقاوَمة و مُسانَدتُها لإسرائيل.
و أريد أنْ أُشير إلى أنّ أمريكا و الدول الأوربيّة كُلَّها قد أَدانت و استنكرت ما قامت به المُقاوَمة الفلسطينية و اعتبرتهُ “إرهاباً” ضدّ إسرائيل، و هذا يدُلّ على أنّ ما يُسمّى “الاتحاد الاوروبيّ” يَقِف إلى جانب إسرائيل و يعتبِر جرائمها في حقّ الشعب الفلسطينيّ دِفاعاً عن النفس، و قد صرَّح مُعظم رؤساء الغرب عَلَناً بأنّهم على استعداد لتقديم كلّ الدّعم لإسرائيل في حربِها ضدّ ما يُسمّونَهُ (حماس الإرهابيّة).

■ فَشل إسرائيل و انتقامُها من الشعب الفلسطينيّ في قطاع غزة.
و أمام الفشَل الذّريع الذي مُنيَ به الجيش الإسرائيلي أثناء طوفان الأقصاء لجأت إسرائيل إلى الانتقام من الشعب الفلسطينيّ في غزّة من خلال قيامها بالقصف العشوائي لبيوت المواطنين الأبرياء، و لا يَزال الكيان الصّهيوني يُواصِل عُدوانَه على أبناء الشعب الفلسطينيّ الأبرياء بمَزيد من القصف الهمجيّ لبيوت المواطنين الآمنين و تحطيمِها فوق رؤوسهم مِمّا يتسبَّب في وُقوع ضحايا من شهدا و جرحى. فَكلّ يوْم تُعلنُ وزارة الصحة في غزة استشهاد و جرْح المِئات من الأبرياء العُزَّل أغلبُهم من الأطفال و النساء و المُسنّين و طواقِم الإسعاف،و لازالتِ الآلة الحريّة الإسرائيلية المتواصلة تُحدِثُ دَماراً واسعا بالمباني السكنية والمرافق الحيوية، من مستشفيات و مدارس و مساجد و كنائس و مقرّات الأونروَا التي تُؤْوي العديد من اللّاجئين الفارّين من أماكِن اشتِداد القصف، و لم تستثنِ إسرائيل في قصفها سيارات الإسعاف التي تستَهدِفُها أثناء توجُّهِها نحو الأماكِن المقصوفةِ و المُدمَّرة.
لقد عمَدت إسرائيل إلى قطع الماء و الكهرباء و الوَقود على سُكّان غزة، كما قامَت بقطع الاتصال و الأنترنيت حتّى ترتكِبَ جرائِمَها بعيداً عن أنظار العالَم الذي بدأَت شعوبُه تَعي و تُدرك ما ترتكبُه إسرائيل من جرائمَ بَشِعةٍ في حقّ الأبرياء في غزة، و التي أخذت تنتفِض ضدَّ حُكّامِها من خلال مُظاهَراتٍ واسِعة في جُلّ عواصِم العالم بِما في ذلك أمريكا و البلدان الأوروبيّة التي ادرَكت بأنّ إعلامَها غير نزيه و غير مُستقِلّ لِوُقوفِها إلى جانب إسرائيل و التحيُّز إليها بِتقديمِه للأكاذيب و طمْسِه لحقيقة ما يجري في غزة و الضفة من مَجازِر يوميّة في حقّ الشعب الفلسطينيّ.
إنّ الجرائم الإنسانية التي ترتكِبُها إسرائيل في الأراضي الفلسطينيّة في حقّ الشعب تقع أمام أنظار العالَم، الذي وقفت مُعظَمُ دوله إلى جانب إسرائيل و داعِمةً لها في الإبادة الجماعيّة للفلسطينيّين، فمُعظم دول الغرب تَعتبر ما ترتكبُه إسرائيل من جرائم بشِعة في حقّ الشعب الفلسطينيّ هو دِفاعٌ عن نفسها من “الجماعات الإرهابيّة”، التي تَقصِدُ بها فصائل المُقاوَمة الفلسطينيّة.

■ المُقاومة الفلسطينيّة بالمِرصاد.
و رغم كلّ ما يتعرّض له إخواننا في فلسطين من تقتيل مُمَنْهج و إبادة جماعيّة نَكراء، فإنّ جميع فصائل المُقاوَمة مُتّحدة و في خندَقٍ واحد، أكثر من أيّ وقت مضى، ومُصِرَّةٌ على أنْ تُكبِّد الصّهايِنة خسائر تلو الخسائر، لمْ تَقف المُقاوَمة الفلسطينيّة مَكتوفة الأيدي أمام الانتهاكات الصّارِخة التي تقوم بها إسرائيل في غزة و إنّما أبانت للعالَم أنها قادِرةٌ على قذف الرّعب في قلوب الإسرائيليّين من خلال استِهدافِها لقلب تل أبيب بِصواريخها الدقيقة و المُوَجَّهة التي تُجبِر الإسرائيليّين إلى المُكوث في المَلاجئ، كما تُطلِق نيران صواريخها تُجاه المُستوْطنات في غلاف غزة مِمّا دفع بالمسؤولين في إدارة الكَيان إلى إخلاء مُعظمها من السكّان. بالإضافة إلى خوْض المُقاوَمة لِمعارك برّيّة مع القوات الإسرائيليّة في جميع الجبَهات و صدّتها عن التوغُّل في القطاعو إرغامِها على التّراجُع و التقهقُر إلى الوراء، لقد أصرّت حركة حماس على أن تُكبّد القوات الإسرائيلية خسائر فادِحة في الأرواح و المُعِدّاتحتى تجعل الكَيانيَنْدم على اليوم الذي فكّر فيه أن يحتلّ أرضَ أسيادِه الأمجاد الأحرارالمَقاديم.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x