أقدم الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، على إقالة عدد من المسؤولين الكبار بينهم المراقب العام للجيش، وهي القرارات التي تم نشرها في العدد الأخير من الجريدة الرسمية الجزائرية، حسبما ذكرت تقارير إعلامية جزائرية، اليوم الخميس.
وتضمنت هذه التعديلات إنهاء مهام كمال سيدي سعيد، بصفته مكلفا بمهمة برئاسة الجمهورية، ليتم تكليفه بوظيفة أخرى، كما تم إنهاء مهام أوجاني مصطفــى، بصفته مراقبا عاما للجيش، في مرسوم آخر، يقضي بتعيين حاج بوسلجة مراقبا عاما للجيش بدلا منه، مع صدور مرسوم آخر يقضي بإنهاء مهام علي صنديد، بصفته مكلفا بالدراسات والتلخيص في وزارة المالية، وتكليفه بوظيفة أخرى، وإنهاء مهام خالد حساني، الأمين العام للمحكمة الدستورية.
وهذه التعديلات جاءت بعد أيام فقط من إصدار تبون قرارا بتعيين نذير العرباوي رئيسا للحكومة، خلفا لأيمن بن عبد الرحمن، الذي تم إنهاء مهامه، كما تم تعيين المستشار لدى رئاسة الجمهورية المكلف بالشؤون القانونية والتحقيقات، بوعلام بوعلام، مديرا لديوان رئاسة الجمهورية بالنيابة.
وتأتي هذه والتعديلات المتلاحقة على بعد أشهر قليلة عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية والتي يتوقع أن يخوض تبون غمارها، ما يجعل التساؤل مشروعا عن علاقة التعديلات التي أصدرها تبون بترشحه لولاية رئاسية جديدة.
وفي هذا الصدد، أوضح أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشؤون الامنية وتسوية النزاعات الدولية، عصام لعروسي، أن “التعديلات الوزارية التي يقوم بها تبون، والتي شملت بعض المناصب في المؤسسة العسكرية وفي وزارة المالية، الهدف منها هو إعطاء دينامية جديدة والتفكير في نخب موالية للرئيس الجزائري للتمهيد لمرحلة جديدة تتسم بتأكيد سلطته بالموالاة مع الألوية العسكرية الموالية له”.
ويرى لعروسي، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “تبون يريد من وراء هذه التعديلات تعزيز مكانته في المشهد السياسي الجزائري المقبل على الانتخابات السنة المقبلة، ما يعني أن هذه التعديلات تدخل في إطار تعزيز مكانة الرئيس داخل المؤسسة العسكرية الحقل السياسي الجزائري”.
وأكد على أن “الهدف الثاني من هذا التعديل هو إقناع الداخل الجزائري بأن هناك دينامية متصاعدة، وأن الهدف من هذا التغيير هو الإصلاح الاقتصادي بالأساس للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المختلة في الجزائر، والتي تميزت بوضعية اقتصادية غير مريحة بعد أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والافتقاد إلى مواد الأساسية”.
وشدد على أن “هذه الخطوة هي محاولة لإقناع الجزائريين بأن دينامية التغيير والتحول تتماشى مع عقلية التغيير، وكذا نكاية في هؤلاء الأطر وعقابا لهم لعدم قيامهم بواجباتهم فيما يتعلق بالمهام المرتبطة بالقطاعات التي كانوا على رأسها، حيث يحاول تبون التأكيد على أنه رجل إصلاحات ورجل المرحلة في الوقت الراهن”.
“الهدف الثالث من هذه التغييرات”، يضيف لعروسي “هو التركيز على الدينامية مع الخارج والشركاء، وخاصة مع الغرب، وإقناع الفاعلين في الغرب أو في الدول الشريكة على أساس أن النظام الجزائري يقوم على التحول والتغيير والكفاءة والاستحقاق، على الرغم من الطبيعة المتكلسة والجامدة لهذا النظام الجزائري الذي يدور في فلك النخبة العسكرية ولا ينفتح على المجالات الأمينة”.
وخلص إلى أن “عنصر الولاء في التعيينات هو العنصر الأساسي وليس الاستحقاق، ما يعني أن تغيير الوزير الأول ومسؤولي عدد من القطاعات، كلها تغييرات لا ينتظر أن تكون استكمالا لمفهوم التغيير الحقيقي، حيث أنه لا وجود للتغيير الحقيقي في السياسات الداخلية والخارجية للنظام الجزائري، خاصة أن منسوب العدوانية يتصاعد في المجالات الخارجية ضد المغرب، وليس هناك آفاق جديدة أو تفكير من خارج الصندوق وترتيب لأولويات، وهو ما يظهر أن النخبة العسكرية فاقدة للبوصلة وللاستراتيجية ورؤية متبصرة لمستقبل الجزائر”.