لماذا وإلى أين ؟

“آشكاين” تعيد نسج خيوط قصة سقوط الناصري وبيوي في شباك “المالي”

استفاق الرأي العام المغربي، صباح يومه الجمعة (22 دجنبر الجاري)، على خبر إحالة قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء لـ 20 متهما ومتابعة واحد في حالة سراح، وإرجاع أربعة للفرقة الوطنية بغرض إخضاعهم لتدابير المراقبة القضائية، على خلفية ما بات يعرف بقضية “البارون المالي”.

المتهمون كانوا قد أحيلوا من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية يوم أمس الخميس على الوكيل العام للملك بالدار البيضاء، من بينهم رئيس مجلس جهة الشرق عبد النبي بعيوي، وشقيقه رئيس جماعة عين الصفا بوجدة، ورئيس نادي الوداد البيضاوي سعيد الناصري، ومجموعة من رجال الأعمال وموظفي شرطة ودرك وموثقين ومستخدمين.

أول الحكاية
تفجرت القضية قبل أشهر، عندما اتهم الحاج احمد بن ابراهيم الملقب بـ “المالي”، أحد أكبر أباطرة المخدرات بإفريقيا، شخصيات سياسية مغربية بالنصب عليه من خلال مؤامرة محبوكة بعد الاستيلاء على أمواله وممتلكاته العقارية، بحسبه.

وقالت المجلة الأسبوعية الناطقة بالفرنسية “جون أفريك”، بعد خروج “المالي”، (والدته مغربية من وجدة و والده من مالي ولقب نسبة لأصل والده) من سجن نواكشوط بتهمة تهريب “أطنان الحشيش”، سنة 2019، لم تهيمن عليه سوى فكرة واحدة، وهي استعادة مكانته واسترداد أمواله ممن اعتبرهم أصدقاءه من السياسيين المغاربة.

وأوضح المصدر أنه طيلة 4 سنوات قضاها “المالي” في السجن، استولى أصدقاؤه السياسيون على أزيد من 3.3 مليون يورو، بالإضافة إلى فيلته في الدار البيضاء، التي احتلها رئيس نادي كرة قدم معروف (سعيد النصيري)، وشقته في الدار البيضاء، المجاورة لفيلا زهاويكو، التي تم الاستيلاء عليها من قبل منتخب من وجدة تمت تبرئته مؤخرًا من تهمة تبديد الأموال العامة والفساد (عبد النبي بيوي)، حسب ذات المجلة.

وسجلت “جون أفريك” في “بورتريه” عن المالي، أن الأخير اتصل بأصدقائه، وأخبرهم عن نيته في استعادة أمواله وممتلكاته، وسألهم، بشكل ساذج، عما إذا كان مطلوبًا في المغرب، لينفوا الأمر مؤدين القسم له.

لكن، تردف المجلة، أن المعنيين بالأمر حبكوا مؤامرة لإسكوبار إفريقيا، عن طريق استدراجه للمغرب وإلقاء القبض عليه من قبل المكتب المركزي للتحقيقات القضائية (BCIJ)، بمجرد أن وطأت قدماه أرضية مطار محمد الخامس في الدار البيضاء، سنة 2019، بعدما كان (المالي) متأكدا أن السلطات المغربية ليس لديها أي دليل ملموس على نشاطاته التهريبية بالصحراء.

وعن تفاصيل الإطاحة به، كشفت “جون أفريك” أن المالي أكد أن الشرطة المغربية صادرت 40 طن من “الحشيش” في الجديدة في منطقة استراحة، بعدما تم نقل هذه الشحنة بواسطة شاحنات لشركة كانت في ملكية “المالي” ولكن باعها للبرلماني المذكور، إلا أن الأخير لم يغير وثائق تسجيل هذه الشاحنات التي كانت لا تزال تحت اسم “بارون المخدرات” الأمر الذي كان نقطة نهايته باعتقاله بسجن بالجديدة.

دخول النيابة العامة على الخط
ما أن بلغ إلى علم الجهات القضائية أقول البارون المالي الذي وجهه من خلالها تهما لمسؤولين ومنتخبين، حتى تم تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمهمة البحث في ما صدر من أقوال وادعاءات.

تكليف الفرقة الوطنية المتخصصة في البحث بهذا النوع من القضايا، ومنحها الوقت الكافي، يضمن التخصص المطلوب في هذه الجرائم الموسومة بالتعقيد، ويحقق كذلك النجاعة القضائية الكفيلة بإرساء مبادئ الإنصاف والعدالة الجنائية.

وبعد الانتهاء من البحث التمهيدي، الذي استغرق عدة أشهر، بسبب التدقيقات والافتحاصات المالية، والمواجهات والانتدابات التقنية، في قضية متشابكة تتعلق بالتزوير في محررات رسمية وعرفية، والمشاركة في الاتجار في المخدرات، ومنح وقبول رشاوي في إطار ممارسة الوظيفة، تم التقديم أمام النيابة العامة.

وما أن تم الانتهاء من استنطاق المشتبه فيهم، قرر الوكيل العام للملك إغلاق الحدود وسحب جوازات السفر في حق أربعة متهمين، وإخضاعهم للمراقبة القضائية، بينما التمس قرار الإيداع بالسجن في حق 21 متهما مع إحالتهم على قاضي التحقيق من أجل مباشرة إجراءات التحقيق الإعدادي.

كما طالبت النيابة العامة من قاضي التحقيق في ملتمس فتح التحقيق الإعدادي، البحث مع المتهمين من أجل أفعال التزوير في محرر رسمي والمشاركة في تزوير سجل ومباشرة عمل تحكمي، والإرشاء وتسهيل خروج أشخاص من التراب المغربي في إطار عصابة واتفاق، والمشاركة في مسك المخدرات، ونقلها وتصديرها، إخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة، التزوير في محررات رسمية وعرفية، استخدام مركبات ذات محرك.

بعد جلسات الاستنطاق الأولي، أصدر قاضي التحقيق قرار الإيداع بالسجن في حق المتهمين الذين تابعتهم النيابة العامة في حالة اعتقال، ومن بينهم عبد النبي بعيوي وشقيقه عبد الرحيم بعيوي، وسعيد الناصري وموظفي شرطة ودركيين ورجال أعمالخ.

الرسائل
تأتي هذه القضية في سياق قضايا مماثلة، عرفت تقديم واعتقال عدد من الشخصيات السياسية وأعضاء المنظمات الحزبية والموظفون في مؤسسات عمومية وأجهزة أمنية ورجال أعمال، مما يؤكد أن القانون يطبق على الجميع، ولا أحد فوق القانون، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو طبيعة وظيفتهم
كما أن تجميد حزب الأصالة والمعاصرة لعضوية عبد النبي بعيوي بمجرد انطلاق البحث التمهيدي في هذه القضية، هو تحول إيجابي في تعامل الهيئات السياسية مع أعضائها الذين تحوم حولهم شبهات الفساد المالي أو المتورطين في قضايا إجرامية.

فالمبادرة بتجميد عضوية الأعضاء المشتبه فيهم، يعطي مصداقية للحزب أو الهيئة السياسية أو النقابية، ويمنعها من التورط في “المقاومة المؤسسية” للقانون، ويجعلها في اتساق مع نظامها الأساسي ومع الدستور المغربي، وذلك بخلاف حزب سياسي كان يشهر دائما شعار “لن نسلمكم أخانا”، في تحد لسلطة القضاء، أو إحدى الجماعات المحظورة التي تبحث دائما عن مشجب لشرعنة الجرائم المنسوبة لأعضائها.

العبرة
العبر من هذه القضية والجدية التي تعاملت بها معها السلطات القضائية، تتجلى في التأكيد على إرادة الدولة الحقيقية في مكافحة جرائم الفساد المالي، وجرائم استغلال الصفة لارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي، وأن القانون يعلى ولا يعلى عليه، مهما كانت صفة الظالعين في خرقه، والمؤسسات المنتمون لها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
abdou
المعلق(ة)
22 ديسمبر 2023 19:32

نفس محتوى فيديو “التيحيني” فهل المقال يعود إليه مع العلم أنه غير موقع باسمه أم أن الأمر مجرد صدفة.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x