لماذا وإلى أين ؟

أردوغان وإسرائيل، قصة عشق لا تنتهي

نورالدين زاوش*

كثير من المتتبعين لا يفهمون طبيعة العلاقة الغرامية التي تجمع تركيا بإسرائيل، فالخطابات “الأردوغانية” العنترية “الدُّنْكِشُودية” منذ انطلاق طوفان الأقصى تكاد لا تتوقف، والوعد والوعيد ولغة التهديد بين البلدين سئم منها الجميع؛ لأنها بكل بساطة رعود بدون أمطار، وجعجعة بدون طحين؛ وإلا ماذا يعني أن تستمر تركيا في تزويد إسرائيل بالغاز في عز إبادتها للفلسطينيين وتهجيرهم من ديارهم وأراضيهم؟ وما قيمة الخطابات النارية في العلن إن كانت القضية تباع في السر؟
لقد أمضت الحركات الإسلامية في المغرب على بياض لخليفة المسلمين “أردوغان”، فمهما كانت مخزيةً طبيعة مواقفه، وكيفما كان غيرُ مقنعٍ نوع حركاته وسكناته إلا وتلقتها هذه الحركات الإسلامية بثغر مبتسم وصدر رحب، والسبب لا يخفى على أحد: إن هذه الحركات تنهل من نفس المعين الذي ينهل منه بطلنا المغوار، والذي تنتفخ أوداجه أمام الكاميرات؛ أما خلفها فلا تُحِس به ولا تسمع له رِكزا، كما أن هذه الحركات تشعر بأن نصره من نصرها، وهزيمته من هزيمتها؛ لذلك فهي تستميت في الدفاع عنه استماتتها في الدفاع عن نفسها؛ للمرجعية المشتركة التي يقتسمانها، وللمصير المشترك الذي ينتظر كلاهما.
إن هذه العلاقة الغرامية الشاذة التي تجمع حزب “العدالة والتنمية” المغربي على الخصوص بحزب “أردوغان”، تتضح جليا في اقتسامهما نفس الاسم ونفس الشعار وكذلك نفس المنهج، والمتمثل في كونهما ظاهرة صوتية تعتمد على دغدغة المشاعر الطيبة والتلاعب بالعواطف الجياشة، من منطلق أن هذه المشاعر هي وقود السياسة، لعنها الله، وهي الركيزة الأساسية للظفر بغزوة الصناديق المقدسة.
إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد التركي، ومعدل التنمية الذي اعتُبر ثاني أعلى نمو اقتصادي بين دول منظمة التعاون الاقتصادي، وكذا ارتفاع متوسط الدخل للمواطن التركي الذي بلغ أكثر من عشرة آلاف دولار للفرد؛ قد يفسر إعادة انتخاب “أردوغان” لقيادة تركيا؛ رغم أرقام معاملاته الفلكية في مجال التجارة والصناعة والتعاون الأمني والعسكري مع إسرائيل؛ ورغم أنه الزعيم “الإسلامي” الوحيد الذي زار قبر “تيودور هرتزل” مخترع الصهيونية ومؤسس دولة إسرائيل، ووضع عليه إكليلا من الزهور بمعية السفاح “شارون”؛ لأنه في نهاية المطاف، تبقى العلاقات الخارجية من اختصاص الجهة الحاكمة التي ، من جهة، تعرف حقيقة الصراع وخبايا الأمور، ومن جهة أخرى، تملك قدرا كافيا من التعقل والحكمة؛ الأمر الذي تستوعبه جيدا الحركات الإسلامية المغربية، على اختلاف مشاربها ومناهجها، حينما يتعلق ببلد “أردوغان”، لكنها لا تستسيغه حينما يتعلق ببلدها الحبيب، والأكثر من هذا، أنها تُهَيِّج الجماهير بلا وازع ديني أو أخلاقي، كل ذلك فقط، من أجل الفوز في مضمار السياسة، لعنها الله.

*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
متتبع
المعلق(ة)
7 يناير 2024 11:41

اعتقد ان اغلب المغاربة يتقاسمون نفس القناعة والرأي مع هذا المقال .المغاربة يعرفون اردوكان وحزب البيجيدي المغربي ولاينكر ما حاء في هذا المقال الا منافق وكذاب لان كل شيء واضح .

Dghoghi
المعلق(ة)
7 يناير 2024 11:12

تجار الدين اعمت بصيرة البشر المغربي.. شعب محافظ على التخلف والجهل.. وتم جره الى التطرف والتزمت ..

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x