لماذا وإلى أين ؟

“البام”.. الحزب الذي ينبذ أمناءه العامين

يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة هو التنظيم الحزبي الوحيد في المغرب الذي ينبذ رؤساءه وقياديه، حيث لا تكاد ولاية أمين عام داخل هذا الحزب تنتهي حتى يختفي من الحياة الحزبية والسياسية؛ وكأنه لم يكن، بل حتى القيادة الجديدة التي تأتي بعده تتنكر له ولما قدمه للحزب، ليستمر نهج هذا الحزب بمبدأ “كل ما جاءت قيادة لعنت أختها السابقة”.

قد يرى البعض أن تغيير أمناء “البام” بعد ولاية وحيدة كانت من أجل التغيير ودليل على عدم وجود أزمة قادة داخل الحزب، لكن في المقابل يؤشر ذلك على عدم الاستقرار وأن الحزب لا يعلم أين يتجه، والغريب في “البام” أن أي أمين عام أنهى ولايته يتم إسقاطه ثم التنكر له قبل أن “يموت” سياسيا، ما يجعل من حزب “الجرار” هيئة حزبية تنبذ قيادتها.

الإعدام السياسي لبنعدي 

حسن بنعدي؛ الأمين العام المؤسس لحزب الأصالة والمعاصرة، بالرغم من أن فترته شهدت انتشار الحزب على الصعيد الوطني بشكل سريع وحقق نتائج مبهرة خلال انتخابات 2009، إلا أن ذلك لم يشفع له للإستمرار في قيادة “الجرار” الذي أسقط منه في أول مؤتمر للحزب بعد المؤتمر التأسيسي.

فبالرغم من حصول بنعدي على منصب رئيس “برلمان” البام بعد المؤتمر الأول للحزب، إلا أن ذلك شكل بداية لنهايته السياسية بشكل بطيء، خاصة بعدما دخل في صراع مع إلياس العامري، واتهمه بتلقي مبلغ 40 ألف درهم في رئاسة أكاديمية “البام”، وبتشغيل قريبة له بمبلغ 15 ألف درهم، ما تسبب في تلطيخ سمعة بنعدي داخل “البام”، قبل أن يقرر اعتزال السياسة، فيما يشبع الإعدام السياسي.

الشيخ المختفي وسط اللغو السياسي

خلق حزب الأصالة والمعاصرة لنفسه تميزا في مؤتمره الأول، حين راهن على واحد من أبناء الصحراء المغربية لقيادة دفة الحزب، وهو محمد الشيخ بيد الله، الذي تسلم مفاتيح تشغيل “الجرار” من بنعدي، ليواصل الدفاع عن مشروعية تأسيس هيئة حزبية كانت مرفوضة من تيارات حزبية عدة وكانت تسمى بـ”الوافد الجديد”.

فترة الشيخ بيد الله، طبعها الصراع مع الفرقاء الحزبيين الذين لا يريدون الاعتراف بالأصالة والمعاصرة حزبا عادية يمارس أنشطته كباقي الأحزاب، قبل أن تأتي حركة 20 فبراير التي كانت قريبة من وضع حد لتواجد حزب “الجرار” في الحياة الحزبية المغربية، بعدما طالبت بحله، وفي خضم كل هذا الصراع اختفى الشيخ بيد الله عن القيادة وعاد إلى خلف الأضواء حتى نسي.

الباكوري.. من محاولة الإصلاح إلى الفضيحة

راهن “البام” على مصطفى الباكوري لقيادة “الجرار” وسط رياح التغيير التي جاءت مع ما سمي بـ”الربيع العربي”، حيث استبدل الشيخ بيد الله بالباكوري أملا في البقاء على قيد الحياة الحزبية بعد مطالب حل الحزب من طرف حركة 20 فبراير، إلا أنه سرعان ما دخل في صراعات داخلية مع تيار إلياس العماري انتهت بمغادرته للحزب.

بعدما أسقط الباكوري من قيادة “الجرار” مكرها، سقط في فضيحة “الوكالة المغربية للطاقة المستدامة “مازن” حيث جرت خروقاته التدبيرية توبيخا وغضبة ملكية.

سقوط مدوي للعماري بضربة قاضية من الزفزافي

قاد إلياس العماري حزب الأصالة والمعاصرة في مرحلة يطبعها “الخطاب الشعبوي”؛ خاصة مع تواجد عبد الإله بنكيران وحميد شباط وإدريس لشكر على رأس هيئاتهم الحزبية، وحينها اتهم بتمويل حزبه بالمخدرات من طرف بعض الفاعلين السياسيين؛ من بينهم رئيس الحكومة الأسبق؛ بنكيران.

إلا أن نهاية العماري على رأس حزب “البام” لم تكن طبيعية، فمن الحلم بترؤس حكومة المغاربة إلى السقطة المدوية بالضربة القاضية التي وجهها له حراك الريف بقيادة ناصر الزفزافي.

فبعد الأحداث التي عرفتها منطقة الحسيمة والنواحي، والمعروفة بـ”حراك الريف” وخطاب الملك الذي تناول فيه “الأحزاب ذات الممثلين الغائبين” و”الذين لا يؤدون مهامهم” خصوصا في ما يخص إدارة الأزمة اضطر العماري إلى الخروج من نافذة حزب الجرار باستقالة بطعم الطرد.

بنشماش “قسم” الحزب وانهى مساره

جاء حكيم بنشماش ليعوض إلياس العماري في قيادة “التراكتور”،  إلا أنه لقي معارضة بقيادة عبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصري، ليدخل الحزب في صراعات داخلية يقودها مت سمي بـ”تيار الشرعية” بزعامة بنشمامش ، و”تيار المستقبل” بزاعمة وهبي والمنصوري.

بناء على ما سبق، لم يكن مصير بنشماش على رأس قيادة “البام” مختلفا عمن سبقوه إليها، بل حتى هو أسقط مكرها واتهم بتقسيم الحزب إلى تيارات خدمة لمصالح ذاتية للبقاء في قيادة الحزب.

المخدرات و”اللسان السليط” تسقط وهبي

بعد بنشماش؛ جاء وهبي ليقود “الجرار” سنة 2020، وأطلق وعودا وردية قبيل انتخابات 2021 مكنت حزبه من الوصول ثانيا في سباق الإقتراع، قبل أن ينقلب، ويطلق “لسانه السليط” على كل فئات المجتمع من محامين وطلبة وأساتذة وغيرهم، لتأتي فضيحة إسكوبار الصحراء” وتنهي مسار وهبي في قيادة “البام”.

مؤشرات كثيرة قبل المؤتمر الأخير كانت تؤكد أن وهبي لن يستمر في قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، نظرا للصراعات التي أدخل فيها الحزب بسبب خرجاته الإعلامية وبيبب المسؤولية الأخلاقية التي يتحملها في ما يعرف بفضيحة “إسكوبار”، وينتظر أن تكون نهاية قيادة وهبي للبام بداية لنهايته السياسية؛ شأنه شأن الأمناء السابقين.

حزب يأكل أبناءه

من خلال الجرد المقدم أعلاه، يتبين أن حزب الأصالة والمعاصرة ما يزال يبحث عن هويته المفقودة؛ وفي كل مرة يراهن على شخص أو تيار معين، إلا أنه يفشل في كل مرة، ويظهر أن حزب “الجرار” يعاني من عدم الإستقرار وأنه حزب يأكل قادته، ويحكم عليهم بالموت السياسي.

الغريب في ما سبق، هو أن حزب “البام” هو آخر حزب سياسي أسس بالمغرب، ورغم ذلك تتساقط قياداته تباعا، ولم يستطع الحفاظ على لحمته منذ التأسيس، حيث في كل محطة يغير جلده ويتنكر لماضيه وينبذ قياداته ويطلق وعودا للإصلاحات الداخلية التنظيمية والنجاحات السياسية؛ قبل أن يصطدم من جديد بفضيحة جديدة. فهل يمكن الاطمئنان لمثل هكذا حزب ؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
16 فبراير 2024 16:16

يجب فوسخة منصب الامين العام، أو تبركته برقية شرعية.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x