لماذا وإلى أين ؟

ماذا يعني تحديد “الميزان” شهرا واحدا فقط لعمل لجنة مؤتمره التحضيرية؟

حدد حزب “الاستقلال”، خلال اجتماع لجنه التنفيذية موعد عقد مؤتمره الثامن عشر.

وحسب بلاغ صادر عن اجتماع للجنة التنفيذية لـ”الميزان”، فقد، فقد دعت هذه الأخيرة إلى عقد المؤتمر الثامن عشر للحزب في أجل لا يتجاوز نهاية شهر أبريل 2024، والعمل على أجرأة هذا الاتفاق وفق المساطر والمقتضيات القانونية الواردة في النظام الأساسي للحزب، وخاصة الفصل 92 منه.

كما دعت اللجنة نفسها إلى عقد دورة المجلس الوطني للحزب يوم السبت 2 مارس 2024 ، من أجل انتخاب اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن عشر، وتشكيل مكتبها وجميع اللجان المتفرعة عنها في أول اجتماع لها وفق ما تنص عليه قوانين الحزب.

والملاحظ حسب ما صرح به حزب الاستقلال في بلاغ مكتبه التنفيذي، هو أن مدة شهر واحد هي الفاصلة بين تشكيل اللجنة التحضيرية، وبين عقد المؤتمر الوطني، وهي مدة تثير العديد من التساؤلات والاستغراب.

فكما هو معروف، المؤتمرات الوطنية هي أعلى هيئة تقريرية “سامية” في الحزب لاتخاذ القرار، وتنعقد مرة كل 5 أو 4 سنوات حسب النظام الداخلي للحزب، وتتجلى وظيفتها أساسا في تحديد برامج الحزب وتوجهاته خلال الفترة المُقبلة وتقييم أداءه في الفترة السابقة، وفي تدقيق وتطوير مرجعياته الايديولوجية ومواقفه السياسية من كل القضايا الوطنية والدولية المطروحة، وفي تجديد قيادة الحزب والتصويت عليها، وأخيرا في التصويت على مجمل القوانين والأنظمة الداخلية للهيئة السياسية المذكورة وكيفية عمل كل لجانها وفرعها وهياكلها.

كما يُعتبر المؤتمر الوطني من اللحظات الديمقراطية النادرة التي يشارك فيها الجميع في تشكيل توجهات الحزب، حيث أنه الآلية الوحيدة التي تسمح لكل أعضاء الحزب كيف ما كانت مسؤولياتهم ومواقعهم داخل الحزب في التقرير والاقتراح والمشاركة في تحديد توجهات الحزب الرئيسية، حيث بعد المؤتمر تصبح هذه القضايا حصرا على الأجهزة التنفيذية والتقريرية المُنبثقة عن المؤتمر.

وحتى تكون المؤتمرات الوطنية بهذا الشكل المطروح، عادة ما يتم تشكيل لجانها التحضيرية، سنة أو ونصف السنة قبل تاريخ المؤتمر، ولا يتم تحديد التاريخ النهائي للمؤتمر حتى تكون اللجنة التحضيرية له أنهت تقريبا كل أشغالها، وهيئت الوثائق السياسية والبرامجية والإديولوجية، لتأتي بعدها مرحلة دراسة كل فروع الحزب المذكور بكل مناضليه لمشاريع الأوراق والوثائق التي أنجزتها اللجنة التحضيرية، قصد إشراك الجميع في بلورتها ومناقشتها وتطويرها، ثم بعدها تُصبح الأوراق جاهزة بعد إدخال ملاحظات الفروع عليها، لتطرح على المؤتمر الوطني في صيغة مشاريع قصد المصادقة النهائية وتُصبح ملزمة للحزب بعد نجاح مؤتمره.

فأين هو حزب الاستقلال من كل هذا المسار الديمقراطي في التهييئ الجيد والقبلي للمؤتمرات الوطنية، خاصة وأننا نتحدث عن حزب وطني قدم أروع الملامح والبطولات ضد الاستعمار الفرنسي عبر تشكيله الأنوية الرئيسية للحركة الوطنية وللمقاومة المسلحة وجيش التحرير، ومن أقدم الأحزاب الوطنية المغربية، ومن قلبه تشكلت عشرات الأحزاب المؤثثة للمشهد الحزبي المغربي الراهن أبرزها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

وإضافة إلى المرجعية التاريخية والرمزية، فإننا نتحدث أيضا عن أحد الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي بقيادة التجمع الوطني للأحرار، ومنه استنادا للمرجعية التاريخية الرمزية، وللمسؤولية الحكومية لـ “الاستقلال”، فإنه يتعين عليه وقبل غيره من كل الأحزاب أن يكون مثالا يُحتدي به وقُدوة في طريق البناء الديمقراطي المتين للمؤتمرات الوطنية، لا مثالا في كيفية تدبير التناقضات الداخلية بين القيادة على حساب الديمقراطية الحزبية الداخلية.

إن الطريقة التي رسمها “الميزان” لمؤتمره الوطني عن طريق تحديد مدة اشتغال اللجنة التحضرية في شهر واحد فقط، توحي بصورة حصرية أن هذا المؤتمر لن تكون له سوى وظيفة تقنية إجرائية بحثة، وهي تجديد القيادة وفقط حتى يكون في انسجام تام مع القانون التنظيمي للأحزاب بعد التهديدات التي طالته في هذا الصدد، دون فتح المجال لأعضاء الحزب في تقييم مسار حزبهم في المرحلة السابقة وطريقة أداءه السياسي والحكومي، ودون السماح للجموع الغفيرة الاستقلالية في رسم معالم المرحلة المُسبقة للحزب، وهي طريقة غير مرغوب فيها من المنطق الديمقراطي الحزبي، ومن الفكرة القائمة على استحالة وجود أي ديمقراطية أو عمل حزبي ناجع بالمغرب دون تحقيق الديمقراطية الحزبية الداخلية كما هي مُتعارف عليها، والتي تبتدئ أساسا من احترام أسس عمل اللجان التحضيرية للمؤتمر.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x