لماذا وإلى أين ؟

ليلى الشافعي.. نسوية أسقطتها رسائل معتقل سياسي في الحب (1)

معتقلات بلا أحكام..، سلسلة سيتم تسليط الضوء من خلالها على الظروف التي عايشتها عائلات المعتقلين في فترة ما سمي بـ “سنوات الرصاص” التي شهدها المغرب، وهي سلسلة تهدف لإبراز فكرة بأن وراء كل معتقل في تلك الفترة امرأة كافحت وضحت، رغم كل الظروف الصعبة، وعايشت تطورات الاعتقال لحظة بلحظة، امرأة توقفت حياتها هي الأخرى طيلة فترة الحكم، كأن سنوات الحكم طالتها هي أيضا مع فارق أنها خارج السجن وليس داخله، وبلا حكم.

وسيتم في هذه الحلقة تسليط الضوء على ما عاشته ليلى الشافعي رفيقة المعتقل السياسي السابق آنذاك الأديب والروائي عبد القادر الشاوي

– كيف تعرفت على عبد القادر الشاوي؟

تعرفت على عبد القادر الشاوي من داخل السجن لما كان معتقلا سنة 1982، كنت حينا طالبة بشعبة علم الاجتماع بكلية الأداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وفي نفس الوقت أشتغل بجريدة “الرأي” كمصححة، وكنت كذلك مناضلة نشيطة بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ سنة 1980، وأسست رفقة عدد من المناضلات لجنة المرأة التي استمرت بالاشتغال لحدود سنة 1983، بعدما منعت السلطة تنظيم مؤتمر الجمعية وباتت الأخيرة خارج القانون، كما كنت كذلك ناشطة أيضا ضمن تيار الطلبة القاعديين.

انتمائي للجمعية وللتيار الطلابي القاعدي كانا سببين في زيارتي السجن المركزي القنيطرة ولقاء المعتقلين السياسيين، وكانت أم المعتقل حسن السملالي هي من مكنني من الزيارات، فكما هو معروف، الزيارات مسموحة للعائلات فقط، وأم المعتقل المذكورة أخبرت الحراس أنني من عائلة ابنها وهكذا تمكنت من ذلك.

كنت أتردد على السجن كل شهر أو شهرين وأناقش مع المعتقلين السياسيين قضايا حقوقية وسياسية، لم أكن حينها ألاقي عبد القادر ولا أعرفه، والكاتبة اللبنانية هاديا سعيد طلبت مني تسليم عبد القادر نسخة من مجموعاتها القصصية حتى يطلع عليها، وهناك تعرفت عليه، وصُدمت عندها كون عبد القادر يعرفني ويقرأ بعض مقالاتي.

قبل رؤيتي لعبد القادر الشاوي أول مرة، تبادر لي أنه رجل كبير في العمر ويتمشى بصعوبة، فإذا أتفاجأ به شابا في مقتبل العمر أمامي، مليئا بروح الدعابة، ما حطم كل تمثلات ذهني عن الشاوي في ثواني.

– كيف كانت تتم الزيارات للسجن؟

في وقت معرفتي بعبد القادر الشاوي كانت أحوال الزيارات نسبيا تحسنت، بعد معارك مريرة خاضها المعتقلين السياسيين من جهة وعائلاتهم من جهة أخرى، بالتالي لم تكن سيئة كثيرا في وقتي، بل أن المعتقلين السياسيين بسجن القنطيرة كانوا يمتلكون كتبا نادرة جدا غير متوفرة في مكتبات المغرب، ومع ذلك كانت هناك مضايقات من قبل حراس السجن، كما كنت أتعرض بعض الأحيان لمضايقات في طريقي للسجن، ففي تلك الفترة كن طالبة ولا أملك ثمن التنقل من الرباط لمكان السجن بالقنطيرة، ما دفعني مرات عديدة لطلب “الأوطو سطوب” وكنت اتعرض أحيانا لمضاقات وتحرشات جنسية بسببه.

ومن المضايقا كذلك، أذكر مرة أن عبد القادر الشاوي طلب مني إحضار “قيتار” له في الزيارة المُقبلة، فلما أحضرته له أصر الحارس على بحث ما فيه رغم أن شكله الخارجي ظاهر للعيان ما جعلني أدخل في نوبة غضب.

– من غير الزيارات كيف كنت تتواصلين معه؟

بالإضافة للزيارات كانت الرسائل المتبادلة بيننا الوسيلة الرئيسية للتواصل والتعبير عن المشاعر، فهي في الأصل كانت السبب في سقوطي حبا فيه، لما راسلني أول مرة بعدما سلمته المجموعة القصصية التي حدثك عنها، كانت رسائله مُتقنة ومليئة بالمعاني والأحاسيس، وبعبارة أدق كانت كل رسالة منه تعزف على أوتار قلبي.

ويمكن القول أني كنت أكتب رسالة مقابل كل ثلاثة رسائل تأتيني من عبد القادر، وبقيت على ذلك الوضع لما يزيد عن سنة تقريبا، وسأتحدث بكل صراحة أن الوضع لم يعد يُعجبني فأنا كنت بحاجة لإشباع جسدي بالحب والجنس، وقد حدثت عبد القادر مرارا في ذلك، وكان هذا هو الموضوع الرئيسي لزياراتي الخمس له المتتالية، وموضوع بعض الرسائل، وسأتطرق بالتفاصيل للموضوع فيما بعد.

– هل تعرضت لمضايقات معينة أثناء انخراطك في حركة العائلات؟

بعد نهاية الدراسة الجامعية وحظر أنشطة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحظر نشاط المنظمات السياسية التقدمية ونشاط الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، توجهنا لتأسيس والانخراط في جمعيات الاحياء الشعبية، وهكذا أسست رفقة بعض الرفيقات نادي نسائي خاص بمحاربة الامية وتقديم الدعم الاجتماعي بدار الشباب بالرباط بمساعدة مناضل في الاتحاد الاشتراكي او التقدم والاشتراكية لم اذكر جيدا، وضم بعد تأسيسه حوالي 300 مئة امرأة، وكان النادي تحت المراقبة الدقيقة للسلطة.

مرة تعرضت لتعذيب عنيف جدا وربما نفس التعذيب الممارس في درب مولاي الشريف، كان ذلك عندما كنت ناشطة ضمن عائلة المعتقلين السياسيين، وخاصة في تجربتها الثانية التي تأسست أواسط الثمانينات، رفقة لوسيل ونجية زوجة عبد الله الحريف آنذاك وباقي العائلات، ففي سنة 1886، أُعلن رسميا عن زيارة لـ “باب” المسيحيين للمغرب المسمى “جون بول 2″، وقررنا على هامش الزيارة تنظيم اعتصامين، الأول بوازرة العدل بالرباط والثاني بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وتسرب حينها الخبر بمجرد الشروع في إعداد بلاغ الخطوة، وبحثوا الشرطة عني حينها..

يُتبع..

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x