لماذا وإلى أين ؟

فاطمة العمري.. زوجة بوكرين التي أفقدها الاعتقال كل أفراد الأسرة

معتقلات بلا أحكام..، سلسلة سيتم تسليط الضوء من خلالها على الظروف التي عايشتها عائلات المعتقلين في فترة ما سمي بـ “سنوات الرصاص” التي شهدها المغرب، وهي سلسلة تهدف لإبراز فكرة بأن وراء كل معتقل في تلك الفترة امرأة كافحت وضحت، رغم كل الظروف الصعبة، وعايشت تطورات الاعتقال لحظة بلحظة، امرأة توقفت حياتها هي الأخرى طيلة فترة الحكم، كأن سنوات الحكم طالتها هي أيضا مع فارق أنها خارج السجن وليس داخله، وبلا حكم.

وسيتم في هذه الحلقة تسليط الضوء على ما عاشته فاطمة العمري زوجة المعتقل السياسي السباق الراحل محمد بوكرين الناشط في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الاشتراكي وحزب الطليعة الديمقراطي، والذي اعتقل عدة مرات إبان فترة “سنوات الرصاص” .

– كيف تعرفت على زوجك محمد بوكرين؟

تعرفت على بوكرين بعد خروجه من السجن سنة 1967 بعد قضاء سبع سنوات داخله على خلفية أحداث انتفاضة 1960، والتي كان مشاركا فيها بصفته كاتبا إقليميا للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الحزب الحاضن لتلك الانتفاضة.

فبوكرين لم يجد ملاذا بعد إطلاق سراحه بعدما فقد وظيفته سوى لجوئه لدى صديقه ووالدي مصطفى العمري، وفي تلك المرحلة تعرفت عليه وقبلت الارتباط بزوج يكبرني بحوالي 18 سنة، بدون مهمة، وممنوع من شغل الوظائف الحكومية، ومطارد على الدوام، عندها أقمنا حفل زفاف بسيط صيف سنة 1968 ببني ملال، بحضور عدد قليل من الضيوف، وبأقل ضجة ممكنة نظرا للظرفية آنذاك المتسمة بتبعات النكبة الفلسطينية والهزيمة التاريخية.

بعد خروج محمد بوكرين من معتقله التحق بمعمل السكر بسوق السبت بعدما فقد عمله السابق مدرسا، وكان التحاقه بمعامل السكر بداية أخرى من فصول نضاله، إذ ساهم في تأسيس العمل النقابي في ذلك المعمل في إطار الاتحاد المغربي للشغل.

– كيف استقبلت خبر اعتقال زوجك مرة أخرة؟

في اليوم الموالي لحفل الزفاف، شرع بوكرين رحمه الله في عمله النضالي، وقد أصر على دعم المناضلين المتمردين آنذاك، وحول بيته إلى مأوى للفارين من قوات الشرطة، وتفل بالإنفاق على رفاقه المبحوث عنه دون اكتراث للتحذيرات التي وجهتها له.

ولن أبالغ إن قلت أن بوكرين تحول إلى صاحب وكالة للهجرة السرية نحو الجزائر التي كانت ملجأ المناضلين آنذاك، إلى أن أتت انتفاضة مولاي بوعزة 1973 التي قادها بنونة وعمر دهكون والتي اعتقل فيها زوجي ووالدي وأخي، مباشرة بعد الهجوم على سرية للدرك الملكي في مولاي بوعزة إقليم خنيفرة.

اعتقل زوجي يومين فقط بعد فرحتي بمولودي الثالث، وكنت في مرحلة نفاس، وحين علم الناس باعتقال زوجي امتنعوا عن زيارة بيتي الذي أصبح مطوقا، واقتحمت الشرطة المنزل، لقد بتنا ليلة عصيبة احتل فيها رجال الشرطة والجيش البيت، وخضعت لاستنطاق رهيب مصحوب بإهانات كثيرة قاسية، وكان من سخرية القدر إشراف أحد رفاق بوكرين أثناء دراسته على التحقيق معي.

– كيف تدبرت مصاريف العيش في ظل اعتقال بوكرين ووالدك؟

لم يكن لي أي مورد رزق في لحظة اعتقال زوجي ووالدي، فقررت الشروع في ممارسة مهنة الخياطة التقليدية، وكان عمي يتطوع لبيع منتجاتي وكانت الأرباح على العموم كافية لإعالة عائلتين وتسديد تكاليف دراسة إخواني ورعاية أبنائي الصغار، وكان كل الهدف حينها الحرص على توفير لقمة العيش وسط معاناة فراق الزوج والأب.

كانت لحظات رعب وخوف شديد، ففي الأشهر الأولى للاعتقال لم يكن لنا أي علم بمصير أبي وزوجي، وإن كانا على قيد الحياة أم أعدما مع من تم إعدامهم آنذاك في سنوات الرصاص.

وفي تلك الفترة والمعاناة والرعب، فقدت ابني البكر في حادثة سير مروعة، حين كان ذاهبا للمدرسة، فكانت فاجعة انضافت إلى فواجع أخرى..

يتبع..

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ملاجظ
المعلق(ة)
30 مارس 2024 11:06

بوكرين او “سي موح” كما كان يناديه اصدقاءه المقربون كان مدرسة للنضال والتحمل…ذاق كل انواع التعذيب الجسدي وانفسي…لم يكل او يمل بل بقي صامدة بقناعته التي لا يشوبها ادنى شك بل تمت مساوته بمناصب ووظائف خيالية..سمي ب” معتقل الملوك الثلاث”بسبب اعتقال ايام الملوك محمد الحامس والحسن التاني ومحمد السادس..كان يمثل تالوتا مع اصدقائه في النضال (بوكرين محمد ومنير عمر ومحمد براضي) وكلما اعتقل احدهم فاعلم ان الاخرين في نفس الحالة…رحم الله محمد بوكرين ومنير وبراضي وجميع من ضحوا من اجل كرامة الوطن والمواطن ..

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x