لماذا وإلى أين ؟

الخو: أنا في ورطة..والكاريكاتور يعاني النكران والتهميش داخل الصحافة (حوار)

هو واحد من بين فنانين آخرين اختاروا التعبير عن خوالجهم وهموم المجتمع عبر الريشة أو القلم، حيث أن لوحة كاريكاتورية واحدة، تستطيع إيصال العديد من الرسائل، غير أن أغلب هؤلاء المبدعين طالهم النسيان، كما فضل عدد منهم الإشتغال في الظل، إذ يقتصر ظهورهم على التوقيع الذي يُرفقونه أسفل اللوحة الفنية الكاريكاتيرية.

ولتسليط الضوء أكثر على هذه الفئة، تستضيف “آشكاين”، الفنان الكاريكاتيرست محمد الخو للحدث حول الموضوع ضمن فقرة “ضيف الأحد”.

– أنت كواحد من رسامي الكاريكاتور، كيف ترى وضعية هذه الفئة في المغرب؟

قدر الكاريكاتيرست في العالم بأسره أن تكون وضعيته المهنية على المحك و غير مستقرة ، و أنه لا ضمانات يملكها تجعله يمارس التعبير بأريحية مطلقة و هو يرسم ، لأن الكاريكاتير بالضرورة هو فن الفضح و الرفض و الاحتجاج و التمرد … إلا أن وضعية الكاريكاتيريست تختلف من بلد لآخر حسب المساحة التي استطاع أن يحررها لنفسه بالنضال و المقاومة .. في المغرب ما يزال هذا الفن يعاني داخل الصحافة بجعل صفته ثانوية، بل و كثرا ما يواجه شبح النكران و التهميش .. أقول لك بان الكاريكاتير لحد الآن لا يعتبر في صحافتنا جنسا صحفيا، و هو فقط موجود للتزيين و التأثيث … كما لا ينظر إلى الرسام الصحافي عندنا على أنه فنان يشترط إيقاعا خاصا ، بل يجد نفسه يشتغل كالمحرر الصحافي !
كما أشير إلى أنه لم تخصص بعد للكاريكاتير المغربي جائزة وطنية ضمن الجوائز التي تمنحها الوزارة الوصية سنويا لكل أجناس الصحافة !! و نحن رسامي الكاريكاتير المغاربة نناضل بأشكال مختلفة من أجل انتزاع هذا الحق، كما نشتغل بجدية كبيرة على تكريس هذه الثقافة و هذا الفن الذي بدأ ينتعش في بلدنا بفضل الفايسبوك !!!

– نلاحظ نُدرة كبيرة في عدد فناني ورسامي الكاريكاتور في المغرب، هل هذا راجع للموهبة القليلة أم لضعف التكوين في هذا المجال؟

إن الندرة الملحوظة في عدد ممارسي هذا الفن في المغرب ، في اعتقادي تتعدد أسبابها ! و منها ما يرجع إلى الأوضاع نفسها التي أشرت إليها في جوابي على السؤال الأول ، أوضاع من الأساس لا تشجع على اقتحام المجال و خوض غمار الرسم الصحفي في الجرائد، كما أن التهميش الذي يطال فن الكاريكاتير و كيف ينظر إليه حتى من طرف جزء مهم من العامة على أنه فن منحرف بمنطق ألا نسخر مهما كان و من أي كان !!! و كذلك المضايقات المهنية تدفع بالكثير من الرسامين للهجران و أحيانا كثيرة إلى الانقطاع بصفة نهائية عن الممارسة ! لكن اليوم نقر بأن لائحة رسامي الكاريكاتير بالمغرب بدات تتسع و بدأنا نكتشف مواهب شابة جديدة من الجنسين ، و الفضل يعود إلى المحاولات الجادة التي نقودها من أجل التعريف بهذا الفن من خلال برامج و أنشطة و تكوينات عديدة على مدار السنة ، أهمها الملتقى الوطني لفن الكاريكاتير و الإعلام بشفشاون الذي ذاع صيته الحسن و أضحى من أهم المناسبات الثقافية في البلد !!

– اللقاءات والمهرجانات والورشات الخاصة بفن الكاريكاتور نكاد لا نراها في المغرب، ما السبب في ذلك؟

نحن اليوم لا نفتقد تماما إلى مناسبات تحتفي بالكاريكاتير ! بل بالعكس نحن نفتخر كثيرا بملتقى شفشاون للكاريكاتير الذي يحتضن هذا الفن بأشكاله و تنوعاته و يؤطر للقاءات و نقاشات و أيضا دراسات ، و أيضا نحن مجموعة من الرسامين نؤطر ورشات في الرسم الصحفي و في البورتريه كاريكاتير في مدن مختلفة لفائدة الاطفال و الشباب … هذه السنة قمنا و بعد محاولات عديدة باءت بالفشل بتأسيس الجمعية المغربية لرسامي الكاريكاتير و التي جمعت شمل ممتهني و ممارسي و عشاق هذا الفن في المغرب ، الجمعية الآن تعقد شراكات جد مهمة و تسطر لبرامج حافلة ، سنشرع في تفعيلها مع انطلاق الموسم الثقافي لهذ السنة ..

– في علاقة الكاريكاتور بالأحداث الإجتماعية والسياسية والاقتصادية، هل يستطيع هذا الفن تغيير شيء ما عبد إبداعات الرسامين؟

الكاريكاتيريست يستمد ويستلهم مواضيع اشتغاله أساسا من الأحداث التي لها علاقة بالشأن السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي ! لأن هذا الفن يوجد فقط لمؤازرة الهامش و الدفاع عنه و الإسهام في التوعية و التثقيف و يؤجج النقاش و يطرح الأسئلة المحرجة .. إنه لسان المضطهد و المظلوم ..
إن الكاريكاتير يدخل في علاقة جدلية بينه و بين هموم المجتمع فيها من التأثير و التأثر ما يجعله يساهم بشكل كبير في التغيير … إن الكاريكاتيريست شهيد التغيير !!

– أغلب الفنانين إن لم نقل كلهم يربطون موهبتهم بالصحافة، أي أن الكاريكاتيريست يشغل في مقاولة صحفية لتوفير قوته اليومي، أليس هناك مجال آخر غير الصحافة لتوفير المال؟

إن الكاريكاتير هو فن تشكيلي ! الفن الوحيد الذي يشتغل في الصحافة .. و لحدود الساعة ما يزال الكاريكاتيريست المغربي بالرغم من كل ما يعانيه داخلها فهو يعتقد فقط في الصحافة و لا يرى نفسه في مساحة أخرى غيرها … و عليه الآن أن يجتهد بالشكل المطلوب و يفكر في تصدير موهبته إلى مجالات أخرى هي في أمس الحاجة إليه .. يكفيه أن يمتلك قناعة بأنه فنان فيشرع في التفكير في مشاريع من قبيل إقامة و إنشاء معارض و الرسم للمقررات المدرسية و إصدار كتب … هكذا يؤسس لوضعية جديدة و ينتزع بريقا !

– هل تأثر الكاريكاتور في المغرب بما يسمى “النكسة الحقوقية”، بحيث أن الطابوهات والخطوط الحمراء باتت شبه منعدمة في إبداع الكاريكاتيرست المغربي؟

نعم من الطبيعي أن يكون الكاريكاتير من أول المتأثرين من أي نكسة حقوقية قد يعرفها المشهد ! لكن حسب اعتقادي فإن الكاريكاتير الحقيقي على عكس المتوقع فهو لا ينتعش إلا في عز الأزمات التي لا تزيد إلا من فاعليته و يتألق عندما يكون تحت الضغط و محاصر ! أحيانا كثيرا أجدني أتخيل و افترض لو ينال الكاريكاتير هامش حرية مطلقة ثم أتساءل في قرارة نفسي كيف سيكون طعم العمل الكاريكاتيري ؟؟ و أنا في الخيال الفسيح أستطيع أن أتخيل كل هذا لبعض الوقت ثم أعود للواقع الضيق !

– كلمة أخيرة؟

لو طلبت مني إجابة مرسومة لكنت موفقا، لكن على العموم، كلمتي الأخيرة، هي:” أنا رسام كاريكاتير هذا معناه أنني في ورطة جميلة !”

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x