2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ماذا تبقى لوزارة الصحة بعد إحداث هيئات صحية مستقلة؟ .. حمضي يجيب

صادق المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس يوم السبت المنصرم، على مشروع قانون تنظيمي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، يهدف إلى إضافة عدد من المؤسسات إلى لائحة المؤسسات العمومية الاستراتيجية التي يتم التداول في شأن تعيين المسؤولين عنها في المجلس الوزاري.
ومن المؤسسات التي ستنضاف إلى قائمة المؤسسات العمومية الاستراتيجية التي يتم التداول في شأنها في المجلس الوزاري، الهيئة العليا للصحة، المجموعات الصحية الترابية، الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية والوكالة المغربية للدم ومشتقاته. وهو ما يطرح الأسئلة حول الأدوار التي ستلعبها وزارة الصحة والحماية الإجتماعية مستقبلا بعد إحداث هذه المؤسسات وتعيين رؤسائها والشروع في تنزيل اختصاصاتها.
الباحث في السياسات الصحية ونائب رئيس الفيدرالية الوطنية للصحة؛ الدكتور الطيب حمضي، يرى أن الإشكال الذي تعاني منه المنظومة الصحية في المغرب؛ إلى جانب نقص الموارد البشرية والتمويل، هو مشكل الحكامة، ما يتسبب في هدر الإمكانيات المالية والبشرية المتوفرة.
ويتمثل مشكل الحكامة في المنظومة الصحية المغربية، وفق حمضي الذي كان يتحدث لصحيفة “آشكاين”، في نقص الموارد البشرية؛ خاصة الأطباء، حيث يتوفر المغرب على ما يقارب 28 ألف طبيب في حين يلزم توفر أكثر من 34 ألف طبيب وفق منظمة الصحة العالمية، لكن لا يتم استثمار العدد المتوفر من الأطباء بطريقة مثلى، وهذا يظهر في أن الطبيب المتخصص في المغرب لا يقوم إلا بثلاثة استشارات “les consultations” يوميا في المستشفى العمومي، وهو “أمر غير معقول”.

كما أن الطبيب الجراح، يضيف الباحث في السياسات العمومية، لا يقوم إلا بعملية جراحية واحدة خلال ثلاثة أيام في المستشفى العمومي، وفق أرقام وزارة الصحة، وذلك لعدة أسباب تتمثل في نقص في التجهيزات والبنيات التحتية والإمكانيات، ما يتسبب في عدم استثمار الموارد البشرية بالشكل الأمثل، وهو مشكل مرتبط بالحكامة، ليس فقط على المستوى البشري وإنما على مستوى التجهيزات والبنيات التحتية والموارد المالية.
وأوضح الطيب حمضي أن الإصلاحات التي يقودها الملك محمد السادس في مجال الصحة ترتكز على معالجة كل الإشكالات وعلى رأسها مشكل الحكامة، من خلال مجموعة من الأبواب، منها الرقمنة التي ستزيد الشفافية والمراقبة وتحد من هدر الإمكانيات، والمسار الموجه للعلاج من خلال توفير طبيب لكل مواطن مغربي يتتبع صحته، إضافة إلى الجهوية التي ستمكن الجهات من العدالة الصحية، والخريطة الصحية التي ستحدد خصاص وإمكانيات كل منطقة.
ويؤكد متحدث “آشكاين”، أن المؤسسات المحدثة؛ ومنها الهيئة العليا للصحة، المجموعات الصحية الترابية، الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، جاءت بالأساس لتحل مشكل الحكامة الذي تعاني منه المنظومة الحصية.
“إذا كانت وزارة الصحة تتكفل ببناء المستشفيات وتجهيزها وتمويلها وتعين الأطباء والأطر وتؤدي أجورهم وتسهر على الإهتمام بالمرضى وتوفر كل الإمكانيات وتتدخل إذا حدث خلل وتفتح تحقيقات وتفرج عن النتائج..، فالأمر سيبقى على ما هو عليه”، يسترسل الطبيب، مستدركا “مستقبلا وزارة الصحة ستتكفل بالإستشفاء داخل المستشفيات؛ مثلها مثل المؤسسات الصحية في القطاع الخاص، في ما ستتكفل الهيئة العليا للصحة بمراقبة جودة الخدمات وجودة الأدوية وغيرها”.
وأشار المتحدث إلى أن وزارة الصحة هي التي تتكفل بمراقبة الأدوية وتحدد أسعارها وآثارها الجانبية وتقييم فعاليته، لكن مستقبلا ستسقط هذه المهام عن الوزارة؛ وستتكفل بها الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، الأمر ذاته بالنسبة للدم الذي ستتكفل به والوكالة المغربية للدم ومشتقاته.
وبحسب الباحث في السياسات الصحية فإن إحداث هذه المؤسسات وإعطائها استقلاليتها المالية والإدارية للإضلاع باختصاصاتها سيؤثر إيجابا على المنظومة الصحية، ومن شأنه أن يحد من مشكل الحكامة وهدر الإمكانيات.
وخلص حمضي بالإشارة إلى أن التعيين في هذه الهيئات سيتم داخل المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك وليس المجلس الحكومي، معتبرا أنها “إشارة قوية”، خاصة أن الهدف من إحداث هذه الهيئات “ليس هو تأثيث الفضاء بمؤسسات جديدة؛ ولكن هو إبراز إرادة ملكية قوية لتلعب الادوار الموكوله لها في تجويد الحكامة وتطوير المنظوة الصحية الوطنية”، وفق المتحدث.