2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
حركات يعدد الأبعاد الاقتصادية بعد العفو الملكي على آلاف مزارعي “الكيف”

أصدر الملك محمد السادس، مساء يوم الاثنين 19 غشت الجاري، عفوا، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، على 4831 شخصا من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي المتوفرين على الشروط المتطلبة للاستفادة من العفو.
فبالقدر الذي خلق هذا العفو حالة من الارتياح وسط عائلات وممتهني زراعة القنب الهندي، بالقدر الذي أثار تساؤلات عن المكاسب الاقتصادية لتجارة الكيف بعد العفو الملكي على آلاف المزارعين، خاصة في ظل إصدار الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي آلاف التراخيص.
وفي هذا الصدد، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد حركات، أن “العفو الملكي سيفتح صفحة جديدة، لأننا عندما نتحدث عن الريف فنحن نتحدث عن مناطق لها خصاص في المجال الاقتصادي والزراعي والصناعي”.
وأوضح حركات، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “فتح صفحة جديدة يتم من خلال تبني العمل المنتج الذي يخلق فرص شغل في المنقطة، وخلق ثروة فيها”، منبها إلى أنه “يجب إدماجهم بعد خروجهم من السحن، نظرا لما كان لديهم من خوف من القانون والمتابعة”.
وأكد أن “التحدي الآن هو كيفية إدماجهم، سواء من خلال العمل في حقولهم السابقة، أو يإحداث صناعات مقننة، مثل الأدوية، لكن يبقى التساؤل مطروحا عما إن كانت البنية التحتية مهيأة لهذا الغرض، نظرا لأن بعض المناطق في الجبال تغيب فيها بنية تحتية، وهنا سنعود إلى إشكالية مفادها أنه لا يمكن أن نعفي عن هؤلاء المزارعين ونبقي على أشخاص خرجوا للشارع للمطالبة بهذه البنية التحتية”.
وشدد على أنه “وجب فتح صفحة جديدة من أجل التعبئة للعمل المشروع والجدي والذي يخلق الثروة للجميع، لأن هؤلاء المفرج عنهم هم مجرد مزارعين صغار لديهم بقع أرضية صغيرة يقتاتون منها، ما يعني أنه يجب إحداث موارد”.

وتابع أنه “يجب إحداث نموذج تنموي جديد خاص بهم، وأن يكون الاهتمام بهذه الجهة بشكل كبير، علما أن المغرب أحدث تنمية مجالية في بعض المدن الكبرى من خلال الربط الطرقي”.
ونبه إلى أن “هذه المنطقة كانت تعيش اقتصادا أسودا، فزيادة على المتاجرة بالكيف في ظروف صعبة، نجد مسألة المساواة أمام القانون، ثم كيف نجعل هذه المنطقة تهمتم بالدراسة والمعرفة أكثر من الاتجار في الكيف”.
وأضاف أن “هذا العفو يجب أن يكون بداية لحملة وطنية كبيرة قوامها خلق مصادر جديدة للثورة والانفتاح على المدن، وعدم الانغلاق”، مذكرا “بحادث ريان وما بذل لأجل إنقاذه لكن بعد الحادث بقيت البلدة على حالها”.
وأردف أنه “يجب العمل على خلق قانون يساوي بين هؤلاء ويجرم الاحتكار في مجال زراعة وبيع القنب الهندي، وهو أمر مرتبط بالحكامة الشاملة للبلاد وليس المنطقة لوحدها، دون أن ننسى الإفراج عن الشباب الذين نادوا بإصلاح المنطقة، لأنه لا يمكن أن يبقوا في السجن، في الوقت الذي أفرج فيه عن مزارعي الكيف، لأن الملفين مرتبطين بشكل أو بآخر”.
وشدد على أنه “يجب أن تكون هناك صفحة جديدة لبناء اقتصاد إنتاجي شفاف، يرتكز على العدالة الاجتماعية وتطبيق القانون والمساءلة المالية، وتطبيق مبدأ من أين لك هذا على الجميع، لأننا نجد أن التجار الكبار راكموا ثروة ضخمة وامتلكوا العقارات وتم التغافل عنهم، في حين أن صغار المزارعين دخلوا السجن، إلى أن جاءت الإرادة الملكية وأخرجتهم من السجن”.
ومما اقترحه حركات “إدماج هؤلاء المزارعين في عمل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، نظرا لما راكموه من خبر ة ميدانية، ويعرفون جغرافية القنب، حيث يعرفون المناطق التي يمكن أن تصلح لزراعة النبتة، كما سيفيدون في الانتقال من الزراعة إلى الصناعة، ولديهم خبرة ميدانية لا يمتلكها سواهم، ولديهم معلومات تقنية عن المنطقة والنبتة”.
وأبرز أنه “يجب الإنصات لهؤلاء وإشراكهم في صياغة خارطة طريق للانتقال من اقتصاد القنب واقتصاد الكيف، إلى اقتصاد معترف به وشفاف وصناعي، واقتصاد يمكنه أن يصدر، من خلال خلق وحدات صناعية في عين المكان، كما يجب إشراكهم في أخذ القرار الصناعي، كونهم على دراية أكثر من غيرهم بهذا المجال”.
واعتبر المتحدث أن هناك “ثلاث أبعاد لهذا الملف، أولها البعد الاقتصادي، والمتعلق بإدماج هؤلاء المزارعين، لأنهم نفسانيا مستعدون للعمل وتجاوزوا مرحلة الحرج في ممارسة هذه الزراعة، مع تعزيز عنصر الثقة ورد الاعتبار والانصات إليهم، علما أن المبادرة الملكية بالعفو عنهم، كان فيها رد للاعتبار لهؤلاء”.
وثاني هذه الأبعاد، يضيف حركات، هو “البعد السيكولوجي والسوسيولوجي، لأن هذه المقاربة السيكولوجية تعتمد على أن هذا الشخص لن يحس بالذنب مستقبلا، ولديه أفكار وسيمشي في الشارع مرفوع الرأس، ولن يخفي ممتلكات أو يهربها خارج منطقته، بل سيستثمر في منطقته، بدل الخوف الذي كان سائدا من ظهور معالم الثروة للمزارعين وسط أبناء دواويرهم ما كان يدفعهم للاستثمار وبناء العقارات في مدن أخرى مثل الرباط أو طنجة أو مدن كبرى أخرى”.
وخلص إلى أن الأمر “يحتاج إلى بعد آخر، يتعلق بالديموقراطية المحلية، من خلال أشخاص يريدون خدمة مواطني المنطقة، إذ أن هؤلاء المفرج عنهم يجب توفير منظومة ديموقراطية جديدة لهم، حيث أنهم كانوا في موقع شبيه بالانتقام، من الدولة والواقع، نظرا لأنهم غير راضون عمن يمثلهم في المجالس البلدية والبرلمان، حيث تبين في عدة مناطق أن بارونات المخدرات هم من وصلوا للبرلمان، وعدد منهم متابع، ما يعني أن هؤلاء المزارعين لا يمكن إدماجهم في منطومة إنتاجية بدون منظومة ديموقراطية محلية”.