2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الأندلوسي يبسط أسباب وخلفيات تكثيف عمليات افتحاص ملفات الجماعات الترابية بالمغرب (حوار)

كثفت وزارة الداخلية وقضاة المجلس الأعلى للحسابات عمليات افتحاص ملفات عدد من الجماعات الترابية في المغرب خلال السنوات الأخيرة، ما أسفر عن محاكمة عدد من الرؤساء وعزل بعضهم من مناصب بسبب اختلالات إدارية ومالية.
في الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذه العمليات التي ظهرت مؤخرا بشكل بارز وملفت من شأنها ترسيخ قواعد الحكامة الجيدة بالجماعات الترابية، يرى البعض الآخر أن من شأنها أن تخوف المرشحين وتنفر الشباب عن الممارسة السياسية؛ خاصة بعد “جرجرت” العديد من الرؤساء في ردهات المحاكم.
ومن أجل مناقشة هذا الموضوع، تستضيف الصحيفة الإخبارية “آشكاين” في فقرة “ضيف السبت” لهذا الأسبوع، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية وعضو مجلس جماعة الحسيمة؛ نبيل الأندلوسي.
في ما يلي نص الحوار:
بداية، كيف ترى كثرة عمليات افتحاص عدد من الجماعات الترابية بالمغرب مقارنة مع السنوات الماضية؟
من حيث المبدأ فربط المسؤولية بالمحاسبة، هو مبدأ دستوري، ويعتبره الفصل الأول من دستور 2011، كأحد أسس النظام الدستوري للمملكة، ومن هذا المنطلق فعمليات الافتحاص للجماعات يبقى أمرا عاديا، بل ومطلوبا لتكريس الحكامة وشفافية تدبير الشأن العام، باعتبارهما مطلبين شعبيين.
وبالمناسبة فعمليات الافتحاص كانت دائما موجودة، وهي من الآليات التي يؤطرها القانون لتجويد عمل المؤسسات المنتخبة، ولجم أي انحراف ممكن الوقوع، لكن بروزها مؤخرًا بشكل بارز وملفت، مقارنة مع الولايات الانتدابية السابقة، راجع بالدرجة الأولى لطبيعة النخب التي أفرزتها انتخابات 8 شتنبر 2021، وهذه هي الحقيقة التي يجب الوقوف عندها واستخلاص الدروس منها، خاصة أن عدد المتابعين من المنتخبين، إلى حدود الآن لا يمثلون إلا نسبة محدودة ممن شملهم افتحاص المفتشية العامة لوزارة الداخلية، أو تقارير المجالس الجهوية والمجلس الأعلى للحسابات، فيما تحول حسابات وتقديرات سياسية لدى بعض المسؤولين، ربما، دون تحريك البقية.
وهل يمكن لهذه العمليات ومحاكمة هؤلاء الرؤساء وعزل بعضهم أن يحد من فساد التدبير الجماعي بالمغرب؟
على الأقل يمكنها أن تقلل من حجم الخروقات التي يمكن أن ترتكب، أما الحد من فساد التدبير على مستوى المؤسسات المنتخبة، فهو مرتبط بما هو أكبر من المقاربة الزجرية أو تكثيف عمليات الافتحاص أو المراقبة، ويجب أن تتبلور كسلوك وثقافة سياسية من خلال عمل وتأطير الأحزاب السياسية، وتكريس نزاهة العملية الانتخابية، والقطع مع المال الحرام في الانتخابات، ومصالحة المواطنين مع السياسة.
طيب، البعض يرى أن مثل هذه الحملات ستؤدي إلى تخويف السياسيين وعدم تقدم العديد من المواطنين خاصة الشباب لتحمل المسؤوليات في المؤسسات المنتخبة، كيف ترى ذلك؟
الأصل أن لا يتعلق الأمر بحملات، وإنما بتطبيق القانون وتفعيل آليات الرقابة بشكل طبيعي ودائم وتلقائي، وبعيدا عن منطق الاستهداف لهذا الحزب أو ذاك، أو لهذا الرئيس دون غيره من الرؤساء، حيث أن القانون يجب أن يطبق على الجميع دون محاباة أو استهداف، هذا هو الأصل، الذي يجب أن يحصن، تحقيقا للاختيار الديمقراطي، الذي يبقى أحد أهم ثوابت الأمة المغربية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، وهو الضمانة لولوج مهام التدبير دون خوف.
الخوف قد ينشأ من الاستهداف الشخصي أو الحزبي، وليس من تفعيل آليات الرقابة القانونية والإدارية والقضائية، والتوجس قد يكون، حال أستغل القانون ضد أطراف دون غيرها، أما إذا تساوى الجميع أمام القانون، فهذا هو المطلوب ولا يمكن تدبير الشأن العام دون رقابة قانونية. وهذا في حد ذاته محفز لذوي الإرادات الحسنة في تدبير الشأن العام، وليس منفرا، شريطة تساوي الجميع تحت سقف القانون.